تحليل: وليد العبدالهادي
توالت أرقام البطالة لكل من (اليابان – منطقة اليورو – بريطانيا) التي أعطت انطباعاً بأن قمم معدلات البطالة التي سجلت قد تكون آخر ما يمكن رؤيته من المشاهد المحزنة، لكن الأبرز أن بلاد الشمس المشرقة (اليابان) أتت بنمو مفاجئ ومبهر في الميزان التجاري للسلع قلب الموازين وأعاد الهيبة للين أمام أعنف العملات (الدولار)، حيث أعلن المشترون (فنياً) انتصارهم في الزوج بعد 10 أشهر هابطة وتم افتتاح رالي المشترين للأسابيع القادمة، وسط هروب جماعي للمضاربين في أسواق العملات الأجنبية من العملات الأخرى التي لم يتم تغذيتها بشكل جيد بالبيانات الاقتصادية وهم الآن متكدسون في الزوج العنيد (USD/JPY)، لكن بالمجمل تبدو أسواق المال العالمية منخفضة شهيتها للمخاطرة باستثناء موجة شرائية شقية ذهبت بخام نايمكس إلى رقم لم يصله منذ مطلع هذا العام، ولمزيد من التفصيل دعونا نأخذ جولة اقتصادية نروي خلالها أحداث هذا الأسبوع لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم:
الدولار الأمريكي
تمكن من الوصول إلى مستوى 82 أمام سلة عملاته وسرعان ما هبط عقب أنباء ثقة المستهلك الإيجابية لكن بقي مصراً على تمسكه بالاتجاه الصاعد، وعلى هامش منتدى الطاقة عم التفاؤل في أوساط أسواق النفط بإمكانية توصل المنتدى إلى تنسيق دائم يحمي خامات النفط من تقلبات أسعاره المزعجة ولا يزال المضاربون بعيدين عن السوق ومع ارتفاع ثقة المستهلك الأمريكي صعد نايمكس إلى 83.75 دولار للبرميل على الرغم من ارتفاع مخزونات أمركيا منه بحوالي 2.9 مليون برميل لكن أقل من الارتفاع السابق 7.3 مليون برميل، وبشأن شهية المخاطرة في الأسواق لم تعد كما كانت سابقاً وهذا يصب لمصلحة العملة الخضراء التي ما زال المتحوطون متكدسين فيها بالغرم من مضايقات الين لها.
تراجع الاستهلاك الشخصي لشهر فبراير 0,3% مقارنة بالقراءة السابقة المرتفعة 0.5% وهو حذر يتناسب مع الوضع الاقتصادي الراهن، لكن لم يكونوا بخيلين بمنح ثقتهم التي صعدت بشكل مفاجئ وقوي إلى مستوى 52.5 لشهر مارس بعد أن غادرت مستوى 46، وننتظر طلبات الإعانة نهاية الأسبوع ومعدل البطالة حيث ستكون المحك في اختبار شهية المخاطرة لا سيما وأن (داوجونز) يقف بخجل عند قمة سعرية جديدة غير مقنعة للحذرين والمخيف فيها أنها جاءت بشق الأنفس قبيل النتائج المالية للموسم الأول من هذا العام.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
الاتجاه لا يزال هابطاً لكن هناك تحول للمسار الجانبي بشكل خفي موضح بخط الاتجاه المنقط لا سيما وأن صفقات البيع بدأت تخف عزومها ومستوى 1.36 مقاومة قوية للأسبوع القادم ويرجح تذبذب الزوج بين 1.30 و 1.36 على المدى المتوسط.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
عمليات البيع على المكشوف صعدت بالزوج إلى مستوى 1.52 وارتطم حينها بخط القناة الهابطة السفلي وهي مقاومة قوية للأسبوع القادم قد تجبره على الاتجاه الأفقي المؤقت مع مطلع الشهر الحالي حتى تبدأ عمليات الشراء المفتوحة.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
انتصر المشترون أخيراً وتم تفتيت المقاومة 90.55 بنمط سلوكي شرائي (شمعة ماربوزو البيضاء) وهو أول اختراق حقيقي منذ بدء الأزمة المالية وبذلك تم افتتاح رالي المشترين وهو في أول فعالياته الآن وبانتظار الزوج أنماط شرائية أكبر قد تسيل لعاب المشترين أكثر.
اليورو
أسعار المستهلكين في ألمانيا لشهر مارس بالمقياس السنوي نمت 1,1% بعد أن كانت مرتفعة 0.6% وفي ذلك عودة للتضخم من جديد كما أن معدل البطالة لألمانيا (أكبر اقتصاد أوروبي) تراجع في مارس إلى 8% من 8.2% فرح به المستثمرون ظناً منهم بأن 8.2% أقسى ما يمكن مشاهدته وننتظر بيانات مؤشر مديري المشتريات الصناعي الألماني نهاية الأسبوع للتأكد من متانة القطاع الصناعي هناك، ومع قرب الموسم الأول صرحت شركة (سيمنس) أكبر شركة أوروبية في قطاعها عن خطة لتسريح 2000 موظف قريباً في ظل سعي العديد من الشركات الأوروبية في خفض التكاليف.
أما بشأن أرقام البطالة فسجلت إسبانيا أعلى معدل في المنطقة بنسبة 19% أما فرنسا 10,1% وفي إيطاليا 8,6% هذا بخلاف عجز الناتج المحلي المخجل لهم، وبشأن اليونان فقد عزمت على بيع سندات حكومية لحل ولو جزء بسيط من معضلتها الكبرى، وبقي اليورو يصارع الاتجاه الهابط لكن صفقات البيع خفت بشكل نسبي.
الجنيه الإسترليني
ائتمان المستهلك في فبراير مستقر عند 0.5 مليار جنيه ويظهر حذر الأفراد في الاقتراض لأجل الاستهلاك وهو خبر غير سار للمستثمرين لكنه صحي للحالة الائتمانية للاقتصاد، ومؤشر إقراض المنازل ينمو إلى 1.6 مليار جنيه لنفس الشهر ويدل على أن هناك رغبة في امتلاك المنازل بالرهن وهو طلب حقيقي حيث يعطيه المستهلكون أولوية كبيرة في تلبية احتياجاتهم، أما الموافقات على القروض العقارية فقد تراجعت بشكل طفيف إلى 47.1 ألف موافقة لكن مؤشر (nationwide) لأسعار المنازل في شهر مارس ارتفعت 0.7% بعد أن كانت متراجعة 1% ومعروف أن هذا المؤشر ذو دلالة استباقية على القطاع العقاري، لكن بقيت العملة الملكية دون اتجاه لضبابية الموقف هناك.
الين
خبر جميل من الميزان التجاري للسلع (سنوي) لشهر فبراير حيث إرتفع 4.2% بعد نمو سابق 2.6% ساهم بشكل كبير في رفع الين حيث الطلب على السلع ازداد، جاء ذلك معززاً لأرقام البطالة التي توقفت عن الصعود عند 4.9% والتوظيف في قطاعي الصناعة والمال وراء ذلك، أما الإنتاج الصناعي لنفس الشهر على المقياس السنوي فتراجعت إلى 0.9% مقارنة بنمو 2.7% لكن كانت مرتفعة مؤخراً وهذا ما انعكس على أرقام البطالة، وبشأن القطاع العقاري المنازل حديثة الإنشاء بالمقياس السنوي وسعت من انكماشها 9.3% وفق قراءة مارس مقارنة بانكماش سابق 8.1%، واستفاد الين من أرقام البطالة والميزان التجاري كثيراً معلناً اتجاهه الصاعد على المدى المتوسط.
* * *
(تم إعداد هذا التقرير منتصف جلسة الأسواق اليابانية يوم الخميس الساعة 4 صباحاً بتوقيت جرينتش)
محلل أسواق المال
waleed.alabdulhadi@gmail.com