الرياض - أحمد القرني
أوصى وزراء الصحة والعدل والثقافة والإعلام بإلزام جميع القطاعات الصحية عمل البرامج اللازمة للحد من الأخطاء الطبية، مع ضرورة إعادة النظر في الدية المقدرة شرعاً للنفس والمنافع والأعضاء والعمل على زيادتها.
كما أوصى الوزراء خلال ندوة نظمتها وزارة الصحة في الرياض أمس تحت عنوان: (الأخطاء الطبية وآلية التعامل معها) بتسهيل الترخيص للقطاع الصحي المحلي والعالمي وتشجيعهم على الدخول في إنشاء المراكز التخصصية مع المراقبة والمتابعة لهذا القطاع، إضافة إلى تسليط الضوء على إعادة النظر والحكم بالتعويض عن الأضرار النفسية والمعنوية التي قد يتعرض لها المريض والممارس على حد سواء.
كما حث الوزراء على إعادة النظر في المكافأة الممنوحة لأعضاء الهيئات الصحية الشرعية والخبراء بحيث تكون مساوية للهيئات واللجان القضائية الأخرى، إضافة إلى مطالبة وسائل الإعلام باستسقاء المعلومات عن أي قضية من مصادرها الأصلية وليس من أحد أطراف النزاع، ولا يتم النشر إلا بعد الحكم النهائي.
وكان قد استعرض أصحاب المعالي وزراء الصحة والعدل والثقافة والإعلام، رؤاهم وآلياتهم العملية لمواجهة الأخطاء الطبية وسبل الحد منها ووضع أسس مهنية مدروسة للتعامل معها بطريقة علمية منهجية بعيدة عن الإثارة واللامهنية، خلال ندوة نظمتها وزارة الصحة في الرياض أمس تحت عنوان: (الأخطاء الطبية وآلية التعامل معها).
وقال معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة في كلمة خلال الندوة: إن الأخطاء الطبية تحتل حيزاً كبيراً من اهتمام المواطنين ووسائل الإعلام والجهات ذات العلاقة، حرصاً من الجميع على الحد منها ومنع تكرارها.
وأضاف: «لما كانت الأخطاء الطبية تشكل قضية عالمية فقد أوجبت قيام الهيئات العلمية العالمية بوضع أسس مهنية مدروسة للتعامل معها وإرساء قواعد لحماية المرضى والممارسين الصحيين من حدوثها وآثارها السلبية».
وأكد معاليه حرص وزارة الصحة على مواكبة التطور الصحي العالمي الذي يبنى على البراهين ويهدف لتحقيق رضى المستفيدين من خدماتها وتأمين سلامتهم.
وقال: «إيماناً من هذه الوزارة بمبدأ إتاحة الفرصة للجميع وخصوصاً الجهات ذات العلاقة للمشاركة وإبداء الرأي في الكيفية المثلى للتعامل مع هذه المشكلة إرساءً لمنهج الشفافية مع الجميع، فقد قامت وزارة الصحة بالدعوة لهذه الندوة المهمة بمشاركة وزارة العدل ووزارة الثقافة والإعلام وبحضور القطاعات الصحية المختلفة ومجلس الشورى والهيئات الحقوقية والإعلامية لمناقشة هذه القضية بطريقة علمية منهجية بعيدة عن الإثارة واللامهنية، مستفيدين من الأنظمة العالمية في إطار تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف».
بدوره أبدى معالي وزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى سعادته بالمشاركة في هذه الندوة التي رأى أنها تناقش موضوعاً مهماً كثر الحوار وتداول الرأي حوله. وأكد حرص وزارة العدل على المشاركة في هذا اللقاء لتسهم في وضع النقاط على الحروف من الناحية القضائية في شقها المتعلق بوسائل الإعلام.
وقال: «تناول وسائل الإعلام لموضوع الأخطاء الطبية ونقده يحتاج لمراجعة ووضع الأمور في نصابها الصحيح».
وثمن عالياً تنظيم وزارة الصحة هذا اللقاء لمعالجة الأخطاء الطبية، مشيراً إلى أن هناك قضايا وحوارات تتعلق بشأن التعويضات في قضايا الأخطاء الطبية وآلية الفصل في القضايا الطبية ستشملها هذه الندوة في مناقشاتها إن شاء الله تعالى وتثمر عن توصيات نافعة للجميع.
كما ألقى معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة كلمة أثنى فيها على اهتمام معالي وزير الصحة والعاملين في قطاع الصحة بموضوع الأخطاء الطبية وضرورة تضافر الجهود لإيضاح الحقيقة حولها.
وقال معاليه: «من واقع مسؤوليتها عن جميع وسائل الإعلام ومتابعة ما ينشر ويقال ويبث تجد وزارة الثقافة والإعلام لزاماً عليها التأكد من اتباع المنهجية الصحيحة وإعطاء كل ذي حق حقه.. ومع حرصها على تقديم الدعم والتسهيلات وضمان حيز من الحرية المعقولة لكل إعلامي، فهي في الوقت نفسه لا تقبل أن يترك الباب مفتوحاً لنشر ما يمكن أن يسيء لهذا البلد أو رجالاته».
وأكد معالي وزير الثقافة والإعلام أنه مع النشر والبث الهادف البناء ويدعم الوصول إلى الحقيقة والتعريف بها، وناشد الإعلاميين أن يكون البحث عن الحقيقة ديدنهم وتوعية المواطن هدفهم في طرح إعلامي مستنير يحقق مطلب الشاكي في التعريف بمشكلته ومطلب من ضده الشكوى في إيضاح ما يرى أنه الحقيقة.
وقال معاليه: «هذه المفاهيم مجتمعة حينما نسير وفق مضامينها نضع نصب أعيننا ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته التاريخية في افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الخامسة لمجلس الشورى، حيث قال - حفظه الله -: (إنكم تعلمون جميعاً بأن الكلمة أشبه بحد السيف، بل أشد وقعاً منه، لذلك فإنني أهيب بالجميع أن يدركوا ذلك، فالكلمة إذا أصبحت أداة لتصفية الحسابات، والغمز واللمز، وإطلاق الاتهامات جزافاً كانت معول هدم لا يستفيد منه غير الشامتين بأمتنا، وهذا لا يعني مصادرة النقد الهادف البناء، لذلك أطلب من الجميع أن يتقوا الله في أقوالهم وأعمالهم، وأن يتصدوا لمسؤولياتهم بوعي وإدراك، وأن لا يكونوا عبئاً على دينهم ووطنهم وأهلهم) انتهى كلامه حفظه الله.
وخاطب الهزاع الإعلاميين قائلاً: وزارة الثقافة والإعلام لا ترغب وليس من سياستها مصادرة الحريات في الخبر أو المقالة أو التقرير، ولكنها في الوقت نفسه لا يمكن أن تدع الحبل على الغارب لكل من أراد أن يسيء أو ينتقص من قدرات هذا البلد سواء في مجال الطب أو غيره دون وجه حق.
وقدم نموذجين لكاتبين من الصحف اليومية تحدثا عن الأخطاء الطبية بأسلوب تهكمي استفزازي.. وعلق عليهما قائلاً: (مثل هذه المقالات لن تؤدي إلى إصلاح أي خطأ ولكن ما ستفعله هو التشكيك في قدرات كل الكوادر والمنشآت الطبية وإظهار المملكة أمام الآخرين بأنها في مصاف الدول المتأخرة طبياً، وهذا أمر يناقض الواقع ولا يقبل به منصف).
وشدد على أن وزارة الثقافة والإعلام لا تقف أمام الشفافية في الطرح وتحديد ومحاسبة المقصر جراء ما فعل إذا ثبت تقصيره، مؤكداً إدراكها تمامًا أهمية تناول وسائل الإعلام قضايا تمس حياة الإنسان باعتبار هذه الوسائل مرآة تعكس واقع المجتمع ومتطلباته.
وعبر عن أمل الوزارة - في ذات الوقت - أن تتاح الفرصة لكل شخص أو مؤسسة تعرضت للنقد بسبب خطأ طبي لإيضاح وجهة نظرها وما ترغب في قوله رداً على ما قيل أو كتب، فلربما خفيت الحقيقة أو حاول الشاكي إخفاءها رغبة في الإثارة والتهويل واستمالة للآخرين للتعاطف معه والقناعة بشكواه.
وبيّن المتحدث باسم وزارة الثقافة والإعلام أن الوزارة لديها لجنة مختصة بالنظر في المخالفات الصحفية يشارك فيها ممثلون من وزارات الداخلية والعدل والتجارة ومستشاران قانونيان تنظر من بين ما تنظر الشكاوى المتعلقة بالأخطاء الطبية.
ومن واقع معايشته لهذه القضايا بصفته رئيساً لتلك اللجنة تمنى عبدالرحمن الهزاع من حملة القلم والمايكروفون مراعاة عدة أمور منها..
1- الابتعاد عن المبالغة والتهويل.
2- الابتعاد عن تأليب العامة واستفزازهم حيال أي خطأ لم يتحدد المتسبب فيه بشكل نهائي.
3- عدم التشهير بالأشخاص أو المؤسسات بأسمائها، فالهدف من الرسالة يمكن أن يتحقق دون ذكر الأسماء.
4- نشر الحقيقة في حالة ظهورها حتى وإن كانت مغايرة لما سبق وإن بثته أو نشرته الوسيلة الإعلامية من قبل الشاكي أو كاتب المقال.
5- الاستجابة لنشر رد الجهة الموجه لها الانتقاد في نفس مكان الشكوى وبحجم ما نشر وفقاً لما نص عليه نظام المطبوعات والنشر.
6- الانتظار إلى أن يصدر حكم الجهة المختصة بالنظر في الخطأ الطبي قبل الحكم على الحادثة والخوض في تفاصيلها.