لست أدري لماذا (عنّت) على البال فجأة هوايتي القديمة العتيدة ألا وهي ممارسة (الصرمحة) والتسكع في قاع المدن والتصعلك في الشوارع الخلفية ومشاغبة أشرار الناس والسوقة (المتبطلة) والتعرف على الغرباء الذين انقطعت بهم السُبل؛ فاستوطنوا الأزقة القديمة والبيوت الطينية المهجورة واتخذوا مهناً شتى للعيش والتكسب وتأمين لقمة الحياة بمختلف الطرق؛ لذلك شددت الرحال في الحال إلى البطحاء التي تنوس بهذه الأصناف من الخلائق الآتين من كل فجاج الأرض، والتي لم تستطع أن (تكشّهم) كلياً كل الحملات الأمنية المتعاقبة على هذه المنطقة الغريبة العجيبة، ولم تستطع كل الدوريات أن توقف ممارساتهم المخالفة لكل القوانين والأعراف أيضاً.
لذا وما إن وصلت الجسر الحديدي الشهير وانحدرت نحو (بطن البطحاء) وأنا أجرّ قدمي النحيلتين الطويلتين بمصاحبة أحد الأصدقاء (الضُخماء) الذي اصطحبته ل(لزوم) - الصديق عند الضيق - ليس إلا.. أقول وما إن هبطت البطحاء حتى (لقف) لي آسيوي (أملح أجلح) وكان (يبربر) بلغته الخاصة، والتي لم أفهم منها سوى (براميز.. براميز)، وكأنه يعرض شيئاً من الممنوعات؛ مما دعاني لأن أستعين بصديقي الضخم لترجمة عرض الآسيوي الأجلح.. وهنا سحبني صديقي قائلاً: (خله يولي.. ما عنده سالفة)، ولكنني إمعاناً في (بلاغة الشف) قلت له: ولكن ما هي هذه ال (براميز.. براميز) التي يعرضها هذا المخلوق؟ أريد أن أعرف ما هي، وهنا ضحك صديقي وقال: إنه يعرض (برامج ممنوعة)، وهنا قلت له: مثل ماذا؟! فقال لي الصديق: أفلام خليعة، أقراص (سيديهات) ماجنة، برامج تشفير قنوات إباحية، و(هلمّ جراً)، قلت: لذلك لا بد من إبلاغ الشرطة ل(جرّه) إلى السجن، وهنا سمع الآسيوي (الحقير) ما (تراطنا) به أنا وصديقي، وفهم (المراطنة) و(فرك كعبه) وانزلق في شارع ضيق، ولم نشاهد بعد ذلك إلا غبار نعليه.
حقيقةً، لقد (تحسفت) كثيراً على عدم تمكننا من القبض عليه، ولكن - والحمد لله - (حسافتي) لم تدم كثيراً؛ إذ قبض رجال أمننا الأبطال بالأمس على 30 وافداً بحوزتهم (30) ألف قرص خليع وأجهزة فك الشفرات؛ فـ(30 ألف تحية) لهم.