يسعى المرور من خلال برامجه وتجاربه المتعددة إلى مطاردة المخالفين ومعاقبتهم، وذلك رغبةً في التقليل من أخطار تلك المخالفات وتأثيراتها السلبية على الأرواح والممتلكات، بالإضافة إلى تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
ولكن أرجو أن يضع رجالات المرور - الذين يقدر لهم الجميع جهدهم وعملهم المتواصل في هذا المجال - إحصاءات واضحة ودقيقة تبين إنجازات الحملات المرورية التوعوية وغيرها في تقليل نسبة الخسائر من الأرواح والممتلكات. لأن هذا هو الذي يهم المواطن والمقيم، فليس هناك أغلى من روح أب أو أخ أو ابن ذهبت نتيجة سرعة جنونية أو قطع إشارة جهاراً نهاراً، وحينها لا نريد من مرورنا سوى الدعاء لهم بالرحمة!
والسؤال الذي يطرحه كل الناس في مجالسهم هذه الأيام: هل ستساعد هذه الحملات والبرامج المرورية القادمة على الحد من إزهاق الأرواح وخسارة الممتلكات؟ إن هناك - للأسف - المئات وربما الآلاف من المعاقين والمصابين سنوياً نتيجة حوادث السيارات داخل المدن وعلى الطرق السريعة، مما جعل الجميع يتساءل بصوت مجروح: من المسؤول؟ هل هم رجال المرور الذين يرون المخالفين أمام ناظريهم وكأن الأمر لا يعنيهم؟ أم هي قلة الجدية في تطبيق النظام على جميع المخالفين؟ إن الناس ربما يستغربون بقاء بعض منسوبي المرور في مكاتبهم الوثيرة على الرغم من الحاجة الماسة لمشاركتهم ميدانياً للحد من المخالفات المرورية والتقليل من عدد الوفيات، من خلال التطبيق الحازم والعادل لأنظمة المرور مع كل مخالف دون محاباة أو مجاملة.
لقد أصبحت الحوادث نتيجة السرعة الزائدة أو قطع الإشارات هي السبب الأبرز للوفيات خاصةً أنها تحصد وتزهق أرواح الشباب، مما يحتم على الجهات ذات العلاقة وضع الحلول التوعوية والتطبيقية التأديبية اللازمة، من أجل المحافظة على أرواح الشباب، وتخفيف الأعباء على القطاع الصحي، نظراً لازدحام المستشفيات بالمصابين والمعاقين، مما يحمل الأسر الأعباء المالية والاجتماعية الكبيرة.
وهنا أقول: إنه لا بد من تكثيف المرور السري لأنه يعد تجربةً متميزة في التخفيف من الكثير من المخالفات، وبخاصة السرعة الجنونية في الطرق الدائرية. كما أنه لا بد من ابتعاث عدد من رجال المرور إلى بعض الدول المتقدمة، لاكتساب المعارف والمهارات التي تساعدهم في العمل على التقليل من الخسائر الناتجة عن الحوادث المرورية، بالإضافة إلى ضرورة الإفادة من التقنيات الحديثة التي تساعد في هذا المجال. ويبقى الجانب التثقيفي والتوعوي أحد أهم المحاور التي من الممكن أن تساعد في هذا الشأن، وذلك من خلال عمل المحاضرات في المدارس والجامعات، بالإضافة إلى مشاركة خطباء المساجد في الحديث عن أضرار السرعة والتهور في القيادة، وأهمية التقيد بقواعد المرور في الحفاظ على سلامة الآخرين. إن السرعة ليست السبب الوحيد في حوادث السيارات، لكن السبب الرئيس - في ظني - هو عدم الالتزام بأنظمة المرور، حيث إن كثيراً من الحوادث المرورية يحدث بسبب عدم الانضباط واتباع الإرشادات المرورية. والمؤلم حقاً أن (بعض) رجال المرور - للأسف - لا يلتزمون بتطبيق الأنظمة المرورية مثل عملية الوقوف الخاطئ وتغيير المسار وغيرها.
وأخيراً، أوجه نداءً إلى كل شاب يقود سيارته بسرعة وتهور أو يقطع إشارة في أي وقت من ليل أو نهار أن يتذكر أنه قد يحرم عائلة من والد أو أم، وقد يحرم أسرة من ابن أو بنت، بل إنه يساهم في زيادة بكاء الأمهات والآباء والأولاد والبنات الذين يتجرعون غصص الفجيعة ولوعة الفراق!
alelayan@yahoo.com