Al Jazirah NewsPaper Tuesday  20/04/2010 G Issue 13718
الثلاثاء 06 جمادى الأول 1431   العدد  13718
 

دفق قلم
في منزل الماضي يُورق الأدب
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

كان الوقت الذي قضيته مع عدد من الفضلاء في منزل سعادة الأستاذ الأديب عبدالله بن عبدالمحسن الماضي وقتاً قصيراً في مقياس الزمن؛ لأنه كان محصوراً بين المغرب والعشاء يوم الجمعة المبارك، ولكنه في مقياس الضيافة الكريمة، والحوار الفكري والأدبي الهادف، كان وقتاً غنيّاً بالفائدة، مفعماً بالمشاعر الصادقة، والمودَّة المشرقة، كان وقتاً جميلاً شعرتُ بجماله من اللحظة الأولى التي دخلت فيها إلى فناء منزل أبي عبدالمحسن - وفقه الله -؛ لأن الابتسامة، والكلمات الطيبة، والترحيب الحار كانت في استقبالي هناك، في ذلك الفناء الطيب المبارك. عددٌ من الحضور تبادلنا سوياً أطراف الأحاديث، ورفرفنا جميعاً بأجنحة الأدب والشعر، وتناقشنا في بعض القضايا الفكرية المتعلّقة بما يجري في الساحة الثقافية عموماً، والأدبية خصوصاً، والإعلامية على وجه أخصّ، وكان أخونا الفاضل المهندس عبدالمحسن الماضي هو الذي فتح لنا وكاءَ قِرْبَةِ المناقشةِ بسؤالٍ طرحه لم يكن يخلو من إثارة (مقبولة) لموضوع مطروح بين المثقفين منذ زمن يتعلّق باختلاف الأساليب والمناهج التي يطرحها بعض العلماء والدعاة والمفكرين من زمن إلى زمن، ومن موقع إلى موقع، كيف يتم، وما حدود التغيير المقبولة في هذا الإطار؟ ومتى يكون التغيير أو اختلاف الأسلوب والمنهج سلبياً؟ ومتى يكون إيجابياً؟ وكانت خلاصة رأيي الذي طرحته أن الثبات على المنهج الحق أمر واجب لا يصح للعالِم أو الداعية أن يغيّره ويبدّله، أما الأساليب والوسائل فمجال التغيير فيها مجال فسيح، والاختلاف فيها بين مرحلة ومرحلة سائغٌ، ما دام منطلقاً من استقراء صحيح للواقع الذي يتغير بتغيّر الزمان والمكان؛ ولذلك فإنه من الإجحاف بحق عالِم أو داعية أو مفكِّر رأى تغيير بعض الأساليب في الطرح بما لا يؤثر سلباً على المنهج، والأسس الثابتة للمبادئ التي يؤمن بها ويدعو إليها الناس، أن نسيء به الظن، ونتحدث عنه بما لا يليق. ثم كان مجال الشعر بمطالبة مكرَّرة من مضيفنا العزيز الأستاذ عبدالله، وكانت جولة الشعر على قدر الوقت المخصَّص.

في منزل الأستاذ الفاضل عبدالله بن عبدالمحسن الماضي يُورق الأدب، ويفوح شذا الحِكْمة، وتهطل ديمة المحبة والمودة وكرم الضيافة، وتغرِّد ابتسامات الأُلفة والصفاء حتى تكاد تلمسها اليد كما تلمس أوراق زهرة نديّة مورقة.

ثم كان الإكرام حين الوداع من أبي عبدالمحسن بتقديم كتابه الجديد هدية ثمينة بالنسبة إليّ، وهل هنالك أثمن من إهداء كتاب؟ إنه كتاب (نشأة الإخوان ونشأة الأرطاوية)، وقد كتب في إهدائه إلي عبارات تدلُّ على قيمة هذا الكتاب التاريخية التوثيقية لأحداث مرحلة من مراحل تاريخ الدولة السعودية في بدايات عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، جاء في إهدائه: لمراتع الطفولة والصبا الأثر البالغ في النفس، وبالرغم من معاناة اليُتْم والبُعْد عن الأهل والأقارب، والعيش في هجرة (الأرطاوية) منذ عام 1355هـ ومواجهة شظف العيش وخشونة التربية، إلا أن للمربي شوقاً وحنيناً. لقد كان لي - منذ الصغر - معايشة لكبار السن وشيء من القراءات عن الإخوان وعن الأرطاوية؛ ما تمخَّض عنه صدور كتابي (نشأة الإخوان ونشأة الأرطاوية)، متضمناً شيئاً من الإيضاح وتنقية تاريخهما من الخلط وبعض الشوائب.. أهدي نسخة منه إليك؛ مؤملاً أن ينال الاستحسان.

وأقول: شكراً لك أبا عبدالمحسن؛ فقد قرأتُ عدداً لا بأس به من صفحات كتابك هذا، ووجدت فيه من المواقف والوثائق والمراسلات ما يستحق أن يُعنى به القارئ الذي يتوق إلى التصحيح والتوثيق والمعرفة الصحيحة بجزء من تاريخ وطنه الغالي، ومعاناة المؤسسين الذين واجهوا صعوبات البدايات، ومتاعب وضع الأسس لإقامة البناء.

أشكر مجلس الماضي الأدبي ممثلاً في صاحبه الأستاذ الأديب أبي عبدالمحسن، وأشكر كلَّ مَنْ حضروا ذلك المجلس من المثقفين المحبين للأدب والثقافة والنقاش الهادئ المفيد.

إشارة:

وأبلغْ بني الدنيا جميعاً بأننا

نحاولُ دفعَ الشرِّ والشرُّ هاجعُ

ونَأْلفُه عند انتشار شراره

بعزمٍ يقضُّ الخَطْبَ والخَطْبُ رائعُ

شعر الشيخ عبدالله بن عيدان


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد