للعلماء سمتهم، ولهم شمائلهم ووقارهم، يبدو هذا جلياً في أقوالهم، وفي مواقفهم، يترفعون عن سفاسف الأمور، وعن الصغائر وعن الضغائن، هم منارات هدى وهداية، يرشدون إلى كل سام من الأقوال، وكل نبيل من الأفعال، رسالتهم هداية الناس، وإرشادهم إلى سبل الخير والفلاح، وتنبيههم عن مواطن الفساد والانحراف، والزيغ والهلاك، يتحدثون بلين ولطف وسماحة، لا انفعال في حديثهم، ولا استهزاء ولا ازدراء، لا كذب ولا بهتان، لا قذف ولا إدعاء، يتجنبون الخوض في الأعراض، وفي الأمور التي تفرق الناس وتعكر صفو حياتهم، وكل أمر ليس لديهم عليه دليل وبرهان، وإن تملكوا الدليل والبرهان نهجوا نهج النبي صلى الله عليه وسلم «ما بال أقوام» تلميح دون تصريح.
هذا ما يعرف عن العلماء والدعاة، وهذا ما يعرفون به، هذا خلقهم وهذا نهجهم، ولا غرو في ذلك فهم ورثة الأنبياء في بيان شرع الله، وإيضاح الحق للناس، وتعليمهم كل ما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم، وكل ما يحقق لهم السعادة والفلاح.
لكن عندما ينفعل من يعد نفسه أو يعده قومه عالماً ومرجعاً دينياً، وينقاد بصلف وقلة حياء وراء أحقاد دفينة، وأهواء مغرضة، ويعمى بصره، وتعمى بصيرته، ويزيغ عن الطريق المستقيم في دعوة الناس ونصحهم، عندما يحصل هذا أو بعضه من عالم أو داعية، فإن المتلقي يشعر بالاشمئزاز والنفور، ويدرك أن الذي أمامه مهما كان لون عمامته، ومهما كانت درجته العلمية، فإنه لا يستحق الاستماع له، والإنصات لقوله، وهدر الوقت في متابعة هذاءاته وصفاقته وقلة حيائه.
الكوراني يتصدر قائمة المعممين الذين تنضح أقوالهم بكل صنوف الكراهية والحقد، والكذب والتدليس، والسب واللعن والطعن، يتحدث بصفاقة، وبانفعال شديد أفقده التوازن والرزانة والعدالة، وهذا ما جعل هذا الرجل يتصدر قائمة الساعين للإفساد بين الناس، المصرين على بث روح الفرقة والأحقاد والكراهية، وهو بهذا السعي يقطع الطريق على الجهود المخلصة التي يبذلها كثير من العقلاء لردم الهوة، والتقريب بين الفرقاء، أمثال الشيخ حسن الصفار، والعلامة علي الأمين، وغيرهما من المخلصين الذين تؤلمهم حالة الفرقة والتنافر والتنابز بين المسلمين.
أتدرون ما تعليق «الكوراني» على الرأي الذي طرح بشأن منع الاختلاط في الحرم المكي الشريف..؟ وهو رأي شخصي، لا صلة للمؤسسة الرسمية به، وفنده عدد من المفكرين والمختصين، لكن الكوراني خرج عن المألوف في التحليل والتفنيد وقال قولاً عظيماً، تنفر منه النفوس الكريمة، ولا يمكن أن يقول به سوى ذوي النفوس المريضة, يقول بما معناه: إن كان علماء الوهابية يرغبون في منع الاختلاط بين الرجال والنساء في الحرم المكي، فعليهم أولاً أن يمنعوا معلمي القرآن الكريم من أن يعلموه للصبية والمردان.
واضح جداً مقصده، وواضح جداً الخطل الذي يعشش في رأسه الفارغ من العقل، ومن المنطق الرشيد، هذا قذف وبهتان تفوه به مباشرة على الهواء في برنامج على قناة «أهل البيت» ?كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا?، ما الذي يريد تحقيقه ويصل إليه من هذا الاعتداء والتعدي والقذف الصريح لمربين أكفاء فضلاء؟ إنه أمر واحد فقط، مزيد من البغضاء، والفرقة والشحناء، لقد قال قولاً عظيماً سوف يسأل عنه أمام الله، وليعلم أن المعلمين الذين قذفهم أسمى قدرا وأعلى مكانة من أن ينال منهم الكوراني وأمثاله، وليعلم كذلك أن قافلة الخير والعقل ستظل سائرة تتهادى، ولن تعوق حركتها هذه الأقوال الشاذة النشازة التي حتما سوف تفضي إلى ابتعاد المتلقي واحتقاره لهذا القائل ولكل من يقول مثل قوله.