الذين أحضروا الغزاة وجيوش الاحتلال إلى العراق ليغيروا النظام في العراق، وليهدموا كل بنى ومؤسسات الدولة العراقية وأقاموا دولة المخاصصة والتخندق في عفن الطائفية البغيضة، وكان ادعاؤهم وزعمهم أنهم استعانوا بالأمريكيين والبريطانيين لإعادة بناء العراق وتكوينه على أسس ديمقراطية وتحديثه وفق أساليب التطوير الغربي؛ فقد ظهر زيف ادعائهم وانكشف زعمهم؛ فقد أعادوا العراق إلى القرون الوسطى.
والأخطر من ذلك أن القيم والأخلاق التي طالما عُرف بها العراقيون، وقاتلوا للحفاظ عليها بتنا نرى هؤلاء الذين حضروا للعراق متدثرين بعباءة الاحتلال يدوسون على ما حافظ عليه العراقيون منها كواجب الضيافة، وإذا كان العراقيون يؤثرون على أنفسهم ضيوفهم، فإن ضيوف العراق في ظل الحكام الجدد يتعرضون للإيذاء والطرد، وإذا كان الفلسطينيون قد نالت منهم مليشيات الأحزاب الطائفية، فقتلت منهم ما قتلت، وشردت بعضهم وبعضهم لا يزال يقيم على الحدود مع سوريا مطروداً.
الجماعة الأخرى التي تعرضت للإيذاء والإساءة تمهيداً لطردهم هم سكان مخيم أشرف من اللاجئين الإيرانيين، والذين كانوا يقيمون في العراق منذ منتصف الثمانينيات، وبعد وصول حلفاء حكام طهران إلى الحكم في بغداد، أصبح معسكر أشرف يتعرض لهجمات وحملات ترهيب وإساءات متكررة نتج عن بعضها وفيات وإصابة أعداد كثيرة من الجرحى، والتي كان آخرها ما تعرض له معسكر أشرف ليلة الخميس - الجمعة في الشهر الحالي نيسان - أبريل؛ حيث قامت أعداد كبيرة من قوات الجيش المدعومة بخمس مدرعات من نوع همفي باقتحام مخيم أشرف، وانهالت على سكانه بالضرب بالهراوات الكهربائية والقضبان الحديدية مع توجيه الشتم والسباب، وقد أصيب عدد من سكان المخيم؛ منهم خمسة نقلوا إلى المستشفى.
محاولات اقتحام مخيم أشرف عدة مرات والاعتداء على سكانه هدفها إجبار هؤلاء اللاجئين على مغادرة العراق أو العودة لإيران؛ ليكونوا لقمة سائغة لمخابرات ملالي طهران الذين تشير المعلومات إلى أن عدداً منهم يعمل مع القوات العراقية المحيطة بالمعسكر، بدليل توجيه السباب والشتم باللغة الفارسية وبلهجات لا يمكن أن يجيدها حتى من تربوا في معسكرات الجيش الثوري وفيلق القدس الذي تفرغ عدد كبير منهم لقتل معارضي ملالي طهران.
jaser@al-jazirah.com.sa