Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/04/2010 G Issue 13716
الأحد 04 جمادى الأول 1431   العدد  13716
 
بعد ختام منتدى الطاقة الدولي.. مدير صندوق أوفيد يفتح لـ(الجزيرة) ملفات الطاقة:
اجتماع كانكون تبنى مبادرة خادم الحرمين الشريفين والتي أصبحت جزءاً من الأجندة الدولية

 

كانكون – مندوب الجزيرة

أكد المدير العام لصندوق الأوبك للتنمية الدولية (أوفيد) أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الرامية إلى الحد من فقر الطاقة لاقت في مؤتمر كانكون، الذي استضافته المكسيك أخيرا للحوار بين المنتجين والمستهلكين، ما تستحقه من تقدير يليق بصاحبها؛ إذ أصبحت جزءاً من جدول أعمال الاجتماع الوزاري الذي يعقد كل سنتين. وقال سليمان الحربش لمندوب «الجزيرة»: إن البيان الختامي شكَّل دعماً جديداً للمبادرة. مشيراً إلى أن المبادرة مرَّت بمراحل متعددة منذ بيان جدة (22 يونيو 2008م)؛ إذ توالت التأييدات لها من قمة الثمانية في إيطاليا مايو 2009م ثم قمة العشرين في بتسبرج في شهر سبتمبر من السنة نفسها. والمهم في الموضوع أن الملك عبدالله هو أول زعيم عالمي يفرد لمبادرة الطاقة للفقراء مؤتمراً خاصاً بها. ولعل من المفيد أن نتذكر عند بدء الحوار أن المستهلكين لم يكونوا على استعداد للنظر في أمن الطلب على أنه الوجه الآخر لأمن الطاقة كما هو الحال بالنسبة إلى أمن الإمدادات.

في كانكون لم يصبح أمن الطلب جزءاً من المعادلة فحسب، بل إن حل مشكلة فقر الطاقة عند الدول محدودة الدخل أصبح أيضاً جزءاً من أمن الطاقة على وجه العموم، وهذا واضح من البيان الذي ألقاه المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، وهو يمثل تحوُّلاً مهماً في معالجة قضايا الطاقة.

وأضاف الحربش أن من الأهمية أن نتذكر أن قمة جدة التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين في يونيو 2008 تصدت لمشكلة فقر الطاقة بجوانبها كافة. وإذا كان البيان المشترك الصادر عن قمة جدة قد ركَّز في بنده الخامس على العلاقة بين أسعار البترول ومساعدات التنمية فإن تقرير الرئاسة الصادر من اجتماع لندن في ديسمبر من العام نفسه، وهو الحلقة التي تلت قمة جدة، قد أشار في فقرته السادسة إلى مبادرة فقر الطاقة، وعندما ترد كلمة مبادرة فإنها تشير إلى مبادرة خادم الحرمين الشريفين، وهي تحمل بُعداً إنسانيا وأخلاقياً فضلاً عن بُعدها السياسي الذي يتمثل في علاقتها بالأمن الدولي من جراء حرمان ثلث سكان العالم من الطاقة النظيفة. وهذا هو الذي حدا بي أن أعبّر بكل احترام في الجلسة الختامية عن عتبي على من ينظر إلى مداولات مؤتمر جدة على أنها مقصورة على تذبذب أسعار البترول؛ فالملك - حفظه الله - بدأ بيانه بعبارة «أدعو إلى إطلاق مبادرة الطاقة من أجل الفقراء»، ثم فصل هذه المبادرة بدعوة البنك الدولي ليكون إطاراً لمناقشة المبادرة وتفعيلها.

ودعا المجلس الوزاري لصندوق الأوبك للتنمية الدولية (أوفيد) إلى النظر في إقرار برنامج مواز للبرنامج السابق، واقترح - حفظه الله - مليار دولار، ثم أعلن استعداد المملكة للمشاركة في هذين البرنامجين، وتوج ذلك بإعلانه تخصيص 500 مليون دولار لقروض ميسرة عن طريق الصندوق السعودي للتنمية لتمويل مشاريع الطاقة والمشاريع التنموية التي تحتاج إليها الدول محدودة الدخل. واختتم خادم الحرمين الشريفين مبادرته بدعوة أصحاب الشأن في المؤتمر إلى تكوين مجموعة عمل لمتابعة توصيات المؤتمر، لكنه أنهى بيانه بعبارات تنبئ عن الهدف الأساسي للمؤتمر وهو الطاقة للفقراء وما تنطوي عليه من بُعد إنساني وأخلاقي؛ إذ قال - حفظه الله - بالنص: «أيها الإخوة والأخوات.. في هذه الساعة الحرجة يجب أن يرتفع المجتمع الدولي إلى مستوى المسؤولية، وأن يكون التعاون هو حجر الأساس في أي مجهود، وأن نكون جميعا في نظرتنا إلى الحاضر والمستقبل أصحاب رؤية إنسانية عميقة شاملة تتحرر من الأنانية الضيقة وتسمو إلى آفاق الإخاء والتكافل، وفي هذا وحده سر النجاح».

المبادرة مفهوم واسع المحتوى

الطاقة إذن، وكما وردت في بيان خادم الحرمين الشريفين، مفهوم واسع المحتوى ومرتبط بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهو على هذا النحو يؤكد أن القضية التي يتعين على المجتمع الدولي أن يتصدى لها هي قضية فقر الطاقة بأشكالها كافة، وليس مجرد التذبذب في أسعار البترول. وفيما يخص مشاركته في منتدى الطاقة الدولي الثاني عشر أجاب الحربش: لقد دعيت للاجتماع بسبب أن موضوع الطاقة والتنمية المستدامة لم يكن على جدول أعمال الاجتماعات السابقة التي كانت ترتكز على السوق والعرض والطلب والأسعار واليقين ونحو ذلك، والآن تضمنت توجهات جديدة فتحت لها قمة أوبك البوابة التي رعتها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وعقدت في نوفمبر 2007م؛ حيث خرجت تلك القمة عن المألوف؛ إذ اعتمدت ثلاثة اتجاهات، أولها استقرار أسواق الطاقة، وثانيها الطاقة والتنمية المستدامة، وثالثها تغير المناخ، والقسم الثاني جزء لا يتجزأ عن تفويضنا، وكأنه تجديد لتفويض صندوق الأوبك للتنمية الدولية يأتي من أعلى المستويات، وهو القمة. وزاد الحربش: إن بيان الرياض تطرَّق لفكرة القضاء على فقر الطاقة، وتم تكليف أوفيد بالذات وبالاسم بأن يتولى هذه المهمة بالمشاركة مع مؤسسات التنمية الأخرى، وعلى الفور بدأنا بالتحضير لعقد ورشة عمل للوقوف عن قرب على أبعاد المشكلة ومناقشة الأطراف المعنية، ونظَّمنا ندوة في يونيو 2008م في مدينة أبوجا النيجيرية، ودعونا لها البنك الدولي والعديد من شركات البترول واليونيدو وغيرها من مؤسسات التنمية الدولية والإقليمية، وانتهينا إلى حقيقة مهمة جداً وهي أن السوق قد فشل في حل مشكلة الطاقة ومشكلة فقر الطاقة في الدول الفقيرة، وبالذات جنوب الصحراء الإفريقية، ونقلنا هذه الأفكار إلى المؤتمر الوزاري لأوفيد الذي عُقد في أصفهان.

وأضاف الحربش: بعد صدور بيان جدة أصبح لدينا تفويض جديد يعزز التفويض السابق في قمة الرياض؛ حيث كانوا يطلقون عليها قمة القضاء على فقر الطاقة، واجتماع جدة كان يسمي الطاقة للفقراء؛ ولذلك قمنا بعرض الموضوع على مجلس المحافظين عندنا، الذي أصدر بدوره قراراً إيجابياً بتأييد الفكرة، ولكن القرار النهائي سيعرض على المجلس الوزاري المقرر عقده في كراكاس بفنزويلا 17 يونيو المقبل. وبيّن مدير صندوق أوفيد: إننا نؤدي عملنا في تمويل المشاريع، ومنذ انعقاد قمة الأوبك الثالثة في الرياض وإلى اليوم قمنا بتمويل 22 مشروع طاقة في17 دولة نامية، وفي كانكون ذكرنا ذلك في عدد من الجلسات، وشرحنا الجهود التي نبذلها، وطالبنا الجميع بإقرار مبادرة سبق أن تم التصديق عليها في قمة العشرين وأصبحت جزءاً من التفكير الدولي، والورشة التي عقدت في جوهانسبرج برعاية سكرتارية منتدى الطاقة ووافق عليها المؤتمرون. وكان المقصود من هذه الإيضاحات أن نبين لمن شاركوا في المؤتمر أن أوفيد بوصفه مؤسسة تنموية دولية جاد في تنفيذ ما أوكل إليه من مهمات جديدة، لكن بموارده الحالية لا يستطيع منفرداً تحمُّل هذه الأعباء.

بيان كانكون يتبنى المبادرة

وتابع الحربش: إذا رجعنا إلى النقطة الخامسة عشرة من البيان الختامي لكانكون سنجد أن مسألة القضاء على فقر الطاقة باتت جزءاً من الأجندة الدولية من خلال البند 15 في البيان الذي ينص على ما يأتي: «أن مكافحة فقر الطاقة غير ناجحة حتى الآن؛ حيث إن 2.5 مليار شخص لا يزالون يفتقرون إلى أنواع الوقود الحديثة لأغراض الطهي والتدفئة. وحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية فإن 1.5 مليار نسمة لا يحصلون على الكهرباء، وهو الأمر الذي يعرقل جهود التنمية الاجتماعية والبشرية والاقتصادية. وتأييداً لنتائج ندوة منتدى الطاقة الدولي الذي عُقد في ديسمبر 2009 ذكر الوزراء أن الحد من فقر الطاقة ينبغي أن يُضاف بوصفه هدفا تاسعا للأهداف الألفية. ويرى الوزراء أن مبادرة «الطاقة من أجل الفقراء» التي أطلقها الملك عبدالله في إعلان جدة للطاقة، وما لاقته من دعم من مجموعة العشرين ينبغي إعطاءها دفعة جديدة ومزيدا من الدعم على نطاق أوسع لحشد التمويل اللازم لردم فجوة فقر الطاقة، وأيضا الاستثمار في مجال الطاقة. ينبغي على الوزراء تسريع الجهود في هذا المجال، وبشكل أكبر، ودعوة جميع المنظمات ذات الصلة الثنائية والمتعددة الأطراف، فضلا عن صناعة الطاقة، في أن تحذو حذوها. وعلى الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي أن تركز على فقر الطاقة وأن تضعها على رأس جدول أعمالها وبرنامج العمل في المستقبل».

وعن واقعية هذه المؤتمرات وانعكاسها على تفعيل المبادرة أفاد الحربش: أنا لا أقول إن مشكلة فقر الطاقة ستحل بعد اجتماع كانكون، لكن المشكلة الآن بدأت تأخذ أبعاداً جديدة، وخرجت من محيطها الضيق إلى محيط دولي أوسع. وأنا على يقين بأن الاجتماع الوزاري الثالث عشر المقرر عقده في مدينة الكويت عام 2017م سيتصدى لهذه القضية ضمن جدول أعماله.

إن قضية فقر الطاقة تعد على قائمة أولويات أوفيد، وهي كما أشرت ستكون أهم بند في جدول أعمال المجلس الوزاري في كاراكس في يونيو المقبل، وسوف أسافر إلى فنزويلا خلال الأسبوعين القادمين للتباحث مع المسؤولين في الدولة المضيفة حول هذا البند.

يُذكر أن مدير صندوق أوفيد شارك في الأعمال التحضيرية لإنشاء الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي (في الرياض)، وحضر لأول مرة الاجتماع الثاني عشر لوزراء الدول المنتجة والمستهلكة.






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد