في الأبحاث الخاصة بالباراسيكولوجي وهو ما يعرف بعلم ما وراء النفس أو الدراسة العلمية للظواهر الخارقة، يشير جوزيف ستيل صاحب نظرية الحاسة السادسة إلى أن القدرات الخارقة أو الصلات النفسية التي تتم عن طريق غير طريق الحواس المعروفة إلى أن ذلك يعود إلى الجسم الصنوبري أسفل المخ، ويقرر أن الأجسام المادية يمكن أن تحس من بعيد لأنها تبعث حولها ذبذبات متلاحقة ترى إلى مسافات بعيدة وقد تخترق الحوائل كما تفعل الأشعة السينية.
وهو يؤكد أن الإنسان وسائر الحيوانات الفقارية تعتمد على الجسم الصنوبري في الدماغ للشعور بالأشياء التي لا تنتقل إليها بحاسة النظر أو الشم أو السمع أو الملامسة.
وإن كانت هناك نظريات ربما لا تلتقي مع ما طرحه جوزيف ستيل، وأهمها نظرية التحليل النفسي في تفسيرها للظواهر الإنسانية الخارقة وأهمها ما طرحة عالم النفس الشهير فرويد.
وموضوعنا لا يتعلق بالباراسيكولوجي سواء أكان علماً في وجهات نظر أثبت وجوده إلى جوار العلوم الأخرى أو هو خلاف ذلك من وجهة نظر أخرى، ولكن الشاهد هنا هو ما أكده ستيل أن الجسم الصنوبري الذي يقع في الدماغ هو في الأنثى أكبر منه في الذكر، وهذا ربما ما يبرر تفوق المرأة في الحاسة السادسة عن الرجال في الغالب، وكذلك يؤكد أنه في الهمجي أكبر منه في المتحضر، وفي الطفل أكبر منه في الرجل، وفي الحيوان أكبر منه في الإنسان، وهو قريب إلى فتحات الرأس في بعض الأحياء.
وهذه الدراسات المعاصرة تشير إلى أمر غاية في الأهمية وهو ما يخص الأطفال على وجه التحديد، حيث إنه من المعروف أن نسبة الخيال والإبداع لدى الأطفال العاديين، تكون في السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل بنسبة 100% وتشير الدراسات إلى تخلف هذه النسبة وتراجعها في السنوات الأولى من سنوات الدراسة في مدارس الوطن العربي إلى 10% وتزيد هذه النسبة، ويزداد الطفل في التخلف على مستوى الإبداع والخيال إلى نسب أعلى كلما تقدمت به سنوات الدراسة.
السؤال الذي يطرح نفسه، وأصبحت إجابته معروفة لدى الجميع، لماذا يحدث هذا القدر من التخلف؟ لن أجيب على هذا السؤال، لأن هناك العديد من المقالات التي أجابت عليه، وتناولته بشكل مفصل.
إنما عندما يتناول الباحثون في الباراسيكولوجي وغيرهم من المهتمين بالقضايا النفسية، والطاقات الخفية والإبداعية عند الإنسان أن أي جزء في مخ الإنسان لا يتم استعماله وتطويره فإنه يذبل ويموت مع الوقت، والعكس تماماً يحصل عندما يتم توظيف مثل هذه الطاقات واستغلالها وتدريبها، فالخيال هو أيضاً من الأمور التي تساعد الأطفال على الإبداع، وتنمي لديهم الكثير من الجوانب الإبداعية التي تحتاج إليها الأمة في مستقبل حياتها عندما يصبح هؤلاء الأطفال مفكرين، ومبتكرين، وقادرين على النهوض بأمتنا إلى المعالي، وقادرين على أن يواكبوا الابتكارات الحديثة التي قدمتها لنا أمم وشعوب ربما بعض هذه الشعوب لم يكونوا على خارطة التاريخ في زمن مضى ليس بالبعيد، ولكن الذي حصل هو اهتمام هذه الشعوب بأبنائها، وحرصهم على تطوير عقولهم، فتنمية العقل، وتطوير القدرات العقلية والابتكارية لدى الإنسان لا تأتي من فراغ، خاصة إذا ما عرفنا أن هذه القدرات موجودة في الإنسان وقد خلقها الله تعالى في خلقه جميعاً بالتساوي، صحيح أن القدرات تختلف، ونسب الذكاء هي الأخرى تختلف من شخص إلى آخر، وهناك فروق فردية متعارف عليها، ولكن يجب أن يتم استغلال العقول النابهة منذ نعومة أظفارها، ويجب العمل على اكتشافها وتشجيعها، وتهيئة البيئة المناسبة لها لكي تبدع وتفكر وتنمو وتسهم في إنماء من حولها.