(القدس شرقها وغربها عاصمة إسرائيل)، (البناء في القدس الشرقية هو كالبناء في تل أبيب)، (القدس الشرقية ليست مستوطنة بل هي جزء من إسرائيل). العبارات أعلاه، قالها رئيس وزراء إسرائيل مقرونة بتصفيق منقطع النظير في مؤتمر الإيباك وهي المنظمة الأمريكية الإسرائيلية في الولايات المتحدة الأمريكية، التي يشغل أعضاؤها مناصب رفيعة في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وفي مجلس الشيوخ والنواب.
صراحة نتنياهو عرت ما تبقى من أستار العملية السلمية، وعلى الفلسطينيين والعرب المسلمين في عقيدة نتنياهو ألا يحلموا بعودة المسجد الأقصى لهم، فهذه مسألة منتهية لن تتراجع عنها إسرائيل في ظل أي مفاوضات للسلام.
وباختصار فإن ما قاله نتنياهو يعني أن دولة فلسطين في حدود 67 بما في ذلك القدس الشرقية التي فاوض عليها الفلسطينيون لمدة 18 عاماً لن تتحقق. تذكرت وأنا أسمع هذا الكلام المتصلب من رئيس وزراء الدولة اليهودية، ما ورد في القرآن الكريم عن اليهود بأن لا عهد لهم، وتذكرت المرحوم بورقيبة رئيس جمهورية تونس في الستينات من القرن الماضي عندما اتهم بالخيانة العظمى لأنه طرح فكرة الاعتراف بإسرائيل في الحدود التي رسمها القرار 149 الصادر من مجلس الأمن بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب الفلسطينيين، كان ذلك قبل عام 1967م وقبل أن تسقط القدس والضفة الغربية وغزة تحت الاحتلال الإسرائيلي.
العرب الآن يطالبون بأقل مما عرضه الرئيس بورقيبة ولا يحصلون عليه، فأين الخطأ؟ هل هو في هجر قول الله تعالى: ?وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ? والارتكان لما قد يفعله لنا الأصدقاء الأمريكان والأوروبيون؟ أم جهل المفاوضين العرب لحقيقة الصهيونية وتقنيات التفاوض؟.. أم هو العجز عن استرداد ما أخذ بالقوة؟ أم هو كل ما سبق وأدى بالعرب إلى الاصطفاف في معسكرين، معسكر ترحير فلسطين بالعملية السلمية، ومعسكر التحرير بالقوة العسكرية الذي رغم حروبه وانتفاضاته على مدى 62 عاماً لم يسترد شبراً من أرض فلسطين اللهم إلا غزة المحاصرة.
قد نسمع غداً من يقول من معسكر السلام، لا تيأسوا، فنتنياهو لن يدوم وستعمل الدول الصديقة على إسقاط حكومته، وستأتي حكومة تؤمن بالسلام وستعيد المسجد الأقصى لأهله، ولا أملك في هذا السياق إلا أن أذكر هؤلاء بأن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق رابين قد سار في هذا الطريق فاغتاله غتلة الأنبياء.
الدول العربية المجتمعة في ليبيا ستقر رفع أمر المستوطنات إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، وقد سبق لهم فعل ذلك فيما يتعلق بالجدار العنصري ولم ينفع بشيء، الذي ينفع هو إصدار قرار من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع يقرر الاعتراف بدولة فلسطين في حدود قرار مجلس الأمن رقم 149، وبالحد الأدنى حدود 5-6-1967م، فهل الدول العربية قادرة على ذلك؟.
المحصلة النهائية التي يتفق عليها المعسكران هو وجود خطر إسرائيلي على الأمة العربية والإسلامية ماثل للعيان، وهناك في الساحة (ذئب) يخشاه أحدهم و(دب) يخشاه المعسكر الآخر، ويروى أن تشرشل رئيس وزراء بريطانيا كان يهول باستمرار بالخطر النازي واصفاً إياه بالذئب، فعلق عليه الزعيم العمالي البريطاني بيفان قائلاً: (إن رئيس الحكومة يصرح باستمرار ذئب، ذئب) في حين يوجد أيضاً (دب) روسي، فلماذا لا يغدي (الدب) ويقويه ليفتك له بالذئب؟.