Al Jazirah NewsPaper Friday  09/04/2010 G Issue 13707
الجمعة 24 ربيع الثاني 1431   العدد  13707
 
الدورات (الخارقة..!؟)
محمد بن عبدالعزيز الفيصل

 

مدرب معتمد؛ في كافة التخصصات وشتى المجالات، لديه قدرات خارقة (متنوعة) فيستطيع المشي على الجمر وتشخيص ما تفكر فيه وما تطمح إليه! وتطوير مهاراتك وإكسابك شيئاً من القدرة (الخارقة)....

.... لتصل إلى ما عجزت عن تحقيقه في حياتك الطويلة في سويعات محدودة؛ فما عليك -أخي المواطن- سوى تسديد رسوم الدورة (الخاصة) و(إن حصل) أن تسوق له فرائس أخرى فسيكون حضورك مجاناً وقد تكون شريكه في الربح أيضاً إن أمعنت في طلب المزيد من الضحايا لتكسب الحسنيين..!

بين كلِّ ليلةٍ وضحاها يظهر مدرب جديد معتمد بمهارات متعددة لا مثيل ولا حصر لها، وهذه المهارات (الاستثنائية) تتجدد وتتغير حسب طلب السوق؛ فتارة يكون ممتهنوها متخصصون في تطوير الذات وتارة أخرى يتسنَّمون صهوة البرمجة العصبية اللغوية، وفي أحيانٍ كثيرة هم أطباء نفسيون ولديهم خبرة في الإدارة الناجحة وتسوية العلاقات الزوجية؛ لا عجب فإعلان جذاب واحد قد يحوي أكثر من ذلك بكثير.. كل ذلك الزخم (الرُّغائي) يكون في ظل ثورة (صحية) تعليمية تشهدها المملكة، تبنتها مؤسسات التعليم العالي ضد التزوير في التعليم والشهادات غير المعترف بها، فالمجتمع أصبح واعياً ومتفتحاً ولديه القدرة على التمييز بين الخطل والصواب، ولكنَّ جشع التجار قد طال كل شيء وأصبح يشوه واجهة هذا البلد؛ بعد كل تلك الأزمات التي تسببوا بها عُنوةً كرفع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية كالحديد وغيره من المواد دون مبرر أو حتى إذن من الجهات المسؤولة.

بطبيعة الحال إن اللوم يقع على تلك المعاهد (المشبوهة) التي تبحث عن هذا النوع من المدربين، لتقوم بتوزيع الشهادات بأبخس الأثمان، وهي متاحة للجميع بلا استثناء، فالدورات التدريبية التي يقدمها هؤلاء لا تمتلك أدنى مقومات القبول، وكيف يمكن قبولها إذا كان هدفها الأوحد هو الربح المادي من دون أية اعتبارات للمادة التي يقدمونها أو المخرجات التي تبنوها!، ولا أظن بأن حديثي هذا بخافٍ على أحد فالكل على علمٍ بتفاصيل أدق وأعمق من التي ذكرتها.

ما يفاقم المشكلة ويزيدها سوءاً أن معاهد ضخمة تحمل أسماء كبيرة بدأت تمتطي هذا الطريق لتكمل مسيرة التغرير والخداع بأن شهاداتها معترفٌ بها وستلقى الترحيب من الجهات المسؤولة غير آبهين بما سيترتب على ذلك من مفاسد فهناك من سيستلف المال لكي يؤمنه لهم أملاً في أن هذه الشهادة ستحسن من مستواه الوظيفي أو ستكون سبباً في حصوله على عمل، والأمثلة على ذلك كثيرة لا حصر.

فإلى متى سنرضى بأن يكون هؤلاء المزيفون أصحاب القدرات الخارقة مسؤولين عن تطوير ذواتنا وعقولنا.. وكلي أمل أن يجد ذلك الصدى الإيجابي لدى الجهات المسؤولة فتوقف هذا النزيف في خاصرة تعليمنا، قبل أن نكون أو لا نكون.



alfaisal411@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد