Al Jazirah NewsPaper Monday  05/04/2010 G Issue 13703
الأثنين 20 ربيع الثاني 1431   العدد  13703
 
هل نحتاج فلسفة خطط التنمية ؟
حسن اليمني

 

بعد مضي أربعة عقود على أول خطة خمسية، أما آن الأوان لنا للتوقف قليلا لتقليب هذه الخطط ونتائجها على الواقع، لنرى نقطة المسار التي وصلنا إليها, ومدى تقاربها أو تباعدها عن النقطة المستهدفة ؟

لاشك أن ما تحقق كبير وهائل، ويمكن مشاهدة بعض شواهد الإنجاز في جانبين، الأول إنجازات إنشائية لا ينكرها الأعمى ولا حتى الأصم، أما الثاني فهو في نقل الوعي الجمعي وتطور سلوكه نحو المعرفه والإنتاج، وفي هذا الجانب بالذات تكمن أهمية خطط التنمية وقيمتها، ولعلي لا أخالف الحقيقة إذا قلت: إن إعداد خطط التنمية لدينا قام على أن يوفر الجانب الأول الأرضية التي يقوم عليها إنجاز الجانب الثاني لتحويل الوطن من مستهلك إلى منتج، ومن مصدر لثروة طبيعية إلى مصدر للمعرفة والإنتاج، بيد أن صادراتنا غير النفطية ما زالت إلى اليوم متواضعة تناسبا مع الوقت المستهلك، وإن كانت نمت فعليا بشكل ملحوظ، إلا أن إيراد هذه الصادرات غير النفطية أو التي لا تعتمد على النفط لا تكفي لموازنة بلدية من البلديات فما بالك بدوله ؟ وإن أضفنا إلى ذلك حقيقة أخرى وهي أن الأيدي المنتجة هي في الغالب مستوردة، فإننا سنصل إلى نتيجة تستحق منا إعادة النظر في قيمة تقدم جانب الإنجاز الإنشائي على الجانب الإنتاجي.

إن الفقر والبطالة وإن لم تشكلا ظاهرة، إلا أنهما أصبحتا أكثر ظهورا وأقوى سطوعا عن بدء انطلاق خطط التنمية عام 1970م، ورب قائل، إن ذلك طبيعي بحكم النمو السكاني، لكن مثل هذا القول يمكن الرد عليه بنمو الإيراد الوطني، وإن أضفنا إليه ما تحقق من إنجازات إنشائية في الخدمات والمواصلات والاتصالات والتعليم والصحة والتجارة والثقافة، وهو ما يساعد في انكماش مساحات الفقر والبطالة، فإن ذلك يعطينا رؤية أكثر دقة في حاجتنا إلى فلسفة أعمق في رسم خطط التنمية.

لقد وجد الدكتور محاضر محمد رئيس وزراء مملكة ماليزيا السابق إن أقصر الطرق وأسرعها في الوصول إلى تحقيق التنمية الشاملة، هو في تحول مفهوم التنمية من نمو إلى تحرر، ومثل هذه الرؤية تحتاج إلى تعمق وتمعن، إذ إنها تبدو لأول وهلة كأنما هي رؤية نظرية أكثر منها رؤية تطبيقية، لكنها في حقيقة الأمر، فلسفة اتجاه وتوجيه لمسارات البناء نحو ما هو أبعد من توفر المعطيات إلى توفيرها، وإلى بناء قاعدة تحديد وتوجيه النمو في المسارات التي تخدم ضمان استمرارية ونجاح هذه الخطط التنموية، وبمعنى تحويل المفهوم التقليدي للتنمية من نمو (تراكمي) إلى تحرر من القيود المعيقة للمسارات الموصلة في النهاية إلى تحقيق الأهداف، في شتى الجوانب الفاعلة والمتفاعلة، وبما لا يتجاوز الهوية والقيمة، وكذلك في الأطر والأنظمة والإجراءات، بما في ذلك ما قد يبدو أنه في حاجة إلى دعائم مساندة مثل الوقت والتهيئة وغيره باعتبار أن هذا الاتجاه والتوجيه هو بمثابة القاعدة والأرضية للانطلاق نحو التحكم والسيطرة في مسارات النمو الإيجابي للخطط التنموية في الأجل الأبعد ولتحقيق الأهداف الأعلى، فهذا الفهم التنموي أدى إلى انخفاض نسبة الفقر في ماليزيا من 52% عام 1970م إلى 5% عام 2002م، ورفع متوسط دخل المواطن من 1247دولار عام 1970م إلى 8862 دولارا عام 2002م، وأطاح بنسبة البطالة إلى 3% فقط.

ولم يكن ذلك ليتحقق لولا مراقبة و متابعة الإنجاز دوريا وعدم تجاوز أي إخفاق مهما صغر حتى لا يكون بمثابة أرضية لنمو مسار الإخفاق والفشل.



Hassan-alyemni@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد