هذه المبادرة القيمة تأتي ضمن منظومة من المبادرات العملاقة لخادم الحرمين الشريفين، تلك المبادرات رفيعة المستوى التي شدت انتباه العالم، وقدَّرها حق قدرها العقلاء المنصفون، وأشادت بها وسائل الإعلام، وخدمت البشرية في مجالات خيِّرة متعددة.. وحينما تحظى اللغة العربية بعناية واهتمام على أرقى المستويات فذلك رشد وحكمة وبُعد نظر؛ لأن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، وهي لغة السُّنَّة، وهي لسان الأمة.. فخدمة اللغة العربية ترشيد لعلاقة الأمة العربية باللغة العربية في خطابها وفي تعليمها وفي تراثها.. خدمة اللغة العربية خدمة للعقل العربي لينطلق حسب معايير الفطرة وحسب المعايير العالمية في تعامل الأمم مع لغاتها الأم في كل دولة.
خدمة اللغة العربية خدمة للتفوُّق وللإبداع العربي الحقيقي الذي ناله الضعف وخبت جذوته بفعل الإدارة الأجنبية؛ فبقيت الأمة العربية رهن التخلُّف والإحباط والثبور؛ لأن النكبة في اللسان أشد النكبات ضرراً على الأمم وأشدها إيلاماً، وأعنفها تدميراً.
خدمة اللغة العربية انطلاقة أصيلة إلى العالمية بعزة وبكرامة وبمعايير الجودة بيُسر وسهولة، يسعد بها العقل العربي والطالب العربي، وتُثرى بها المكتبة العربية، ويصبح بها المجتمع العربي مشاركاً حقيقياً في التقدُّم الصناعي والتقني بجدارة.
خدمة اللغة العربية ستساعد الأمة العربية على وضوح الرؤية؛ ومن ثم الاستغناء عن معايشة سلبيات الاستثناء في لسان التعليم، ذلك الاستثناء الذي يصعب الآن وقبل الآن هضمه وتمريره ما دامت الأمة العربية تملك لساناً عالمياً يملك القدرة بامتياز على التواصل وإيصال حقائق أي علم ودقائقه إلى الإنسان العربي دون عناء ودون مشقة.
خدمة اللغة العربية طوق نجاة للأمة العربية يقيها من ضعف المعلم وضعف المتعلم، ويمنحها قوة في التحمُّل والأداء في مجال الإفادة والاستفادة، وذلك يعني تصويباً لغوياً يضمن سلوك الطريق الموصل إلى الأهلية الكاملة للتقدم والرقي دون غبش في الرؤية ودون تعثر في الخُطَى.
مركز الملك عبدالله لخدمة اللغة العربية سَبْق محمود ونهج رشيد يستحق الإشادة وعاطر الثناء وجزيل التقدير من كل عربي مخلص لأمته ومعتز بتراثها وحريص على تقدمها ورقيها.
مركز الملك عبدالله لخدمة اللغة العربية تفعيل حكيم وشجاع لعالمية اللغة العربية وسموها، وهو أيضاً احتفاء بها، ولكنه احتفاء جليل بالغ الأهمية؛ لأن له صفة الدوام والاستمرار وعموم النفع، وهو بهذا المفهوم أعمق أثراً من الاحتفاء الموسمي باللغة العربية مرة في كل عام.
مع الأخذ في الاعتبار حصول القيمة المعنوية المترتبة على الاحتفاء باللغة العربية عربياً وعالمياً في كل سنة كما قررته هيئة الأمم أسوة باللغات العالمية الأخرى، وهو احتفاء يُقدِّره العرب، ويعتزون به.
وختاماً نقول: إنَّ الآمال الكبار المعقودة على هذا المركز المبارك لها ما يبررها، والمستقبل المشرق المنتظر للغة العربية له ما يبرره أيضاً.
فلخادم الحرمين الشريفين من أمته جزيل الشكر، وله الدعاء الخالص بطول العمر وعظيم الأجر.