«الجزيرة» - عبدالله البراك
كشف رئيس مجلس الوحدة النقدية الخليجية محمد الجاسر عن تجاوز جميع الدول الأعضاء في الوحدة النقدية للمعايير الاقتصادية بنجاح، وقال إن جميع دول الاتحاد تجاوزت تلك المعايير التي وصفها بأنها مرنة، حيث أعلن مسبقا أنه تم الاتفاق على تبني معايير الوحدة الأوروبية في اتفاقية ماسترخيت التي نصت على ألا يتجاوز العجز في الميزانية إلى الناتج المحلي الإجمالي 3 %، وألا يتجاوز الدَّين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 60 %، وألا تزيد الاحتياطيات الأجنبية على حجم الواردات لمدة أربعة أشهر، إضافة إلى أنه يجب ألا تزيد أسعار الفائدة على متوسط أقل أسعار فائدة في ثلاث دول أكثر من 2 %، وأخيرا ألا يزيد معدل التضخم على المعدل الموزون لمعدلات التضخم في الدول الست بأكثر من 2 %.
وكانت تقارير اقتصادية «أوروبية» قد توقعت أن يتم تأجيل العملة الموحدة حتى وإن تم إطلاق الوحدة النقدية؛ حيث ذكر تقرير لدويتش بنك الألماني أن إطلاق العملة الخليجية على وشك التأجيل في ظل تضارب التصريحات الصادرة من المسؤولين الخليجيين بشأن عدم الجاهزية لهذه الخطوة، كما تناول التقرير احتمال إعادة التقييم للعملات مثل الدينار البحريني الذي توقع أن يكون في منطقة بين 10 % إلى 15 %، والريال السعودي والدينار الكويتي والريال القطري بنسب بين 25 % و30 %؛ لكي تصل هذه العملات إلى السعر العادل. وألمح التقرير إلى أن عدم التجانس على الصعيد المالي بالنسبة للدول الأعضاء سيكون عقبة أساسية في طريق الوحدة النقدية، معللا ذلك بغياب الآليات التي تضمن استمرار السياسات المالية في إطار الوحدة النقدية.
أما رئيس قسم أسواق المال في لندن واوكسفورد «ديفيد مارش» فتوقع أن يستغرق بناء الاتحاد النقدي لدول المجلس 15 عاما على الأقل، كما أنه اقترح على دول الخليج أن تعوّم عملتها؛ فمن غير المعقول ربط العملة الموحدة بالدولار، كما دعا إلى رفع قيمة العملات الخليجية بين 5 % و10 % مقابل الدولار؛ نظرا إلى الفوائض التي تتمتع بها دول المنطقة في حساباتها الجارية. ويرى مارش أن على دول الاتحاد النقدي أن يشمل مجلسها لجنة من وزراء مالية الدول الست، تضم كلا من عمان والإمارات، حتى ولو لم تكن تلك الدولتان راغبتين فعلا في الانضمام للاتحاد، فإن بإمكانهما الامتناع عن المشاركة في القرار. واقترح أيضا تشكيل لجنة من 12 شخصا من الحكماء، نصفهم من دول الخليج على مستوى محافظي البنوك المركزية، والنصف الآخر من خارج دول المنطقة، وتضم رؤساء حكومات سابقين أو محافظي بنوك مركزية أو وزراء مالية سابقين في دول مثل ألمانيا أو الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا أو البرازيل أو السعودية، ثم يطلب من لجنة الحكماء بعد التنسيق والتشاور بين أعضائها الاثني عشر، تقديم تصوراتها واقتراحاتها لدول الخليج حول هندسة الكيان المزمع إنشاؤه.
اختلاف القياسات الإحصائية
لن يعيق
ويرى المتابعون أن أغلب التقارير التي تصب في الجانب المتشائم هي تقارير أوروبية أو صادرة من شخصيات أوروبية، بينما تجنب محافظو البنوك المركزية الأعضاء بالاتحاد الخوض في الحديث عن العملة الخليجية، واكتفى أول رئيس للمجلس النقدي الدكتور محمد الجاسر بالقول إنه لن يتم تحديد موعد لإطلاق العملة الموحدة، كما أعرب عن أملة بانضمام الإمارات وعمان إلى الاتحاد النقدي، وقال: لم ولن أفقد الأمل بعودتهما، ونحترم مرئياتهما وتحليلاتهما في هذه المرحلة، ويجب أن نقدر لهما كل المساهمات السابقة والحالية واللاحقة.. ومشروع مجلس التعاون يتعدى مشروع الاتحاد النقدي الذي يعد لبنة من لبنات المجلس.
وعن اختلاف القياسات الإحصائية بين الدول الأعضاء قال الجاسر: لا أعتقد أن ذلك سيكون عائقا، كما أن عملية التقارب ليست مقاييس جامدة؛ بل هي معايير تعطي صانعي السياسات الاقتصادية فكرة عن الأوضاع المالية والنقدية في كل دولة. وأوضح أنه تم الاتفاق على المؤشرات والمعايير مسبقا، واتضح أن جميع الدول الأعضاء بالاتحاد قد تجاوزت تلك المؤشرات، وأنها في موقف قوي وملتزمة، كما أن الدول الأربع قد حققت كل معايير التقارب، وأنها في وضع جيد، كما أن هذه الدول تعي مسؤولية التقارب بشكل قوي جدا، كما أنها تعي المحافظة على سياساتها المالية والنقدية متقاربة.