Al Jazirah NewsPaper Friday  09/04/2010 G Issue 13707
الجمعة 24 ربيع الثاني 1431   العدد  13707
 
للرسم.. معنى
فهد الأحمدي.. أمية الثقافة البصرية
محمد المنيف

 

لفت نظري عنوان زاوية (حول العالم) للأستاذ فهد الأحمدي يوم الخميس قبل الماضي بجريدة الرياض (هل سبق وحضرت معرضاً للرسوم التشكيلية؟!)، التي شنَّ فيها هجوما على الفن التشكيلي، بدأها بموقف في معرض لأحد الفنانين بالمدينة المنورة تمنيت أنه ذكر اسم الفنان لمعرفتنا ومتابعتنا لكل الزملاء المبدعين بالمدينة، مع ما تمنيته أن يكون استشهاده بابن مدينته دعما لا تهكما به في وقت نؤمل فيه من كل الكتاب أن يقفوا مع هذا الفن ويأخذوا بيد الفنانين ويثنوا على الجهات المسؤولة عنه التي أوصلت الفنانين السعوديين إلى العالمية مع تحفظي على كلمة (رسوم تشكيلية) لا أدري ماذا يعني بها، وهل دفع شيئا من تلك الرسوم..؟؟

كنت أعرف الأستاذ فهد من خلال قلمه وكان لي فرصة اللقاء به مباشرة في مكتب الدكتور محمد الحيزان المستشار والمشرف على العلاقات العامة والإعلام بوزارة التعليم العالي المشجع والداعم للفن التشكيلي الذي اقترح مد جسور التعاون بين الجمعية السعودية للفنون التشكيلية وبين وزارة التعليم العالي باقتناء مئة عمل أهديت لضيوف الوزارة في إحدى المناسبات، زادني اللقاء تقديرا لشخص الكاتب (فهد) ولا زلت أحمل له هذا الشعور.. لكني في نفس الوقت أحمل عتب المحب في أن جعل من زاويته تلك، مجالا للتندر بإبداع عالمي يمارسه كثير من أبناء الوطن مهما كانت نظرته له أو جهله بمفهوم المدارس الفنية وقناعته بالواقعية التي لا يمكن تجاوزها أو إغفالها، لكن الأمر يتعلق بكيفية تعامل المبدع في هذا الزمن مع منجزه وثقافته ووعيه وكيفية توظيف أدواته للتعبير عن مكنوناته لعيون وعقول لم تعد تنظر للواقع بالشكل المعتاد بقدر ما أصبحت أقرب للاختصار والاختزال والرمزية والتلميح كما هي زاوية الأستاذ فهد مع ما عرف عنه من بساطة الطرح وقربه لذهنية المتلقي العام..... كما لا يمكن تصديق ما جاء في سرد الموقف أن يكلف الفنان أحد أصدقائه لشرح أعماله للأستاذ فهد ولمرافقه كما يقول (وهكذا نادى أحد أصدقائه الفنانين ليتولى لنا شرح اللوحات، وسلمه ورقة تلخص فكرة اللوحات بالترتيب.. غير أن هذا الصديق ارتكب خطأ فادحا حيث بدأ الشرح من الاتجاه المعاكس (من نهاية اللوحات لأولها)!!) انتهى وصف الكاتب لجزء من المشهد.. ومن المؤسف أن يأتي هذا الوصف لحشو المساحة بعبارات لا يمكن أن تأتي من كاتب بقامة الأستاذ فهد.. فكيف لفنان موجود في معرضه أن يوكل أمر شرح إحساسه ومشاعره التي طبعها على اللوحة لشخص آخر إلا إن كان كاتبنا يقبل أن يقوم غيره بكتابة زاويته ويكتفي بالإمضاء عليها. ثم يضيف كاتبنا عبارة (ومقلب كهذا يثبت عجزي وعجز البسطاء أمثالي عن استيعاب كل ما يدخل تحت تعريف الفن التشكيلي.) هل يعد نفسه عاجزاً عن فهم هذا الفن رغم حله وترحاله في الكثير من مدن العالم وهل هذا اعتراف بخلو وفاضه من الثقافة البصرية التي تعد جزءاً من عالمه واطلاعه، إلا إذا كان بالفعل لا يعرف عن هذا الفن إلا اسمه، المصيبة التي صدم فيها التشكيليين أن يجهل أو يتهكم كاتب لا يشق له غبار بإبداع عالمي تقيم له دول العالم المتاحف وقاعات العرض.

لن أطيل وأحلل ما تبع هذا الحشو لزاوية أجزم أن الأستاذ فهد لم يكن موفقا فيها وما استشهدت به من مقولات وأمثلة غير موثقة المصادر وفيها من المغالطات ما قد يكشف الكثير من جهله بهذا الفن، مع أننا لا نطالبه بالتخصص فيه فلديه ما يغنيه ويغني التشكيليين عن مواقفه إذا كانت نظرته لإبداعهم بهذه السوداوية واعتبار هذا الفن وما طرأ عليه من تطور يوازي متطلبات الحياة مجالا للاستهزاء والتندر.

أعود لجزء هام في زاوية كاتبنا أجزم أنه السبب في اختياره لهذا الموضوع وهو ما جاء على لسان خالد القشطيني (الكاتب في الشرق الأوسط) حول فنان عراقي رسم سبع لوحات «كلها شخبطات وتلطيخات» انتهى..

هل لاحظ كاتبنا عبارة (شخبطات وتلطيخات).. كبيرة أن تصدر هذه الجملة أو الوصف من كاتب عراقي يعد من أعلام القلم يعلم ما يمثله الفن التشكيلي العراقي من أهمية عالمية، لن أعلق على هذا القول.. لأعود لزاوية كاتبنا ولقوله (الخدعة فيما يسمى بالفن التشكيلي أنه (باستثناء المدرسة الواقعية) عمل بلا ضوابط ولا إيقاع ولا روح ولا هدف.. الخ.. مع ما أضفته قائلا.... وكل من لا يملك موهبة الشعر رص بعض الكلمات ودعاها شعر حديث أو كلمات «لها إيقاع».. وكل من عجز عن نظم الموسيقى خلط بعض الأصوات المزعجة ودعاها موسيقى شبابية أو فيديو كليب.. وقس على هذا كثير!!) انتهى.. مع أن من أشرت إليهم كثير منهم مختصين ودارسين لفنونهم خصوصا التشكيليين والموسيقيين.. ومع هذا نغض الطرف عن هذا القول تقديرا لنقص معرفتك بحقيقة تلك الفنون، لنسألك لماذا لم تذكر بعض أصحاب الأقلام وكتاب الزوايا المتخبطة وتستشهد وتضيفهم لهؤلاء، وماذا لو وجهت تقسيماتك الأخيرة عن التشكيليين لتكون للكتاب على هذا النحو (أما أنهم كتاب فوق مستوى البشر بحيث عجزوا عن إيصال رسالتهم للعامة... أو أنهم عباقرة سبقوا زمنهم.. أو أنهم ببساطة فاشلون لم يجدوا غير الكتابة بديلا والغموض سبيلا ...



monif@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد