لا بد من الإشادة بالجهد الذي يقوم به الرئيس الأمريكي أوباما لتخليص البشرية من أخطار الأسلحة النووية، ولا بد أيضاً من التأكيد على وجود وأهمية نجاح اجتماعات القمة النووية التي تعقد هذه الأيام في واشنطن والتي تشارك فيها المملكة إلى جانب خمس دول عربية أخرى.
إلا أن الأهم من هذا وذاك هو أن تعقد المؤتمرات واللقاءات بشفافية، وأن تعامل جميع الدول بميزان واحد، فالدول التي دعيت لقمة واشنطن لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بمساعي تصنيع الأسلحة النووية، وبعضها صنع هذه الأسلحة ويمتلكها، والبعض الآخر لديه الإمكانيات والقدرات وخامات التصنيع التي تدخل في هذه الصناعة المدمرة ويمتلك مخزونات ضخمة من اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم، ودول مهددة بأخطار الأسلحة النووية لامتلاك دول مجاورة لهذه الأسلحة والتي تهدد أمنها القومي والبيئي.
وهكذا فقد تعددت اهتمامات الدول والغرض من الاشتراك في هذه القمة ولهذا فإن على الأمريكيين الداعين لهذا التجمع ومن أجل إنجاح الأهداف الذي من أجلها عقدت القمة، فلا يجوز تغليب هدف على آخر، وحصر الموضوع فقط عند منع وصول الأسلحة النووية وتقنية تصنيعها للجماعات الإرهابية والدول المارقة، بل أيضاً تقوية صيانة وحماية الدول التي تمتلك أسلحة نووية ولا تسعى لامتلاكها أو تصنيعها رغم قدرتها المالية. فهذه الدول يجب الوقوف إلى جانبها وتحقيق مطالبها بحمايتها ومواطنيها من مخاطر الأسلحة النووية، ولهذا فإن مطلب الدول العربية الست الذي يشدد على وجوب تخليص منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وجعلها نظيفة من هذه الأسلحة المميتة يجب أن يتعامل معه بجدية وباهتمام وبنفس الحرص والاهتمام اللذين يحظى بهما موضوع منع وصول الأسلحة النووية للجماعات الإرهابية، ونفس اللهاث الذي يتابع به موضوع منع إيران من تصنيع الأسلحة النووية، فالخطر الذي يمثله امتلاك إيران للأسلحة النووية هو نفسه بالنسبة للدول العربية بامتلاك إسرائيل لهذه الأسلحة المدمرة؛ فالمعلومات تؤكد أن إسرائيل تمتلك قرابة المئتي رأس نووي، وإذا كانت أمريكا والغرب تتهم إيران بأنه يحكم من نظام لا يلتزم بالمواثيق والقوانين الدولية، فإن إسرائيل وكل حكوماتها متمردة على الشرعية الدولية، ولولا حماية أمريكا والغرب لها لعوقبت وحوصرت أكثر من إيران وكوريا الشمالية ولهذا ولكي تكون القمة ناجحة ومنصفة فإنه يجب أن تعامل إسرائيل مثل غيرها وتفتح منشآتها النووية للتفتيش وتدمر أسلحتها النووية وتسلم مواد التخصيب إلى الدول النووية المعلنة، مثلما فعلت أوكرانيا وتشيلي وكندا، وكل الدول التي تحترم الشرعية الدولية والقوانين.
* * *