Al Jazirah NewsPaper Friday  09/04/2010 G Issue 13707
الجمعة 24 ربيع الثاني 1431   العدد  13707
 
رياض الفكر
فزعة
سلمان بن محمد العُمري

 

يرد على البريد الإلكتروني العديد من الرسائل التعقيبية على موضوعات ترد في هذه الزاوية أو في صفحات الملحق، وهذا أمر معتاد وخلاصة هذه الردود والتعقيبات بلا شك مختلفة في مستواها ومحتواها بين الضعف والقوة، وبين الحق والباطل، وبين التدليس والتلبيس، فهناك من يرغب في تمرير فكر معين منحرف، وهناك من يسيء الفهم، ولديه القدرة على التأويل والتشكيك في النوايا.

وكل ما ورد ذكره ليس هو مقصدنا في موضوع اليوم، فالمقصد هو نوعية من الرسائل ترد تباعاً على البريد الإلكتروني، وتزداد حينما يرد علينا موضوع يتعلق بها.. أتعلمون أيها الأحبة ما هذه الرسائل؟!

الرسائل الواردة العجيبة هي رسائل من القراء والقارئات وأكثر من الصنف الثاني يرغبون أن تعرض الرؤى والأحلام التي يشاهدونها في منامهم على معبري الرؤى، ويلحون في مطالبهم بتكرار الرسائل أولاً والاستعطاف والاستلطاف تارة بالدعاء وتارة بعرض الشكوى أن هذه الرؤى مقلقلة ومفزعة وعرضتهم للسهر والقلق!!

وكنت قد استضفت في هذا الملحق عدداً من معبري الرؤى المتميزين، ومن أبرزهم الشيخان د. محمد الرومي، وعايض العصيمي وغيرهما كثير، ثم تنهال الرسائل مطالبة بتفسير الرؤى أو تخصيص زوايا في هذا الملحق لمعبري الرؤى لتعبير رؤياهم ولو فتحت الصحيفة هذا الباب للزمها أعداد من الصفحات المضاعفة يومياً وليس أسبوعياً لأن الرؤى والأحلام لا تنتهي.

ومع تعلق الناس بالرؤى والأحلام يظهر كثير من المتطفلين أو ما يسمى بالعامية «الملاقيف» الذي يبدأ في أول أمره بالفزعة وخصوصاً للنساء بتعبير الرؤى، وهو لا يملك علماً شرعياً ولا بصيرة ولا رؤية ولا دراية، فيتخبط بالرؤى ذات اليمين وذات الشمال، ثم يصدق هواه ونفسه، وأنهم جاءت بما لم يأتِ به الأوائل ولا يمنعه ذلك من أن يطلب من المتصلين والمتصلات به أن يحيلوا اتصالاتهم في أوقات معينة يكون فيها في مجالس خاصة أو محفل كبير ليدلل للناس بأنه مشغول بتعبير الرؤى، وما درى أنه غارق في العبث والهوى، وهناك من يلازم أحد المعبرين مدعين محبته في الله، ويعرض عليه في اليوم عشرين أو ثلاثين رؤيا، وأنها لأحبته وإخوانه، وهو في الحقيقة أهون من سابقيه، فهؤلاء طلبوا منه تعبير رؤياهم، فيعيدها لهم في اليوم التالي محتجاً بأن هذه الرؤيا بحاجة إلى مزيد من التبصر والتأمل، وهو قد سرق إجابتها من معبر الرؤى الأصلي وغالباً ما ينسب تعبير الرؤى لنفسه حتى إذا ما كثر عليه الاتصال تبوأ لهذا الأمر من باب الفزعة.. أو من باب الغرور وخداع الشيطان، و(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).

ولعلي في ختام حديثي استشهد بما ورد في كتاب للشيخ عايض العصيمي حول تعبير الرؤى ومما قاله: التعبير والتفسير للرؤى والمنامات له تبعات كثيرة لا يشعر بها إلا من دخل في هذا الميدان، ولن نتكلم عن إيجابياته، واحتساب الأجر والثواب من الله تعالى في ذلك، وما فيه من دعوة الناس إلى الخير والصلاح، كل هذا لا يقدر بثمن، بل سنتحدث عن شيء من سلبياته ومزالقه الخطيرة فمنها:

أولاً: هو باب خطير جداً للشهرة والجاه، فالكثير من المعبرين أكثر شهرة من غيرهم بين الناس حتى من العلماء والأدباء وأهل الجاه والسلطان، وما ذاك إلا لبحث الناس عنهم، فضلاً عن أن جمهورهم متنوع كثير لا يحصى، والمعبر له في كل مكان معرفة، وكلهم يتمنى أن يقدم له خدمة ومعروفاً، وهذا باب خطير قد يكون فيه استدراج من الله تعالى لهذا المعبر، والعياذ بالله تعالى.

ثانياً: هو باب خطير أيضاً قد يؤدي إلى هدم بيوت المسلمين، فكم فرق المعبر بتعبيره بين رجل وزوجته؟! وبين قريب وقريبته؟! وكم أدخل الهم والغم والنكد والمرض على الناس؟! والعياذ بالله تعالى.

ثالثاً: هو أيضاً باب خطير جداً لفتنة النساء والانزلاق معهن إذا لم يعصم العبد من الله تعالى، إذ إن أكثر الذين يسألون عن رؤاهم ومناماتهم هن النساء.

والنساء فتنة ينبغي للرجل العاقل الحذر منهن حتى وإن زلت به القدم، قال - عليه الصلاة والسلام: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معاشر النساء) رواه البخاري.

قال تعالى على لسان يوسف عليه السلام وهو يدعو ربه تعالى: (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ) (سورة يوسف 33)، (فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (سورة يوسف 34)، فإذا كان نبي الله يوسف - عليه السلام - يلوذ بالرحمن منهن، فما بالك بمن هو دونه؟!

وخير للمعبر أن يتجنب هذا الباب باب: التعبير للنساء، ويقفله جملةً وتفصيلاً، تجنباً للفتنة وحفاظاً لدينه، وإرضاء قبل ذلك لربه، تبارك وتعالى.

وهناك من النساء الداعيات وكبيرات السن من يعبرن رؤى النساء، وبإمكان المرأة أو الرائية أن توكل أخاها أو زوجها أو والدها أو محرماً لها في سؤال المعبر عن مناماتها حفاظاً لدينها.

رابعاً: هو باب أيضاً من أبواب الشيطان لإيراده الكبر والعجب بالنفس والفخر بالتعبير وإصابة الحق، حفظنا الله بحفظه وثبتنا على دينه يوم أن نلقاه.

انتهى كلام الشيخ عايض العصيمي، وأنا أسوق ما قاله لأصحاب الفزعة لعلهم أن يتقوا الله فيما خاضوا فيه دون علم.



alomari1420@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد