المتابع لما يجري في وسطنا الرياضي لابد أن يكون قد أصابه الملل حد الاستخفاف لمبالغة أنصار بعض الفرق التي شاركت في نهائيات كأس العالم للأندية.. من حيث الذهاب بعيداً في مسألة التباهي وتصوير تلك المشاركة على أنها إحدى عجائب الدنيا أو إحدى المستحيلات.. رغم التحفظ الوجيه والمدعم بالحقائق حول الطريقة التي مكنت تلك الفرق من المشاركة، والتي لا تزال حديث الشارع الرياضي الآسيوي إلى اليوم، وستبقى كذلك إلى ما شاء الله على اعتبار أن ما بني على باطل فهو باطل.
ولنفترض جدلاً أن تلك المشاركة كانت خالية من الشوائب والعيوب، وأنها تحققت عن جدارة، ولم تتدخل فيها بعض الأمور الطاعنة بقوة في مشروعيتها.
إلا أنها تبقى ثمة جملة من التساؤلات الجوهرية التي لا يستطيع أولئك الإجابة عنها، وإن فعلوا فلن تتجاوز إجاباتهم مستوى مفاهيمهم (المنتفخة) كالعادة (؟؟!).
أهم تلك التساؤلات هو: بماذا عادوا من مشاركاتهم تلك، وماذا حققوا بعدها على كافة الأصعدة سوى الضجيج الفارغ والنفيخ الكاذب (؟!!).
إذ لا يمكن لأي شخص يحترم عقول الناس وإدراكهم، ويحترم قدراتهم، حتى البسيطة منها، على وزن وقياس الأمور بمقاييسها الصحيحة بعيداً عن البهرجات والهيلمانات.. أن يأتي ويحاول خداعهم وإقناعهم بأن مجرد المشاركة ومن ثم العودة بالمركز الأخير أو قبل الأخير.. إنما هو مدعاة لممارسة الغطرسة الخرقاء (!!!).
وبناءً عليه يأتي التساؤل الآخر الذي يقول: ماذا لو أنهم عادوا بإحدى الميداليات على غرار الأهلي المصري أو بوهانج الكوري.. أي لغة كانوا سيستخدمون (؟!!).
على طاري اللغة.. يقول أحد منظريهم عبر الشاشة: (قدر فريقنا أنه عالمي متواجد في إحدى الدوريات المحلية)، تخيلوا لو أن الفريق إياه لا يقبل بأقل من تحقيق بطولة معتبرة كل موسمين أو ثلاثة مثلاً.. ماذا كان سيقول هذا (المتورم) وأمثاله (؟!!).
الأهلي المصري مثلاً، عاد من مشاركته بميدالية المركز الثالث، ورغم ذلك لم يخرج عن نسق ووقار الكبار الواثقين من أنفسهم ومن قدراتهم، ولم يستخدم مشاركته المشرفة منطلقاً للتباهي إلى درجة التسمي بغير اسمه المحفور في ذاكرة عشاقه، لأنه بكل بساطة يتكئ على إرث بطولي مشرف، فلم يضع ماضيه ومكتسباته التاريخية العظيمة في مؤازاة مشاركة يرى بأنها أقل كثيراً من أن يضعها عنواناً أو لقباً له.
أيضاً فريق الأهلي الإماراتي.. شارك في النهائيات الماضية ولكنه لم يتسمى بالعالمي أو المونديالي ولا هم يحزنون، ولم يجنح إلى التعاطي مع مشاركته تلك على أنها مدعاة لارتداء ثوب أكبر من حجمه الطبيعي، ولم يكسّر فناجين المعازيب (؟!).
لهذا يتضح بأنه لا يلجأ إلى استخدام مثل هذه المشاركات الهزيلة للتباهي ودلق الألقاب، إلا الفرق الضعيفة وذات التاريخ الفقير جداً من الحضور المشرف والبطولات والمنجزات المعتبرة، ولا سيما إذا جاءت تلك المشاركات على طريقة (كأنك يا بو زيد ما غزيت).
الزرع زرعنا والغنم غنمنا؟!
حتى لو حذفنا نصف ما يردده بعض النصراويين هذه الأيام.. فإن النصف الآخر يبقى أيضاً مثاراً للضحك، حول مسألة الفوارق الجماهيرية من خلال القياس على جوائز (زين) على اعتبار أن الفريق الأصفر وعناصره يستحوذون على معظمها، وتناسوا ما يدور من استفهامات حول الكيفية التي يتم بموجبها الاتفاق أو الإجماح على العنصر المراد منحه الجائزة على طريقة (ياللي بعده)، هذا جانب.. الجانب الآخر: لا أحد يعلم بما يجري خلف الكواليس إلا الله ثم القائمين على تصريف أمور هذه الجائزة بدليل التساؤل المحير عن كيفية حصول الفريق الشبابي عليها مع كامل احترامي وتقديري له كفريق يستحقها لو كانت تُمنح عن طريق التقييم وليس عن طريق التصويت (!!).
الشاهد: حكاية الفريق النصراوي مع جائزة زين تذكرني بقصة حقيقية حدثت لأحدهم في الزمان القديم تقول: غفل الأخ عن قطيع الأغنام العائدة للأسرة حيث اقتحمت الحقل المزروع التابع للأسرة نفسها وأكلت كل ما فيه من زرع، وعندما لاموه الناس وبالغوا في لومه قال: (الزرع زرعنا والغنم غنمنا).
على طاري الجماهيرية وما أدراك ما الجماهيرية، وتعليقاً على ما يرددونه هذه الأيام قال أحدهم: بدلاً من أن يفرحوا هذا الجمهور ببطولة تخفف من عذاباته، راحوا يستنزفونه ويرهقونه مادياً ومعنوياً ودعائياً إلى درجة استخدامه كبضاعة من خلال وضعه في مقارنات غير متكافئة مع جماهير أندية أخرى.. هذا عدا استغلال الحالة التهافتية التي يعيشها من قبل بعض وسائل الإعلام غير الأمنية للترويج بأن هذا الجمهور المسكين ظاهرة غير طبيعية، (وهات يا ضرب) على هذا الوتر، إمعاناً في الذهاب به إلى أبعد مدى ممكن.. إذ من غير المعقول ولا المنطق القول بأن هناك من الجماهير من ينتشي ويتلذذ بالحرمان والشقاء، إلاّ إذا كانت قد تغيرت هذه المعادلة المتعارف عليها ونحن لا نعلم (؟!!).
العفريت الأزرق؟!
لا جدال حول حقيقة سيطرة اللون الأزرق على فكر ومشاعر الكثير من المتأزمين والمنكسرين إلى الحد الذي أضحى يتراءى لهم حتى في صحوهم ومنامهم.. ولظروف المساحة بحيث لا تسمح باستعراض الكثير من الشواهد على أن (العفريت الأزرق) يلازمهم كظلهم.. لذلك سأكتفي هنا بالإشارة إلى أحد آخر المستجدات في هذا الشأن.
تعمّد أحد مخرجات حقبة الخيبات والإحباطات توظيف تشابه الأسماء بين (الهلال) النادي و(الهلالي) الحكم العماني ليكون عنواناً مثيراً لحز بشته عقب مهزلة ملعب الوصل.. إذ جاء العنوان هكذا: (هلالي ورط النصر) بدلاً من أن يقول (عماني) أو (الهلالي) ورط النصر.. وسواء كان حشر رمزية (الهلال) في الموضوع نتيجة الهيمنة الزرقاء الأزلية، أو كان بداعي منح الموضوع القيمة التي تجعله محط الأنظار.. فالنتيجة تبقى واحدة في كل الأحوال وهي استجداء الحضور والاهتمام من خلال التسلق على أكتاف الزعيم.. ومع ذلك يتساءلون: لماذا الناس يتقدمون بينما هم يتقهقرون (؟!!).