المياه قضية رئيسة في حياتنا كوننا في صحراء معقدة في تركيبتها الجيولوجية والطبوغرافية بحار من الرمال ودرع عربي تقل فيه مياه الشقوق، ويرافق ذلك ندرة الأمطار والبحيرات والأنهار ورغم ذلك قضية المياه مغيبة في التخطيط الأكاديمي... فإذا كان النفط سلعة إستراتيجية وأهم مخزوناتنا وعصب اقتصادنا لقي من المخططين الاهتمام الذي يجب أن يستحقه بإنشاء وزارة للبترول وجامعة للبترول وشركات كبرى للبترول وصناعاته أرامكو وسابك وأنشأت له مدن الجبيل وينبع... ورغم أن المياه في بلادنا تتوازى واهتمامات النفط فقد أوجد لها المخطط وزارة بالشراكة مع الكهرباء وتخصصات علمية متفرقة على الجامعات ومؤسسة ناشئة للمياه والصرف الصحي ومؤسسة للتحلية، إلا أن المياه لم تحقق أهدافها التي يجب أن تكون في الاستفادة من مياه تصريف السيول ومياه الصرف الصحي ومياه التسربات الزائدة ولم تستفد بدرجة أكبر من مياه الأمطار التي تصرف إلى البحر الأحمر غرباً والخليج العربي شرقاً حيث تنتهي بعض الأودية الكبيرة إلى البحر وهضاب وحرات وجبال مثل: جبال السروات تصرف مياهها في مناطق تقسيم المياه إلى البحر الأحمر، وأودية ومجاري تنتهي مياهها إلى القوس الرملي الكبير الذي يمثله: النفود الكبير ونفود الدهناء ونفود الثويرات ونفود عريق البلدان ونفود المظهور ورمال الجافورة والربع الخالي، وهذا هدر مائي رغم وجود السدود الكبيرة ومصائد المياه الصغيرة.
ونظراً لأهمية المياه لبلادنا سواء مياه الأمطار أو المياه السطحية الضحلة أو المياه الجوفية العميقة (المياه الجيولوجية) لماذا لا يتم تأسيس جامعة للمياه تجمع فيها جلّ التخصصات المتعلقة بالمياه من الجيولوجيا وهندسة المياه، والمعالجات، وطبوغرافيا، وجيمورفولوجيا والاستيطان بدلاً من توزع تخصصات المياه على جامعة الملك فهد وكليات العلوم وكليات الهندسة وكليات الأغذية (الزراعة) وكليات الآداب. بلادنا في هذه المرحلة بحاجة إلى التخصصات الدقيقة في هندسة المياه والعمق الجيولوجي والتوزيع الجغرافي وشبكة الأودية، وهذا لا يتحقق إلا بوجود وزارة للمياه وجامعة للمياه تضم داخلها كليات ومعاهد وأكاديميات لتخريج جيل متخصص يدعم وزارة المياه التي كان تشكيلها في السابق قائماً على الزراعة وتم إضافة الكهرباء... فالدول تخطط للوزارات والدراسات الأكاديمية وفقا لحاجتها وبلادنا ليست بلاداً نهرية ولا مطرية ومياهنا إما تأتينا من جوف الأرض الذي بدأ ينضب ويتضاءل ويصبح غوراً أو من مياه السيول التي تغذي الآبار القريبة من السطح أو المياه المعالجة - ومازلنا في البدايات - أو مياه التحلية وهذه أيضاً كلفتها عالية. لذا من المناسب إيجاد جهات أكاديمية كجامعة متخصصة في المياه لتساند وزارة المياه لإيجاد حلول لصحرائنا العطشى ومنازلنا التي أصبحت أيام السقيا تتباعد وبعضها يعيش على صهاريج المياه المتجولة.