الرياض - مريم السلطان
شهد القطاع التعليمي في المملكة على مدى السنوات الماضية تطوراً كبيراً تصاعدت وتيرته بصورة ملموسة ولافتة، مع إطلاق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مشروعه النهضوي لتطوير التعليم، مدعماً ذلك برفع مخصصات هذا القطاع الحيوي ضمن الميزانية العامة للدولة.
ولم يمض وقت طويل حتى بدأت آثار هذا الدعم تؤتي ثمارها، من خلال تبوُّء الجامعات السعودية مراكز متقدمة على مستوى التصنيفات العالمية للجامعات، وما نتج من ذلك من بروز الكوادر السعودية المتميزة في كثير من التخصصات العلمية، وتنامي المنشآت التعليمية.
فعلى المستوى العددي أصبح هناك نحو 24 جامعة حكومية، وسبع جامعات أهلية، إضافة إلى الكثير من الكليات والمعاهد الخاصة.
ومن أبرز السمات التي بدت على تطور الحركة التعليمية في المملكة الحرص على دعم حق الفتاة في التعليم بما يلائم فطرتها، ويناسب خصوصيتها، ويساعدها على أداء دورها، سواء اجتماعياً أو وطنياً، وفي هذا الإطار تضاعفت أعداد مدارس البنات وزادت مخرجاتها؛ حتى أصبحت الحاجة ملحة إلى وجود المزيد من الجامعات القادرة على استيعابهن.
وتعد جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن التي افتتحت في 28 أكتوبر 2008 أول جامعة سعودية خاصة بالبنات، وهي تشتمل على 32 كلية، وتستوعب 40 ألف طالبة يمثلن أكثر من 60 في المئة من خريجات الثانوية، وترأسها وتشرف على أعمالها سمو الدكتورة مديرة الجامعة الأميرة الجوهرة بنت فهد آل سعود.
الخصائص العامة
يمكن تحديد الخصائص العامة لجامعة الأميرة نورة من خلال رؤية ورسالة وأهداف الجامعة التي تتمثل في: تحقيق التميز في مجال التعليم الجامعي والبحث العلمي، وتأهيل الكوادر البشرية لسد احتياجات المجتمع في إطار من القيم الدينية والثقافية والاجتماعية، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، والسعي إلى جعل الجامعة قناة لاكتساب ونقل المعرفة، وإعداد النخب القيادية في المجتمع، وتحقيق شمولية المناهج، وتنمية القدرات العقلية والمهنية، وترسيخ أسس البحث العلمي.
هذا ما أكدته الدكتورة فردوس الصالح وكيلة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، وتضيف: تعمل الجامعة على استثمار تقنيات المعلومات والاتصالات، وتطمح إلى التأثير الإيجابي في مسيرة المجتمع؛ مما يجعلها ملتقى للثقافات الإنسانية، ومجالاً لترسيخ عقيدة الولاء لله ثم للوطن، وبناء جيل وسطي من الفتيات المتخصصات في مجالات العلم والمعرفة، مزودات بالمهارات المختلفة لمواكبة متطلبات التقدم بشكلٍ يرسخ ثقافة المشاركة المجتمعية والتنمية البيئية لدى كل قطاعات وفئات المجتمع.
وذكرت وكيلة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي أن الجامعة استوعبت في أول عام لها 26 ألف طالبة تولى التدريس لهن 1350 عضو هيئة تدريس، بالتعاون مع 2638 من الفنيات والفنيين والإداريات والإداريين، وتضيف: ستكون المدينة الجامعية التي أمر بإنشائها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - أضخم مؤسسة للتعليم العالي للفتاة، ليس على مستوى المملكة فحسب بل على مستوى العالم.
الدور التنموي
ومن جانبها ترى الدكتورة عزة عبدالعزيز الأستاذة المشاركة في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود، أن الجامعة - بمناهجها وأساتذتها - تمثل أهمية قصوى لتعليم الفتاة وتوعيتها بحقوقها، في ظل الرعاية الكبيرة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود؛ مما سيؤثر في تنمية شخصية المرأة؛ وبالتالي تنمية المجتمع ككل، خصوصاً في ظل زيادة أعداد الخريجات عاماً بعد عام.
وتؤكد الدكتورة عزة: تستشرف الجامعة آفاقاً عدة لظهور مجالات تعليمية واسعة، وتخصصات دقيقة لم يكن متعارفاً على دخول المرأة فيها من قبل؛ إذ بات من حقها اليوم الحصول على التعليم في المجال الذي تفضله على اعتبار أن التعليم شيء، والعمل شيء آخر. أما من ناحية المنافسة فقد تأكدت قدرة الجامعة على دخول سباق المنافسة الشريفة، محلياً وعربياً وعالمياً، ما دامت تمتلك الإرادة القوية، والجهود المكثفة، والقيادة المتميزة، وتحافظ على تنمية أضلاع مثلث التطوير، والمتمثلة في: الأساتذة والطالبات والمناهج.
وفي هذا الشأن تقول الدكتورة فردوس: إن حرص حكومة المملكة على الارتقاء بتعليم الفتاة وفتح كل المجالات التي يمكن أن تسهم فيها، سيمكن جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن من تحقيق التميز في مجال التعليم الجامعي والبحث العلمي على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، وتأهيل الكوادر البشرية لتلبية احتياجات المجتمع في إطار من القيم الدينية والثقافية والاجتماعية.
الجامعة بؤرة تطوير عقاري
ينظر بعض المتخصصين إلى موقع الجامعة نظرة المتفحص والمراقب؛ ليجدوا أنها تموقعت في منطقة شمال الرياض، وعن هذا يقول المهندس حامد محمد الرشيدي نائب مدير إدارة المشاريع في الجامعة: أسهمت الجامعة في تنشيط حركة العقارات في المنطقة، وجذبت الكثير من الاستثمارات إليها، خصوصاً من خلال المشاريع السكنية لموظفي الجامعة والطالبات والمراجعين؛ كونها أول جامعة للبنات على مستوى العالم؛ وبذلك أسهمت في تنمية الخدمات العامة والحركة التجارية المجاورة لها.
ويتابع بقوله: إذا نظرنا إلى المميزات التي تتحلى بها منطقة شمال الرياض التي تقع فيها الجامعة؛ فسنجد أنها ملتقى الامتداد العمراني المتجه شمالاً؛ مما يمنح هذا الموقع فائدة كبيرة يتوقع معها حدوث تغيير جذري من حيث سرعة العمران والزحف السكاني إلى شمال العاصمة؛ إذ تعكس المشاريع العقارية المنفذة حول الجامعة مستوى الانتعاش الذي تشهده منطقة شمال الرياض التي باتت تمثل امتداداً طبيعياً للمدينة.
وفي الوقت الذي كشف فيه عقاريون عن تجاوز حجم الصفقات العقارية التي تمت خلال العام الماضي في منطقة شمال الرياض الملياري ريال، في ظل الزحف العمراني المتنامي نحو شمال العاصمة، فقد اعتبر عمر القاضي العضو المنتدب لشركة «إنجاز» للتطوير العمراني، أن منطقة شمال الرياض من أكثر المناطق جذباً في المدينة، خصوصاً مع وجود حركة عقارية متنامية منذ عدة أعوام، ومع تطور الاستثمارات الحكومية الضخمة التي تتمثل في: مركز الملك عبدالله المالي، وجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، إضافة إلى قربها من مطار الملك خالد الدولي؛ مما يسهم في استمرار توجه المستثمرين نحو شمال المدينة، وأضاف: إن اختيار هذه المنطقة لتكون مقراً لجامعة الأميرة نورة كان له أثر إيجابي في إحياء المكان بوجه عام، مشيراً إلى أن الاستثمارات تتحرك نحو شمال المدينة، مع وجود أفكار تطويرية وزحف عمراني وتنوع لمخططات المنطقة التي اشتمل بعضها على مخططات لقصور وفلل وشقق سكنية.