لم تعد زحمة السير واكتظاظ الشوارع بالمركبات التي تمتد طوابير طويلة مؤخرة الناس الساعين إلى أعمالهم مما يؤدي إلى تعطيل المصالح وضياع وقت ثمين.. لم تعد هذه المعضلة مقتصرة على بلد دون غيره، بل أصبحت مشكلة تعاني منها جميع الدول، ولذلك فالجميع يبحث عن حلول مجدية لمعالجة آثارها السلبية.
ولأن المشكلة تؤثر على الجميع وتتضرر منها شرائح المجتمع كافة، فإن الدول اعتبرتها قضية قومية، وشكلت لها لجاناً تسبغ عليها مسمى «الوطنية» أو «القومية» لمنحها الشرعية والأهمية، وإظهارها بمظهر الشمولية لكل الوطن، فشكلت «اللجنة القومية للطرق» أو «اللجنة الوطنية لتحسين المرور».. وهكذا.
والواقع أن أزمة المرور، ومشكلة زحمة السير، واكتظاظ الطرق، قضية تتداخل فيها أطراف عدة، وتتطلب تعاون جهات كثيرة، وتحتاج إلى سن أنظمة تستوعب المتغيرات الجديدة التي تعتمد على العربة والمركبات في النقل والتحميل. وبهذا فلم تعد الجهات التي تعالج مشكلات المرور هي وحدها التي تضع حلولاً لها، إذ أصبح لزاماً مشاركة جهات ودوائر حكومية أصبحت لها تداخل مباشر، ولا بد أن تكون إسهاماتها مجدية وإيجابية.
ولهذا فإن اللجان التي عالجت هذه المشكلة في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، لم تقتصر على أجهزة المرور، ولا البلديات ولا حتى المختصة بالطرق والمواصلات، بل اشترك بها كل من له علاقة بما حصل من متغيرات، حتى المهتمون بالاستثمارات واقتصاديات السوق والأنشطة المعاصرة.
هذا التفاعل والمشاركة الإيجابية والفكرية من قبل مختصين ومهتمين من جهات متعددة، أوجد حلولاً مبتكرة ومثمرة، فقد تجاوز اللجان والمختصون المشاركون في اجتماعاتهم الاعتماد على الشارع والطريق والعربة كوسيلة وحيدة في تلبية دور الناقل، فاستُفيد من القطار الكهربائي بتحوير بسيط لوظيفة الشارع والطريق، فبإضافة أعمدة وقواعد على جانبي الطريق أمكن تسيير قطار كهربائي «مترو»، يقوم بوظيفة آلاف السيارات، وينجز ما تقوم به تلك الأرتال من العربات وفي وقت قياسي.
حلول عديدة تحتاج إلى مبادرات وتفاعل مع المشكلة التي أخذت تتفاقم وتصيب معظم شوارع المدن الرئيسة في المملكة بالاختناق والاكتظاظ الذي يعطل كثيراً من مصالح المواطنين والمقيمين على حد سواء.
* * *