في مطار الرياض، وجدت إشارة إلى «البوابة الآلية»، اتجهت للتأكد من الخدمة الجديدة، ورغم الصف الطويل بانتظار موظف الجوازات، كانت البوابة الإلكترونية خالية، كنت حريصاً على استخراج البطاقة، اتجهت لمكتب بقاعة المغادرة الدولية، كان الاستقبال جيداً، والعناية أكثر، والحديث عن الإعلام شيقاً، مر وقت قصير قبل أن يأخذ موظفو الجوازات معلوماتي وصورتي وبصماتي لأحصل على البطاقة، ولم أشاهد أحداً يدخل المكتب حتى مغادرتي للمكان.
رقم الاشتراك يظهر أنني ضمن أوائل الألف الثاني، ممن حصلوا على البطاقة، والحقيقة إنني أستخدم البوابة الإلكترونية منذ سنوات عبر دبي، وأجدها خدمة راقية ومريحة وأعطالها أقل.
التجربة الأولى للبوابة الآلية السعودية، مرت دون مشاكل، لكن طول الاختيارات التي يطرحها «السوفت-وير» الغبي!، ستجعل الانتظار أمام البوابة أطول من انتظار الدور أمام موظف الجوازات، فأنت تحتاج لاختيار الخطوط، ورقم الرحلة، وجهة السفر، وهي أشياء يمكن الاستغناء عنها، ولعل النسخة المطورة، تكون آلية حقاً، وأكثر ذكاء.
كانت المرة الأولى التي أغادر فيها دون المرور على موظفي الجوازات بملابسهم العسكرية، وتذكرت أنني بقيت لسنوات أثير تساؤلاً فضولياً وحاداً، لماذا موظفو الجوازات لدينا يستقبلوننا ويودعوننا بالملابس العسكرية؟
وموظفو الجوازات في العالم من أصحاب الملابس المدنية، حتى وإن كانوا أصحاب رتب عسكرية؟ فالملابس المدنية أو الوطنية، تعطي إحساساً حضارياً مريحاً، فيما الملابس العسكرية تعطي صورة أو انطباعاً غير حسن أو محبب للزائرين، وتقدم له رسالة غير صحية عن أن البلاد ثكنة أمنية تقليدية، وهو ما تحرص دول العالم النامي والأقل نمواً على تأكيده!.
استرجعت صور العلاقة بيننا وبين رجل الأمن، الصور التقليدية التي تجعلنا نخاف ونحن طيبون وبسطاء، وأنت تقدم جواز سفرك إلى موظف الجوازات تفعله بنوع من الشك، وكأن المطار مستعد للانقضاض عليك في أي لحظة، رغم من مسالمتك ومشيك «جنب الحيط»، ونفس الشعور بدرجة أقل مع موظف الخطوط المتسلط.
والشعور أكثر خوفاً حين تقدم رخصة أو إثباتاً إلى رجل الأمن أو المرور، وشعور الخوف المزروع فينا لم يتوقف أو يبدأ هناك، بل تشكل في المدرسة، والبيت والحارة.
حتى رجال الدين والهيئة لم يعودوا يحملون تلك السمة الجميلة «الاحتساب» وما يقود إليه من ورع وأخلاق، بل أصبح البعض منهم خصوماً للمجتمع، وهو أيضاً ما يفسر فرار المشتبه بهم أو قذف نفسهم من ارتفاع عال، ملقين بأنفسهم خوفاً إلى التهلكة، فالحق مع صاحب السلطة - أي سلطة، بمن فيهم فراش مدرستنا الطيب الذكر.
هل الخوف جزء من صناعة ثقافية؟ أو بقايا من عادات وتقاليد؟ قد يكون الاثنان معاً، لكن الأكيد أننا نجهل حقوقنا أيضاً، ونجهل كيف يمكن لنا إثبات هذه الحقوق، فضلاً عن المطالبة بها، بل هل تعرف كيف تجد محامياً مثلا يساعدك عند الحاجة؟
بالطبع للإنسان العادي المواطن، لا يوجد شيء واضح، سوى الخوف ومسك الجدار، والاستسلام، والتسليم، ولعل العواقب تكون سليمة أيضاً!
إلى لقاء