Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/04/2010 G Issue 13716
الأحد 04 جمادى الأول 1431   العدد  13716
 
شواهد تاريخية على العلاقات السعودية البحرينية
زيارة خادم الحرمين للمنامة امتداد لزيارة جده ووالده وإخوانه من قبل

 

يقوم اليوم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيارة تاريخية لمملكة البحرين، وبهذه المناسبة لا بد من الحديث عن العلاقات الأخوية بين المملكتين. وبحسب أكثر من مؤرخ وكاتب فإن العام 1293هـ - 1876م هو المحطة الأهم في تاريخ العلاقة بين آل السعود وآل خليفة؛ فقد كانت العلاقة قبل ذلك التاريخ تمر بالمد والجزر، شأنها شأن كل المعمورة في تلك الأيام من كثرة المشاكل والفتن والقلاقل بين أبناء البلد الواحد، فضلا عن الدول المتجاورة.

في هذا العام التقى الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي شيخ البحرين عيسى بن علي آل خليفة، في زيارة لم تتلق القبول عند الدولة العثمانية. وفي سنة 1309هـ - 1891م وبعد سقوط الدولة السعودية الثانية أمر الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي نجله عبدالعزيز (الملك فيما بعد) أن ينقل العائلة السعودية إلى البحرين. يقول الشيخ عبدالله بن خالد الخليفة، وزير العدل البحريني السابق، عن الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي:

ووصل البحرين تقريباً في الشهور الأولى من سنة 1309هـ-1891م، ومعه جميع أسرته، ومن بينهم الملك عبدالعزيز البالغ من العمر 16 سنة؛ فرحَّب بهم الشيخ عيسى أجمل ترحيب، وأسكنهم المحرق في بيت كبير بجوار بيته الذي يسكنه من جهة الشرق، وبعد أن اطمأن الإمام عبدالرحمن على أسرته في كنف الشيخ عيسى الذي كان يرعاهم كأبنائه غادر البحرين إلى الجزيرة العربية ليعمل على استعادة بلاده، وكان أكبر أبناء الإمام عبدالرحمن سناً عبدالعزيز؛ فكان يحضر مجالس الشيخ عيسى، وكانت رجولة عبدالعزيز ونبوغه أكبر من سنه، وزامل عبدالعزيز أبناء الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، الذي كان له من الأبناء خمسة، هم:

1 - سلمان، وعمره آنذاك 19 سنة.

2 - حمد، وعمره آنذاك 17 سنة.

3 - راشد، وعمره آنذاك 14 سنة.

4 - محمد، وعمره آنذاك 12 سنة.

5 - عبدالله، وعمره آنذاك 8 سنين.

ولم تنقطع الصلات بين الملك عبدالعزيز وحكام البحرين، وحتى أثناء انشغال الملك عبدالعزيز باسترداد وطنه في معارك التوحيد فقد كان التواصل قائما، إلا أن أول زيارة رسمية للملك عبدالعزيز للبحرين كانت في العام 1349ه - 1930م، ومع أن هذه الزيارة كادت ألا تتم بسبب أكثر من ظرف إلا أنها تمت، وبعد تأخر دام ساعات عدة قابل الملك عبدالعزيز الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة.

وفي العام 1356هـ - 1937م زار ولي العهد الأمير سعود بن عبدالعزيز (الملك فيما بعد) البحرين، واستُقبل استقبالا حاشدا.

وفي العام 1358هـ - 1939م زار الملك عبدالعزيز البحرين، وهي الزيارة الرسمية الثانية؛ حيث كان من المقرر أن يزور الملك عبدالعزيز المنطقة الشرقية للاحتفاء باستخراج النفط، وعندما علم الشيخ حمد بن عيسى بقدوم الملك عبدالعزيز إلى المنطقة الشرقية وجَّه الدعوة للملك عبدالعزيز، وقد لقيت هذه الدعوة القبول من الملك عبدالعزيز. ومن المواقف التي لا تنسى في هذه الزيارة، وأشار إليها الباحث طلال بن خالد الطريفي في رسالته العلمية (العلاقات السعودية البحرينية في عهد الملك عبدالعزيز)، ونشرتها دارة الملك عبدالعزيز، أن الشيخ حمد بن عيسى قدَّم هدية للملك عبدالعزيز، وهي عبارة عن سيف الإمام تركي بن عبدالله مؤسس الدولة السعودية الثانية؛ فقال الملك عبدالعزيز كلاما لطيفا ومنه (هذه ذكرى منا عندكم فأبقوه لديكم)، وقَبِل الشيخ حمد بهذا الأمر من الملك عبدالعزيز.

وبحسب دراسة الطريفي نفسها فإن أنجال الملك عبدالعزيز (سعود، وفيصل وزير الخارجية آنذاك، وخالد) قد سبقوا الملك عبدالعزيز إلى البحرين؛ ليكونوا من ضمن المستقبلين له.

بهذه القاعدة الصلبة والمتينة تشكَّلت العلاقة بين هذين البلدين؛ فسار الأبناء على خطى الأجداد والأحفاد، ولم تنقطع الزيارة بين قيادة الشعبَيْن، ولا يمكن أن يتجاوز أي باحث سعودي أو مهتم بتاريخ العلاقات بين البلدَيْن الزيارات الرسمية والودية التي يقوم بها ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة للسعودية، وبخاصة حضوره المميز في مهرجان الجنادرية، سائرا على خطى والده - رحمه الله -.

جسر الملك فهد شاهد على الأُخوَّة

وبحسب ما روته المؤسسة العامة لجسر الملك فهد وقصة إنشائه فقد ذكرت أنه حينما زار الملك سعود - رحمه الله - دولة البحرين عندما تولى مقاليد الحُكْم عام 1374هـ الموافق عام 1954م، وأثناء الاحتفاء به من قِبل حاكم البحرين آنذاك الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة - رحمه الله - انطلقت فكرة إنشاء جسر يربط بين البلدَيْن الشقيقَيْن؛ رغبة من الملك سعود - يرحمه الله - في تسهيل الاتصال وزيادة الترابط والتلاحم بين البلدين وشعبيهما الشقيقين، ثم تبلورت هذه الفكرة الرائدة بصفة رسمية في عهد جلالة الملك فيصل - رحمه الله - الذي عبَّر جلالته عن الرغبة الصادقة في إقامة مشروع بناء الجسر، واعتبار هذا المشروع ذا طابع قومي، وقد تم تشكيل اللجنة المشتركة لتقدير حجم الالتزامات لهذا المشروع المهم، وفي عهد الملك خالد - رحمه الله - تم الانتهاء من إعداد الدراسات اللازمة واستكمال الإجراءات اللازمة لتنفيذ مشروع الجسر الذي يربط المملكة العربية السعودية بدولة البحرين؛ حيث انطلقت عملية تنفيذ الجسر ووضع حجر الأساس في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - إلى أن تم الانتهاء من تنفيذ المشروع وافتتاح جسر الملك فهد في 26 نوفمبر 1986م، بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وأخيه صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولة البحرين - رحمهما الله -، وما زال جسر الملك فهد يحظى بدعم واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وأخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين - حفظهما الله -.

وبذلك فإن أهم المحطات التي انطلقت منها فكرة إنشاء الجسر وتنفيذه وافتتاحه يمكن تلخيصها في المحطات الآتية:-

- نبعت فكرة مدّ جسر يربط المملكة العربية السعودية بمملكة البحرين من لدن جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - عند زيارته التاريخية للبحرين في الثاني عشر من شهر شعبان 1373هـ الموافق 15-4-1954م، وكان ذلك في عهد المغفور له الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة - رحمه الله - حاكم البحرين آنذاك.

- انطلقت الخطوات الرسمية لتحقيق هذه الفكرة في عهد المغفور له جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود عام 1385هـ الموافق 1965م حيث بدأت الدراسات الخاصة بإنشاء الجسر.

- وفي عهد الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - تم تشكيل لجنة وزارية لهذا الغرض في عام 1396هـ الموافق 1976م بين البلدين الشقيقين، وتم توقيع اتفاقية بناء جسر يربط المملكة العربية السعودية بمملكة البحرين في مدينة المنامة بالبحرين في يوم الأربعاء 7-9-1401هـ الموافق 8-7-1981م، وتمّت المصادقة عليها في المملكة العربية السعودية بالمرسوم الملكي رقم م-35 وتاريخ 24-9-1401هـ، وفي البحرين بالقانون رقم 21 وتاريخ 29-11-1981م.

- في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وأخيه صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة - رحمهما الله - وتحديداً في 26-1-1403هـ الموافق 11-11-1982م تم وضع حجر الأساس وإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية إيذاناً بالبدء في تنفيذ مشروع الجسر الذي يربط المملكة العربية السعودية مع دولة البحرين في حفل رسمي حضره قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية أثناء انعقاد القمة الخليجية بالبحرين آنذاك.

- تم توقيع اتفاقية إنشاء المؤسسة العامة لجسر الملك فهد بتاريخ 13-4-1406هـ الموافق 25-12-1985م، وفيها حددت أبعاد وإحداثيات منطقة الجسر.

- بتاريخ 24-3-1407هـ الموافق 26-11-1986م قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وأخوه صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة - رحمهما الله - بافتتاح جسر الملك فهد. ومن المواقف التي تستحق أن تُسجَّل في العلاقة بين البلدين ما قاله زميلنا الأستاذ متعب ين صالح الفرزان من منسوبي إمارة منطقة الرياض من أنه: قبل مدة وجيزة قام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض - حفظه الله - برفع أكبر علم للمملكة العربية السعودية، والخامس على مستوى العالم، وذلك في ميدان الأمير سلمان بن عبدالعزيز بالدرعية التاريخية، حيث أهدى السارية صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس وزراء مملكة البحرين إلى سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز، في دلالة على الترابط, والتعاضد،والتكاتف، والمحبة الصادقة فيما بينهم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد