تعلَّم منه الجميع دروساً في فن التعامل مع الآخرين، وتعلَّموا منه معنى الإخلاص في العمل، وتعلَّموا منه أن الإنسان هو مَنْ يُحدد المكان الذي يليق به علوّاً ودنوّاً..!!
إنه الأستاذ حمد بن منصور العمران (مدير التربية والتعليم للبنين بمحافظة الزلفي سابقاً)، الذي عمل في هذا الموقع لخمس سنواتٍ خلت؛ بهمة عالية، وبمعنويات مرتفعة، وبإخلاص وتفانٍ كبيرين، حتى أصبحت إدارته حديث المهتمين، وإنجازاته المُبهرة مثار إعجاب المسؤولين والزائرين، مسؤوليته لم يحصرها بهيلمان المكاتب والشروحات، وطموحاته لم تكن تتوازى مع ما لديه من إمكانات، بل إنك لتحار في الرجل من تنوّع اهتماماته، وشدة حرصه على عمله وإتقانه؛ فتراهُ في الإدارة حكيماً مُسدداً، وفي التربية أنموذجاً ومُعلماً، وفي البناء مهندساً متخصصاً، وفي التقنية مهنياً حاذقاً، وفي كل فن أو مجال له فيه اهتمامٌ وكبيرُ عناية.!!
عمل في محافظة الزلفي فوضع له بصمة لا تنمحي أو تزول، واجتهد في خدمة الناس وأحسن معاملتهم فتمكّن من سويداء قلوبهم، دعا الجميع إلى أن يُشمروا عن سواعد الجد فكان هو أول المُشمرين، وأوصاهم بالبذل والتضحية فكان هو في طليعتهم من السبّاقين، فهو قائدٌ بالقدوة، ومرب يعمل بروح الفريق، نظر إلى مبنى الإدارة المُشيد منذ خمسة وعشرين عاماً فصنع منه مَعْلَماً فريداً في مظهره وفي مخبره، أما المدارس فإنك لن ترى منها في المدينة إلا مدرسة تسبب في افتتاحها، أو مدرسة اجتهد في ترميمها، أو مدرسة اهتم بتطويرها، لم أر لنجاحه سراً أعظم من ثقته بالعاملين معه، ودعمه لهم، وتشجيعه لأفكارهم، وقبل ذلك كله اعترافاته المُتكررة لهم في كل موقف ومناسبة: (أنهم شركاء النجاح)!!
لقد كان يوم انتقاله إلى (الإدارة العامة للتربية والتعليم للبنات بمنطقة حائل) يوماً عصيباً على زملائه ومحبيه الذين رأوا فيه مثال المسؤول الحريص على راحة الموظف ومصلحة الطالب وخدمة الناس، بل إنه يومٌ عصيبٌ كذلك على الطلاب وأولياء أمورهم الذين عرفوا فيه الفكر المستنير والحماس المتوقد والطموح الذي لا ينتهي، كيف لا وقد أصبحت المدارس - بفضل الله ثم بفضل اجتهاده ومتابعته - أحب إلى أبنائنا من بيوتهم وشوارعهم وملاعبهم، لما يجدونه في جنباتها من: بيئة جاذبة وعناية فائقة.. فهل يُلام المكلومون بفراقه بعد كل هذا؟!