لم يعد حصار قطاع غزة قضية سياسية ولا أمنية، فقد أدى تفاقم الأوضاع الصحية والمعيشية ونقص الغذاء وتفشي الأمراض، وارتفاع عدد الضحايا الذين ارتفع عدد من فارق الحياة منهم بعد أن تعذر علاجهم أو توفير الدواء لهم، لم تعد القضية محصورة في أطرها السياسية والأمنية، بل أصبحت قضية إنسانية بكل ما يحويه هذا المصطلح من أبعاد ومضامين، فالحصار المضروب على قطاع غزة حوله إلى سجن كبير يعيش داخله ثلاثة ملايين وتسعمائة ألف فلسطيني منهم 60% من الأطفال الذين يعيشون ظروفاً في غاية الصعوبة، وإن هؤلاء الأطفال يعانون من أمراض سوء التغذية وفقر الدم، إضافة إلى تعرض هؤلاء الأطفال أكثر من غيرهم إلى مخاطر وإصابات الحرب فسقط العديد منهم وتجاوزوا المئات بين شهيد وجريح ومعاق ومن يتعرض منهم لإصابات الحرب يظل دون علاج، وحتى إذ ما تلقى علاجاً فيظل بدائياً أو أولياً في المستشفيات القليلة في القطاع والتي تعاني شح الأدوية ونقص المعدات وندرة الأطباء، الذين يواجهون أوضاعاً صعبة في أداء أعمالهم، إلا أن تعلقهم بالأرض وحبهم لأهلهم في فلسطين جعلهم مواظبين على عملهم في المستشفيات رغم كل الظروف الصعبة التي يعيشونها، أطباء يضحون وأطفال يعانون عاهات مستديمة.

هذه التضحية والآلام والعذاب والحاجة الملحة تفرض تدخل المجتمع الدولي والجوار العربي، إلا أن الأشقاء العرب الذين عقدوا قمَّتهم الأخيرة لم يستشعروا عذاب وحاجة الأشقاء في غزة، فبقي الحصار وتواصل سقوط ضحايا الأمراض وعدم توفر العلاج ولا الغذاء، وكأن غزة، وأهلها ليسوا من العرب.. بل ولا حتى من أبناء البشر، يتركون ضحايا للحصار وتفشي المرض ونقص الغذاء إرضاء لبني صهيون..!!

***