لا لحمل السلاح، أتمنى أن يكون شعارا في أوساط بعض الشباب، الذين صار حمل السلاح ظاهرة منتشرة بينهم، فلا تكاد تجد شابا من هؤلاء إلا وسلاحه معه، وحمل السلاح على المسلمين، أمر حذر النبي صلى الله عليه وسلم منه، بل تبرأ ممن فعله، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ( من حمل السلاح علينا فليس منا) ففي هذا الحديث وعيد، لمن حمل سلاحا ليقتل فيه مسلما من المسلمين، لأن اقتتال المسلمين، أمر لا يجيزه الدين، بل يحرمه وينهى عنه، بل عده الدين سببا من أسباب الكفر، وصفة من صفات الكفار كما في حديث ابن عمر في صحيح البخاري، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) أي: لا تفعلوا ما هو كفر، أو ما يسبب عمل الكفار، من كونكم تتقاتلون، يقتل بعضكم بعضا، ويضرب بعضكم رقاب بعض، فإن ذلك لاشك من أعمال الكفار.
ولا شك أن حمل السلاح، وبخاصة بين الشباب، يشجع على القتل، ويدفع إلى ارتكاب تلك الجريمة الشنيعة، وكم من شاب تورط بسبب ما معه من سلاح، فكل ما نسمع من جرائم القتل، بداية أحداثها سوء تفاهم، يحدث بين الطرفين، حول أشياء تافهة لا تستاهل الوصول إلى القتل، ولكن وجود السلاح وحضور الغضب والشيطان، يقود أحدهما إلى التهور ومن ثم القتل، حتى وإن كان السلاح سكينا أو عصا أو ما يقوم مقامهما، فحمل السلاح له عواقب وخيمة، ولو سألت شابا من الشباب، من هؤلاء الذين سكاكينهم في جيوبهم، أو في أدراج سياراتهم، أو في حقائبهم المدرسية، أو من هؤلاء الذين عصيهم خلف وتحت مراتب سياراتهم، لو سألت أحدهم، عن أسباب حمله وحوزته لهذه الأشياء، لأجابك بلسان حاله قائلا: للنيل ممن يحاول أو يتجرأ على مضايقته أو تعكير مزاجه، إلى درجة أن العقلاء من كبار السن يتحاشون الاحتكاك بأمثال هؤلاء الذين لا يبالون بأرواحهم ولا بأرواح غيرهم من المسلمين.
إن الشاب الذي يحمل سلاحه، استعداداً للإضرار بغيره، إنه لعلى خطر عظيم، حتى وإن كان هو المقتول فإنه لا يسلم من عقاب الله تعالى، ففي الحديث الذي في سنن ابن ماجه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفهما، فالقاتل والمقتول في النار) قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ يعني ما هو ذنب المقتول، قال صلى الله عليه وسلم: (إنه أراد قتل صاحبه) فحمل السلاح من أجل ترويع وإصابة مسلم من المسلمين كبيرة من كبائر الذنوب، وموبقة من الموبقات، أما إذا كان حامل السلاح مستحلا لدماء المسلمين، كما يفعل خوارج هذا الزمان، فإنه على خطر عظيم، قال العلماء بكفره لأنه استحل أمراً معلوماً من الدين بالضرورة.
فيجب على كل مسلم أن يحذر أبناءه من حمل الأسلحة والعصي والسكاكين، ودعوة لرجال الأمن، لتفتيش سيارات الشباب خاصة، ومعاقبة من يحمل أسلحة في سيارته، حتى وإن كانت سكاكين أو عصي، وكذلك المسؤولين في المدارس، فإن مسؤوليتهم عظيمة لاسيما في هذا المجال الخطير، فقد وجد بعض الطلاب في المرحلة الابتدائية معهم بعض ما أشرنا إليه، بل ذكر لي أحد مدراء المدارس أنه وجد مع أحد طلابه آلة قاتلة فلما سألوه عن سبب وجودها معه قال: إن والده هو من أعطاها إياها ليدافع عن نفسه، وعند سؤالهم للوالد المجرم بحق ولده وبحق غيره من المسلمين، كان جوابه أقبح من فعله ولده، فلم ينكر أنه هو من أعطى ولده تلك الآلة، بحجة أن يدافع عن نفسه، فمسؤولية المدارس مسؤولية عظيمة.
أخي القارئ الكريم:
ومما تجدر الإشارة إليه في مجال حمل السلاح وخطورته: ما يفعله خوارج هذا الزمان في هذه البلاد، الذين لا يألون جهدا في اقتناء وتهريب وتخزين الأسلحة، فهؤلاء يكفي فعلهم دليلا على ضلالهم وانحراف أفكارهم، وبعدهم عن الدين الصحيح، وللعاقل أن يسأل نفسه: ماذا يريد هؤلاء بهذه الأسلحة، ولماذا يجمعونها ويخفونها بأوكارهم؟ فإن كانوا يريدون قتل المسلمين، فهذا أمر من المحرمات في الدين وإن كانوا يريدون قتل غير المسلمين، فهذا أيضا من أسباب حرمان الجنة نسأل الله العافية، وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يسأل أصحابه في حجة الوداع: أي شهر هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال راوي الحديث: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال صلى الله عليه وسلم: (أليس ذا الحجة) قالوا: بلى، قال: (فأي بلد هذا) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال الراوي: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: (أليس البلدة) قالوا: بلى، قال صلى الله عليه وسلم: (فأي يوم هذا) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: (أليس يوم النحو) قالوا: بلى يا رسول الله. قال. (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم فلا ترجعون بعدي كفارا أو ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه ثم قال ألا هل بلغت).
فإن كان هؤلاء الخوارج، يريدون بهذه الأسلحة قتل المسلمين، فإن ما يقومون به ليس من الدين، بل مما ينافي الدين، وأما إن كانوا يريدون قتل غير المسلمين، وهم من يعرفون بالمعاهدين فإنهم أيضا على خطر عظيم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً).
حائل