منذ عـــــام 2003م، الــذي أقيــم خــلاله المؤتــمر الثالث للحوار الوطني في السعودية، تحت عنوان: «المرأة حقوقها وواجباتها وعلاقة التعليم بذلك»، لم نسمع عن أي فعالية رسمية أقيمت لمناقشة حقوق المرأة، خصوصاً بعد الجدل الواسع الذي أحدثه النقاش في ذلك العام، ولأني متأكدة أنّ هذا الموضوع ليس ممنوعاً من التداول، مع ذلك لم أرَ أي مبادرة أخرى للنقاش في هذا الموضوع الذي يظل ساخناً مدى الحياة، لأنّ مشكلة المرأة وحقوقها ليست وليدة العصر بل هي مشكلة متغلغلة في كل المجتمعات، وتتفاوت ما بين منطقة وأخرى.
ما حدث الأسبوع الماضي، أن حدثت المبادرة من اللجنة النسائية في نادي جازان الأدبي، وتشرّفت بدعوة رئيسة اللجنة خديجة الصميلي، ولها السّبق في اختيار هذا الموضوع تحديداً، وأقيمت الندوة تحت عنوان: « حقوق المرأة بين تمظهرات المثاقفة وتحديات السائد الاجتماعي»، شاركني فيها كل من رئيس جمعية حقوق الإنسان في جازان، الأستاذ أحمد البهكلي، وأدار الندوة الزميل الدكتور حمود أبو طالب، حاولت في ورقتي التركيز على بعض القضايا الأساسية والمتركّزة في وضع المرأة أمام السائد الاجتماعي، إذ لا بد أن نؤمن بأنّ هناك رؤية واحدة، وأنّ من يملك مفاتيح القوة في المجتمع هو من يفرض تلك الرؤية وأنّ استماعه للرأي الآخر محدود وربما معدوم، ورغم أنّ الإسلام قلّص الفروقات بين الرجل والمرأة وحصرها في شهادة امرأتين مساوية لرجل ونصف الميراث وبعض الأمور الأخرى المحدودة وساوى بينهما في كل شيء بعد ذلك، إلاّ أنّ هناك من يصر على أن يجعل من المرأة - اجتماعياً - كائناً يحمل الترتيب رقم اثنين.وقد أوجزت التحديات التي تواجه المرأة في أربع نقاط، الأول: هو الخلط بين الدين والسائد في المجتمع، وهنا تدخل ضرورة إعادة قراءة الفقه الإسلامي بعيداً عن تأثيرات البيئة الاجتماعية وإتاحة فرصة للخلاف في الرؤية والاختيارات للناس، في ظل وعي كبير فيما هو جزء من الدين، وبين ما هو جزء من السائد الاجتماعي. أما الثاني فهو: سن الرشد والمسؤولية عند المرأة، حيث يشهد الوضع الاجتماعي أنه مهما هرمت المرأة لا يزال الوصي الرجل يسيطر عليها، ولا زلنا نخاف على المرأة حتى لو جاوزت الأربعين عاماً فيظل الشاب الصغير هو الولي الوصي عليها، ويأتي التحدي الثالث في حماية القانون، إذ لا تزال تعاني من نقص واضح في مواد القانون (الشريعة) تطبيقياً فيما يتعلّق بحمايتها، فلا تعرف المرأة حقوقها عندما تتعرّض للضرب أو الأذى الجسدي أو النفسي الواقع عليها، وكذلك حالات التحرُّش الجنسي للمرأة. ويدخل التحدي الرابع في العمل، وضرورة فتح مجالات جديدة لعمل المرأة يدعم استقلالها ويجعلها تواجه تحديات يومها كالرجل تماماً ليصبح نصف المجتمع منتجاً في ظل مجتمع يؤمن بأهمية تقاسم العمل والحياة بين الجنسين.
في الحقيقة هذا مختصر ما قدّمته في تلك الأمسية الرائعة، مع الشكر لكل نساء جازان حيث قضيت معهن وقتاً قصيراً لكنه مر برائحة الفل الجازاني الأبيض الذي يغطي قلوبهن، وشكراً لرئيس النادي الأستاذ أحمد الحربي ولزوجته التي كان لها ترحيب خاص بي، شكراً لكل الحاضرات والحضور، ألتقي وإيّاكم على خير.
www.salmogren.com