Al Jazirah NewsPaper Saturday  03/04/2010 G Issue 13701
السبت 18 ربيع الثاني 1431   العدد  13701
 
الدول المنتجة تجتمع في وهران الشهر الجاري وشكيب يلمح لقرار تاريخي
مختص لـ(الجزيرة): روسيا وإيران تسيران باتجاه دعم قيام منظمة للغاز

 

الجزيرة - فيصل الحميد

منذ أن ألمحت الدول المنتجة والمصدرة للغاز عام 2007 في اجتماعها الوزاري السادس في الدوحة تحويل منتداهم إلى منظمة على غرار منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» واجهت انتقادات حادة من دول أوربا والولايات المتحدة وحتى دول شرق آسيا ومعارضة شديدة خشية أن تتحكم المنظمة في أسعار الغاز أو التأثير عليها.

والأعضاء عندما أسسوا المنتدى أكدوا أن ذلك لا يعدو كونه اجتماعاً دورياً لمناقشة السياسات المتعلقة بالقطاع، مستبعدين أن يتحول إلى منظمة، وفقط إيران هي من يدعو إلى التحول كونها من اقترح الفكرة، التي تدرس من قبل الأعضاء منذ ذلك الوقت.

ويترقب قطاع الغاز في التاسع عشر من الشهر الجاري ما يسفر عنه الاجتماع العاشر للدول المنتجة والمصدرة للغاز والمنعقد في وهران الجزائرية، حيث قال شكيب خليل وزير الطاقة والمناجم الجزائري: إن الاجتماع سيخرج بقرار تاريخي. ورداً على سؤال حول احتمال إعلان (أوبك للغاز) قال شكيب للصحفيين: «إذا أراد منتدى الدول المنتجة والمصدرة للغاز أن يكون عملياً ويدافع عن مصالح الدول المصدرة يجب أن يكون هناك إجماع وتوافق، وفي كل الأحوال فإن قرار إنشاء أوبك للغاز مرتبط بكبار المصدرين قبل كل شيء».

وأضاف «إن القرار مرتبط بموافقة قطر وروسيا الدولتين اللتين تعتبران من كبار المنتجين».

وتملك روسيا وإيران وقطر 60 % من احتياطيات الغاز في العالم، وتتصدر روسيا الإنتاج بنحو 584 مليار متر مكعب في عام 2009 تلتها إيران بأكثر من 198 مليار متر مكعب ثم الصين التي أنتجت أكثر من 83 مليار متر مكعب لكنها تستهلك أكثر من الإنتاج فقطر التي ستصل إلى بإنتاجها في 2014 عند 23 مليار متر مكعب.

روسيا على خطى إيران

الخطة البديلة لأوروبا لتخفيف اعتمادها على الغاز الروسي والذي شكل هاجساً وهي تعتمد على نصف استهلاكها تقريباً من تلك الأنابيب الممتدة عبر الأراضي الروسية، هي التحرر من العبودية للطاقة الروسية من خلال مد خط أنابيب من أواسط آسيا إلى أوربا دون المرور بروسيا، وبالفعل أبرمت اتفاقية بداية القرن الحالي لإنشاء «نابوكو» وهو خط للغاز يربط بحر قزوين بالنمسا مخزن الغاز الأوربي مروراً بتركيا وبلغاريا ورومانيا والمجر دون المرور بالأراضي الروسية. والاتفاقية أثارت حفيظة الدب الروسي الذي وجه ضربة استباقية من خلال استراتيجية تبناها لوأد المشروع.

يقول الدكتور راشد أبانمي إستراتيجي وخبير في قطاع الطاقة لـ(الجزيرة): طبقت روسيا إستراتيجية لإفشال المشروع من خلال إثارة الخلاف على بحر قزوين واعتباره بحيرة، وبناء على ذلك فالقانون الدولي سيعطيها الحق بتقاسم مياهه وثرواته بالتساوي بين الدول المحيطة به كما ينص القانون الدولي على ذلك. ويضيف أن روسيا قامت أيضا بشراء كامل الغاز المنتج في أواسط آسيا لعقود طويلة الأجل، كما توجهت إلى تكثيف الجهود لبناء خطوط غاز كخط (ساوث ستريم) الذي يمر تحت مياه البحر الأسود، وصولاً إلى بلغاريا.

وبالفعل استطاعت روسيا تخفيف الحماس الأوربي لبناء الخط كون الهدف الأساسي من فكرة المشروع لم يعد قائما فروسيا ستكون هي مصدر الخط مجدداً، وبالتالي تعثر المشروع نوعاً ما حتى العام 2009 عندما أعيد إحياء الفكرة وأبرمت اتفاقية في أنقرة في يوليو 2009 مهدت الطريق لإقامة الخط، وأرجع الدكتور أبانمي إحياء المشروع رغم عدم وجود المصدر إلى عدة أمور منها أن الاتفاق مجاني ولكن له مردود إيجابي على المدى القريب فهو يوحي بوجود استراتيجية بخصوص الطاقة، كما أن الاتفاقية فيها نوع من الإغراء لدول منطقة آسيا الوسطى والقوقاز بالتمرد على روسيا، فضلا عن إمكانية إيجاد بدائل للمصدرين كإيران التي تملك ثاني اكبر احتياطي للغاز بعد روسيا بالإضافة إلى العراق رغم ان الإنتاج قليل وغيرها من دول آسيا.

ومن هنا يرى الدكتور راشد أبانمي ان روسيا تعود مرة أخرى ضمن استراتيجيتها ضد خط «نابوكو» وتسير في اتجاه دعم قيام منظمة للغاز على غرار «أوبك» وهو نفس اعتقاده بالنسبة لإيران لكن قد يأخذ الأمر وقتاً طويلاً وربما لا يرى النور في اجتماع وهران.

الشرق الأوسط الغني بالغاز

في منطقة الشرق الأوسط ما تزال صناعة الغاز في مراحل التطور الأولى مقارنة مع غيرها من المناطق، ولم تصل بعد إلى مرحلة الاستغلال الكامل لموارد الغاز التي تزخر بها، وفقا لتصريح المدير التنفيذي لشركة نفط الهلال وعضو مجلس إدارة شركة دانة غاز مجيد جعفر الذي أشار خلال القمة السنوية الرابعة عشرة للغاز في الشرق الأوسط، التي اختتمت الأربعاء في أبوظبي أن المنطقة تستحوذ على 41% من موارد الغاز العالمية إلا أن حصتها من الإنتاج العالمي لا تتجاوز 12%، مسلطا الضوء على النمو السريع الذي تشهده صناعة الغاز الإقليمية بفعل الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي ونمو الصناعات المحلية، حيث أدت هذه العوامل إلى زيادة الطلب على محطات توليد الطاقة الكهربائية، منوها بأن صناعة الغاز الطبيعي في المنطقة بحاجة إلى استثمارات تزيد على 160 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة وفقا لدراسة أجرتها الشركة العربية للاستثمارات البترولية (ابيكورب).

وأضاف جعفر: «يتميز إقليمنا بموقعه المثالي كمحور لإمداد النفط والغاز إلى الأسواق العالمية، بالإضافة إلى النمو السريع الذي تشهده سوق الغاز في المنطقة ذاتها»، وتابع: «ورغم الموارد الهائلة التي تزخر بها المنطقة، إلا أن العديد من البلدان تعاني في الوقت الراهن من عجزٍ في إمدادات الغاز، وتتضمن التحديات الرئيسة السعي لتنويع مصادر الطاقة، وإدارة الطلب، بالإضافة إلى قضية الدعم الحكومي لأسعار الغاز والكهرباء محليا، والتي تؤدي إلى ارتفاع الطلب وتسبب أعباء على الموازنات الحكومية».

وتوقع المدير التنفيذي لشركة نفط الهلال مع التحول الجديد الذي شهدته أسعار النفط أن قطاع الغاز في طريقه نحو مرحلة حاسمة من النمو السريع والمؤثر، حيث تشهد الأسواق طفرة في الطلب على إمدادات الغاز اللازمة كوقود لمحطات توليد الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى حاجة المنطقة إلى استثمارات كبرى في قطاع الصناعات التي تُدار بالغاز الطبيعي.

التوجهات القطرية

في اجتماع منتدى مصدري الغاز ديسمبر الماضي في الدوحة اتفق الأعضاء أن تكون الدوحة المقر الدائم للمنتدى، وتعيين المرشح الروسي ليونيد بوخانوفسكي أميناً عاماً، ويرى الدكتور راشد أبانمي أن تلك الخطوة هدفها منح الطمأنينة من قبل روسيا وإيران للدول الغربية كون قطر ترتبط بعلاقة دبلوماسية جيدة مع الغرب.

أما نظرة الدولة الغنية بالغاز والتي تملك ثالث احتياطي عالمي تجاه المنظمة تبدو غامضة نوعا ما فبجانب حرصها على المردود التجاري من الغاز تحرص قطر على الحفاظ على علاقتها الوطيدة مع المستهلكين وخاصة الأوربيين، وفي اجتماع الدوحة طالب الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر بجعل المنتدى من أهم التنظيمات التي تعنى بشؤون الغاز وتنظيم تجارته، داعيا إلى ربط سعري بين الغاز والنفط بعد الانخفاض الحاد في أسعار الغاز والنفط بداية العام كون الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط حتى الآن لم يقابله ارتفاع مماثل في أسعار الغاز.

يشار إلى ان المنتدى الذي يضم 11 بلدا منتجا للغاز يسيطر على 70% من احتياطات الغاز في العالم، وروسيا هي أكبر بلد منتج ومصدر للغاز الطبيعي في العالم، في حين أن قطر تعد أكبر مصدر للغاز.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد