لا شك أن من يرى العنوان ويقرأ الزاوية سيعتقد أنني أسعى لمصلحة لدى هذا الرجل الكبير في كل شيء، مع معرفتي عن قرب بما يشعر به سعادته عند خدمته للآخرين، والشواهد كبيرة. ومع ذلك لن أجعل من هذا الشك أو التوقع حاجزاً يحجب ما أعنيه اليوم وما يمكن أن يكون مادة لزوايا كثيرة عند التحدث عن الأستاذ خالد المالك المستحق لكل الثناء. فمعرفتي بأبي بشار تزيد عن ثمانية وثلاثين عاماً، وقت دراستي مع أخيه عبد الكريم المالك -الذي اتجه إلى إدارة الأعمال حالياً- وكان ذلك في أوائل السبعينيات الميلادية التسعينيات الهجرية بمعهد التربية الفنية، حيث استضافني الأخير في منزل أبي بشار وعرفني به أيضاً في مكتبه بالجريدة في مبناها بالناصرية، مع ما تبع ذلك من لقاءاتنا بإبي بشار عند مرافقتي الفنان حماد الجعيد رسام الكرياتير في ذلك الوقت ولفترة طويلة بالجزيرة بدعم من الأستاذ خالد وتشجيعه حتى أصبح هذا الفنان أحد رموز هذا الفن بالمملكة، فتابع عطاءه بعد ذلك في الصحف بالمنطقة الغربية رساماً للكاريكاتير ومشرفاً للتربية الفنية بالطائف بعد عودته من الدراسة بأمريكا إلى أن تقاعد.
وحديثي اليوم يختص بعلاقة أبي بشار بالفن التشكيلي، وهو محور هذه الزاوية ابتداءً من تقديره لهذا الفن واقتنائه للأعمال الفنية السعودية، وحرصه على أن يكون لهذا الفن صفحة مختصة تشرفتُ بتحريرها بتوجيه منه قبل ثمانية وعشرين عاماً، إضافة إلى ما يلم به من معرفة واسعة عن هذا الفن وفنانيه، اكتشفت جزءاً منها في تقديمه لكتاب سيصدر قريباً للزميلة سمر النصار عن الفن التشكيلي السعودي، مع إضافة في حديثه المباشر معي ومع الزميل عبد الرحمن السليمان رئيس مجلس إدارة جمعية التشكيليين عند زيارتنا له في مكتبه بالجريدة قبل أيام، حيث أخذ الحديث مساحة كبيرة خرجنا منها بالكثير من الفائدة من رجل يحمل خبرات طويلة، لقد شعرنا وقتها بسعادة كبيرة أن قامة من قامات الإعلام يتابع مجالنا التشكيلي وبهذا القدر عندما ذكر أسماء الفنانين الرواد والمواقف التي واجهتم في بدايات مسيرتهم في وقت لم يكن للفن التشكيلي ما له الآن من اهتمام، وماذا علينا فعله، وأهمية الدور المنوط بنا في الارتقاء بذائقة المجتمع والتواصل مع المواهب ودعمهم والأخذ بأيدي المتميزين بالجامعات الدارسين بأقسام التربية الفنية وتبني عطائهم بعد تخرجهم من الجامعات، وإشارته إلى أهمية الوصول إلى الداعمين، مؤكداً أن هناك الكثير منهم، مستشهداً بما قام به الشيخ محمد عبد اللطيف جميل من اهتمام بالفنون الإسلامية وإقامته مسابقة في هذا المضمار، منوهاً بدور الجهات المسؤولة ودعم وزير الثقافة والإعلام ووزارة الخارجية التي تساهم بمسابقتها في مجالات الفنون التشكيلية والتصوير الفوتو غرافي.
إن في مثل هذا الوعي والتفهم والإلمام بفنوننا التشكيلية من رجل لديه من المشاغل والمهام الشخصية والإعلامية ما يجعلنا متفائلين بدعم إعلامي لهذا الفن، إضافة إلى الاطمئنان أن بين ظهرانينا رجالاً يقدرون إبداع أبناء الوطن ويضعون له الاعتبار. لقد أضاف الأستاذ خالد أهمية العمل الفني كثروة وطنية يعتز أي مواطن أن تكون جزءاً من جمال منزله ومكتبه، وأن هناك فرقاً بين أن يقتني محب الفنون عملاً لا يعرف مكان وزمان واسم من قام بإنتاجه وتنفيذه وبين أن يحمل اسم وروح وهوية الوطن. لقد خرجنا من حديث أبي بشار باعتزاز بإبداعنا بما أضفاه عليه من ثناء وقيمة كونه ينبع من قيم ومبادئ وموروث الوطن ومن كل مصادره، وازددنا غبطة أن كان رده على شكر الزميل السليمان للجزيرة ودعمها للفن التشكيلي إعلامياً أن ما يقدم يأتي ضمن سياسة الجزيرة التي تسعى لإرضاء كل الأذواق فكيف لا يكون للثقافة بكل فروعها ومنها الفن التشكيلي نصيب من هذا الدعم.
أختم بالقول إن الأستاذ خالد حريص على أن يكون للفن التشكيلي واللوحة السعودية مكان بهيئة الصحفيين، فكان له ذلك بتعاون مثمر من وزارة الخارجية، وبمباركة ودعم من صاحب السمو الأمير خالد بن سعود بن خالد ومن صاحب السمو الأمير محمد بن سعود بن خالد الداعمين للفن التشكيلي مؤسسي مسابقة السفير بإهداء مجموعة كبيرة من مستنسخات اللوحات التي شاركت وفازت بمسابقة السفير الثانية، قامت الهيئة بإعدادها ووضعها في أماكنها التي يتشرف التشكيليون من لهم فيها نصيب أن تكون لهم مساحة من التكريم في هذا المعلم الحضاري الإعلامي.
monif@hotmail.com