Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/04/2010 G Issue 13720
الخميس 08 جمادى الأول 1431   العدد  13720
 
المنشود
حرارة جسدك، طاقة بديلة!!
رقية سليمان الهويريني

 

تخيل أنه بإمكانك أن تمد هذا العالم بطاقة جسدك المهدرة! وأقصد طاقتك أي الحرارة المنبعثة من جسمك، هكذا ذكرت شبكة (c.n.n) في أخبار الجمعة 16-4-2010م. وأشارت أن هناك مبادرة بيئية جديدة تعتمد على جمع حرارة أجسام أكثر من 250 ألف شخص يرتادون محطة قطارات ستوكهولم يومياً، ومن ثم استخدامها لتسخين كميات كبيرة من المياه التي تقوم لاحقاً بتأمين الدفء لمجموعة من الأبنية المحيطة بالمحطة. وقد بدأت بالفعل جهات سويدية تطبيق تلك المبادرة البيئية الحديثة والفريدة من نوعها، تتمثل بتحويل حرارة أجساد البشر إلى مصادر للطاقة الصديقة للبيئة، هذه الطاقة كفيلة بتأمين التدفئة المركزية للأبنية!

وقال (كارل ساندهولم) مدير مشروع (التدفئة بحرارة الجسم) في شركة غيرنها سن السويدية: (هذه الطاقة متجددة ورخيصة، والمبدأ بسيط، ويقتصر على خزانات المياه وتمديدات الأنابيب) ولكنه لم ينس الإشارة إلى أنه لم يسبق لأحد في العالم أن استخدمها على هذا النحو.

وبدا ساندهولم متحمساً وهو يشرح لمجلة ( تايم) التقنية المستخدمة في العمل بالقول: (إن أجهزة التهوية المستخدمة في محطة قطارات العاصمة السويدية تعمل كل صباح على سحب الهواء الساخن بفعل الحرارة الناجمة عن حركة المسافرين ونشاطهم، وتستخدم لتسخين خزانات مياه المحطة، ونقل المياه الساخنة للمكاتب المراد تدفئتها عبر أنابيب خاصة، مما يمكن أن يوفر ما بين 15- 30% من احتياجات التدفئة في الموقع).

وبحسب ساندهولم، فإن كلفة التدفئة انخفضت20% بعد تشغيل النظام الذي دخل حيز الخدمة شهر مارس الماضي، الأمر الذي يعوض مصاريف تركيب النظام خلال وقت قصير.

ويؤكد هذا الرجل الحالم أن نجاح المشروع على مستوى محطة ستوكهولم ومحيطها يفتح الباب أمام تطوير هذه التقنية على مستويات أوسع بكثير، طبعاً هذا إذا تمكن العلماء من اكتشاف طريقة تتيح جمع حرارة أجسام الناس في منازلهم أو أماكن عملهم. ولكنه بدا غير متفائل حين أشار لمصاعب عدة تتمثل بصعوبة نقل الهواء الساخن بفعل حرارة أجسام البشر لمسافات بعيدة دون فقد حرارته، لذا رأى ضرورة استخدام هذه التقنية في أبنية متجاورة ومكتظة.

كل ذلك يحدث بالسويد البلاد ذات الأجواء الباردة! فماذا لو كان الأمر في بلادنا التي تغلي صيفاً وتصل فيها درجة الحرارة للستين درجة مئوية؟!

كنت أود حقاً أن أزرع التفاؤل في قلب هذا السويدي العبقري وأدعوه لتطبيق دراسته وأبحاثه ومبادرته الراقية في بلادنا الحبيبة، حيث لن يحتاج للعدد الذي أشار إليه المتمثل بمائتين وخمسين ألف شخص، وسيكفيه مائتين وخمسين من دون ألف لتسيير قطار بما يزيد عن ألف كيلو متر. وإن احتاج الأمر استعان بحرارة المسافرين! بحيث يدفع كل مسافر تذكرته من حرارته، وتكون الدرجة الأولى لمن يقايض بأكبر كمية من الحرارة وبعث أبخرة من جسمه بإمكانها جعل القطار يقلع نحو السماء ويتحول لطائرة بدون أجنحة! طبعاً مع عدم احتساب رائحة الأجساد التي قد يخرج لنا خبير فيرشدنا بطرق للاستفادة منها في إطلاق صواريخ إلى المريخ!

برغم أنني أتوقع بتشاؤم أن تقابل تلك الدراسات بمصاعب اجتماعية ونفسية وتربوية حيث سيرفض الناس جمع حرارتهم ورائحتهم بدعوى أن كل واحد أولى بحرارته! ليستغلوها في تشغيل الأجهزة الكهربائية، لاسيما في فصل الصيف ويرفعوا عن كواهلهم أعباء فواتير الكهرباء، بل قد تكون لها منافع مزدوجة حيث سيستغنون عن المكيفات لجمع أكبر قدر ممكن من الحرارة.

وددت لو أوصي (ساندهولم مدير المشروع) أن لا يُفرِط كثيراً في الأكل قبل نومه، ويتعوذ من الشيطان الرجيم، ولا يتحدث بأحلامه أمام شبكات التلفزيون، وإلا سيقتله حسدنا!!

www.rogaia.net

rogaia143@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد