في أكبر قاعات مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، كان اللقاء الأخوي الحميم بين ثمانين شاباً مصرياً وسبعين شاباً سعودياً، يعزفون جميعاً على قيثارة التلاقي المصري السعودي بكل مكوناته الثقافية والفنية الأصيلة، وبكل تاريخه المتجذر في عمق الزمن، تحت مسمى أسبوع الإخاء السعودي المصري.
والحق أن هذا الأسبوع يمثل منعطفاً مهماً في تأصيل وتعميق علاقات الأخوة التي تتجاوز مسألة جمعيات الصداقة، بحكم ما بين الشعبين العربيين من تلاقي الأفكار والعادات والقيم والتقاليد والموروثات الثقافية، بقدر ما بينهما من أصول اللغة والمفاهيم، ووحدة الأصل، والمشترك الفكري والإبداعي، ووحدة المصير، في سياق أزهى فترات العلاقة بين البلدين الشقيقين، من خلال حكيمي الأمة فخامة الرئيس مبارك وجلالة الملك عبدالله خادم الحرمين الشريفين.. في هذا السياق الشبابي يأتي أسبوع الإخاء في مرحلة مهمة تحتاج كل التركيز على الشباب والناشئة ممن لم يعرفوا عن مصر الكثير سوى الهرم والجمل، وعن المملكة سوى مكة والمدينة المنورة. والحق أن المنتج الثقافي والفني والفولكلوري المعروف خلال الأسبوع، إلى جانب كم الزيارات المتاحة للشباب في القصيم والمنطقة الشرقية والغربية، إلى جانب العمرة المباركة وزيارة الحرمين، تمثل عطاء متجدداً يحسب للقائمين على فكرة الأسبوع وفلسفته وأهدافه، حيث حان الوقت -أيضاً- لإطلاع الشباب السعودي على معالم مصر العامرة من الآثار الفرعونية والإسلامية ومناشط السياحة في شرم الشيخ والساحل الشمالي إلى مطروح إلى البحر الأحمر إلى الأقصر وأسوان، ومثل ذلك ما يمكن لطلاب مصر أن يروه في مناطق الحدود الشمالية من معالم أثرية ونهضة زراعية.. كل هذه المشاهد يجب أن يقف عليها الشباب بقدر تجليات الإبداع التي ظهرت في الأغاني الشعبية والعرضة السعودية، إلى جانب تبادل كلمات التحايا والمودة والأخوة ومعها تبادل حمل الأعلام المصرية والسعودية، بما يحكي فصلاً من فصول التلاقي المنهجي بين الشباب السعودي مع قرنائه من أبناء مصر المحروسة.
لقد دوت في قاعة الملك فهد أصوات شباب مصر حول النيل وحب الوطن، وبمثلها كان صوت الشباب السعودي حول حب المملكة، فكان اللحن الشجي والكلمات المنتقاة والأداء العفوي بمثابة عرض متميز في افتتاح فعاليات الأسبوع التي يستحق الثناء لسمو الأمير سلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب ونائبه سمو الأمير نواف بن فيصل وإلى جوارهما الأستاذ منصور الخضيري وكيل الرئيس العام ونظائرهم من مصر معالي الأستاذ الدكتور صفي الدين خربوش وممثل الوفد المصري الأستاذ محمد الجمل إلى جانب حضور سعادة سفير مصر بالمملكة والمستشارين وأعضاء البعثة الدبلوماسية مما عمق دلالات الملتقى بقدر الدفء الأسري الجامع بين الأشقاء شكلاً ومضموناً.
حقق حفل الافتتاح غايته من خلال حميمية التلاقي بين شباب البلدين وما يشهده من امتداد الأنشطة في حفلات السمر ومسابقات الفن والفكر وزيارة المتاحف والآثار إلى جانب المزارات الإسلامية والمشاعر المقدسة ومدينة الملك فهد الساحلية إلى حيث تقام الأنشطة الرياضية وحفل الختام والتكريم.
التحية واجبة تجاه فعاليات هذا الأسبوع التي تحتاج الاستمرارية والتعددية والتواصل بمعدلات شهرية أو نصف سنوية حتى تتاح الفرص للشباب المصري والسعودي لكي يعيد نسيج ثقافة الآباء والأجداد ممن أدركوا طبائع العلاقة التاريخية بين البلدين بما يحتاج إعادة صياغة في زحام الحياة الشبابية التي شوهت معالمها من خلال الفضائيات وشبكات المعلومات وبات الأمر في حاجة إلى صناعة طوق النجاة وصناعة ثوب الأخوة المصري السعودي بهذه القوة وذلك النسيج المتين بما يستحقه من التقدير والاهتمام والرعاية.
المستشار الثقافي في السفارة المصرية بالرياض