الفقر هو المطلوب، والجهل هو المرغوب، وكلاهما هدف رئيسي من أهداف تنظيم القاعدة التي يعول عليها المتطرفون والمتشددون من زعامات ذلك التنظيم وغيرهم لتجنيد من يمكن تجنيدهم من الشباب الفقير الجاهل لتقديهم كقرابين قاتلة على مذابح ما يسمى بالجهاد من أجل الإسلام.
المؤسف حقاً أن ذلك الجهاد المزعوم يخاض نقعه في عرين الدول الإسلامية وضد مصالح وأهداف الشعوب الإسلامية كما رأينا ولا زلنا نرى الكثر من تلك الحقائق الوخيمة التي تظهر نتائجها الفتاكة من وقت لآخر أمام أعيننا منذ زمن نشوب فتنة الإرهاب الكبرى عام 2001م.
هذا ما شهدناه أكثر في اليمن، وأكثر بمراحل في الباكستان التي تتواصل فيهما عمليات الإرهاب الجهادية ضد الأهداف والمصالح اليمنية والباكستانية من ضرب وقتل وتفجير طال الآمنين ودمر ممتلكات الأبرياء وأهدر أموالهم ودماءهم، حتى وصل الأمر لقتل الأبرياء في معسكرات النازحين واللاجئين الباكستانيين والأفغان.
في اليمن على سبيل المثال فإن الدعوات المتشددة لرفض المساعدات والمعونات الخارجية أيا كان مصدرها ارتفعت وتنامت بشكل ملموس ومحسوس لا لشيء وإنما لتعزيز وتأطير أعداء الإنسانية الأربع في اليمن (الفقر، والجهل، والمرض، وبالطبع الفساد) واستغلال من يقعون في أطرها كقنابل بشرية قاتلة ومدمرة.
على سبيل المثال لا الحصر قام عبد المجيد الزنداني بحملة شديدة ضارية ضد المساعدات الخارجية لليمن متذرعاً بأنها وسيلة الاستعمار الجديد لليمن، ومؤكداً حرصه على اليمن وشعب اليمن، على الرغم من الحقائق التي أوردتها منظمة الأمم المتحدة عن الزنداني التي تؤكد بأنه على علاقة وثيقة بالإرهاب العالمي خصوصاً بتنظيم القاعدة!!.
وتندرج هذه الحقيقة المرة أيضاً على الباكستان حيث يتم تجنيد الشباب الفقراء الجهلة خصوصاً في أمور الدين، ومن ثم استلاب أفكارهم وعقولهم واستثارة غضبهم وسخطهم، وتوظيف قدراتهم وطاقاتهم للقيام بعمليات إرهابية دموية يقال لهم بأنهم سيدخلون الجنة بموجبها وينعمون بصحبة حور العين فيها.
المتطرفون على ما يبدو هناك سواء في اليمن أو الباكستان ليس لديهم من مانع أو حتى أي اعتراض على الأجانب الذين قدموا إلى اليمن من مختلف أنحاء العالم، خصوصاً من تنظيم القاعدة في أفغانستان، الذين يستغلون فقر الشباب اليمني والباكستاني لتوظيفهم كقنابل إنسانية متحركة تفجر نفسها ضد مجتمعاتهم. بل لا اعتراض لدى المتطرفين والمتشددين اليمنيين على اختراق تنظيم القاعدة لأمن واستقرار اليمن وإنشاء تنظيم ما يسمى (بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية)!!.
المطلوب إذن أن ترتفع أعداد الفقراء والجهله خصوصاً: الشباب الجاهل، الشباب غير المتعلم، الشباب العاطل عن العمل، الشباب الحاقد الثائر في اليمن والباكستان (أو في أي دولة عربية أو إسلامية أخرى) حتى تسهل عمليات إغوائهم واستغلالهم واستلابهم فكرياً ليصبحوا أدوات طيعة في أيدي تنظيمات وجماعات التطرف والإرهاب. وبالطبع لا يمكن أن يتحقق هذا الهدف إلا بضرب مصادر الدخل المادي في بلاد المسلمين خصوصاً في اليمن والباكستان بكافة الوسائل الممكنة والمتاحة بداية من إرهاب مصادر السياحة الخارجية، مروراً بإرهاب الجاليات الأجنبية، ونهاية بإرهاب المساعدات والمعونات الخارجية إقليمية كانت أم دولية.
تكمن المشكلة في أن الوعي الإنساني على مستوى الفرد أو حتى على مستوى الجماعة بهذه المخاطر والمساوئ المهلكة قد لا يأتي إلا متأخراً جداً، كما يقال (بعد خراب عمورية). هذا ما لمسناه من الكثير ممن سلكوا دروب التطرف والإرهاب والتكفير، فكفروا وساهموا في نمو الحركة الإرهابية ومن ثم عادوا إلى صوابهم واستعادوا رشدهم... لكن بعد أن خربوا ليس مدينة عمورية وحدها وإنما عموريات لا حصر لها ولا عدد.
www.almantiq.org