في خطوة تعد الأولى والأميز في تاريخ الصحافة السعودية، دشنت مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر «التشغيل المبدئي» للمركز الصحفي النسائي المتكامل ك(بيئة عمل صحفي متكاملة) وذلك إيماناً منها بدور المرأة كشريك أساسي في مسيرة التنمية والتطوير، بعد أن قامت - وفق خططها الإستراتيجية - بتأهيل وتدريب فريق نسائي متكامل للعمل التحريري والفني والتسويقي لسد النقص الحاصل في سوق العمل الصحفي، وإشراك المرأة في كل المهام الصحفية ضمن بيئة ملائمة للصحفية السعودية تهدف أن يكون للعنصر النسائي مشاركة فاعلة ونوعية غير مسبوقة في إنجاز دورة العمل اليومية، لتكون حاضرة بنشاطها ومواهبها وقدراتها في كل أقسام الصحيفة من إعداد المواد التحريرية والإعلانية إلى صفها وتصحيحها وإخراجها، كما تعمل ميدانياً في التسويق والتحرير الصحفي، فأصبحت تسهم في دورة العمل الصحفي كزميلها الرجل لتؤدي مهامها الموكلة إليها على أكمل وجه في خصوصية تامة، بعد عقود من دخول المرأة ميدان الصحافة وتغيبها عن الأقسام الفنية الداعمة للعمل الصحفي، حيث اقتصر عملها على التحرير وبعض المهام التسويقية.
والقسم النسائي الجديد مستقل عن أقسام الرجال، وفي الوقت ذاته فإن الصحفية ومن خلال شبكة الاتصالات المتطورة ستتمكن من إيصال أعمالها إلى أقسام الصحيفة، أي أن التواصل سيكون آلياً ووفق أحدث النظم التي تساعد على انسياب العمل بالكفاءة المطلوبة، والسرعة والانضباط.
التدريب والتأهيل
بدأ (مركز مؤسسة الجزيرة الصحفية للتدريب) في منتصف 2008م، وعلى مدى عام ونصف العام، بتنفيذ خطة شاملة لتدريب وتأهيل مجموعة من العناصر النسائية ضمن برنامج نظري وعملي مكثف في مختلف مجالات العمل الصحفي، وأتيح لهن الفرصة لممارسة العمل أثناء التدريب، حيث تم تنظيم دورات لهن كل في مجال تخصصها قبل أن يبدأ العمل الفعلي، فقد اشتمل البرنامج على دورات مكثفة في التحرير والتصحيح اللغوي والإخراج الفني وتصميم الإعلانات والتسويق.
إدارة متخصصة
بعد إنشاء القسم النسائي تم البحث عن شابة سعودية مؤهلة لإدارة القسم بحيث تكون ذات كفاءة ممتازة وبتخصص مناسب، فتم اختيار الزميلة ماجدة بنت صالح السويِّح التي كانت تعمل بالجزيرة منذ ثلاث سنوات وتحمل شهادة الماجستير في الإعلام، تخصص صحافة ونشر إلكتروني، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ضمن أول دفعة إعلام للطالبات بالمملكة، كما أنها تحمل ش،،،هادة دبلوم عالٍ في الصحافة، وحاصلة على عدد من الدورات وورش العمل الإعلامية في الصحافة الاستقصائية والصحافة الاقتصادية والاتصال السياسي، وهي رئيسة اللجنة النسائية في الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، وعضوة في لجنة الإعلام الاقتصادي بالجمعية، كما أنها عضوة مجموعة إعلام الإعاقة في الجمعية الخليجية للإعاقة، وعضوة الجمعية السعودية للدراسات الاجتماعية.
قسم التصحيح
لانتظام عقد القسم النسائي، واستكمالاً لتحقيق دورة عمل متكاملة كان التركيز بداية على التصحيح اللغوي كمفردة من أهم مفردات العمل الصحفي وتم استقبال عشرات الطلبات لشغل هذه الوظيفة كمصححات لغويات، وحرصاً من (الجزيرة) على إخراج العمل الصحفي بشكل صحيح، لإيمانها بأن التصحيح اللغوي هو حجر الزاوية في كل عمل صحفي فقد حرصت على استقطاب الكفاءات العالية بعد اختبار المتقدمات للتدريب والالتحاق بالعمل بالقسم النسائي.
وبما أن لـ»الجزيرة» تجربة كبيرة في جانب التصحيح اللغوي؛ إذ تعد من بين أفضل الصحف على مستوى المملكة دقة ومهنية بالجانب اللغوي إضافة إلى الجوانب الأخرى.. فهي تمتلك كفاءات عالية تتمتع بخبرات كبيرة في مجال التصحيح والتدريب مما جعل آلية التدريب تسير بانسيابية تامة.
وقد مر التدريب بعدة مراحل لكل منها وقتها ومعطياتها، وأولى هذه المراحل كانت مرحلة إعادة تذكير وسبر المعلومات والتركيز على اللغة العربية وأهمية تطبيقها بالعمل الصحفي، وهي مرحلة تعليمية وكانت على شقين، نظري وعملي تم فيها مراجعة كامل المعلومات التي يحتاج إليها المصحح في عمله، وقد استمرت لشهرين كاملين وبعد اجتياز هذه المرحلة تم الدخول في المرحلة الثانية وهي التعرف على دورة العمل في المؤسسة، خصوصاً في قسم التصحيح ودور المصحح في هذا العمل، وكذلك التعرف على البرامج التقنية وكيفية التعامل معها لإنجاز العمل بشكل دقيق وسريع، والعمل على جميع البرامج المساعدة التي يحتاج إليها المصحح، التي وفرتها المؤسسة على كل جهاز؛ وهي برنامج القرآن الكريم وكيفية البحث فيه والأخذ منه والتأكد من صحة الآيات، وكذلك برنامج الحديث الشريف للتأكد من الحديث وصحته وسنده وتخريجه، وبرامج المعاجم اللغوية والدواوين الشعرية والكتب القديمة للوقوف على دقة وصحة كل كلمة تستخدم لتكون «الجزيرة» كعادتها في ريادة أي عمل تقوم به، واستمرت الدورة لمدة شهرين.
كما تم الدخول للمرحلة الثالثة وهي كيفية العمل على نظام «الجزيرة» للتصحيح اللغوي واستخدام البرامج المهمة كالمدقق اللغوي والقراءة السريعة والسرعة في إنجاز العمل والدقة المتوقعة من المصحح.. ومهارات الدقة العالية مع السرعة المطلوبة في العمل الصحفي واستمرت أيضاً هذه المرحلة لشهرين كاملين.
وبعد هذه المراحل التأسيسة والتأهيلية التي استمرت لأكثر من ستة أشهر ها هي (الجزيرة) اليوم تمتلك فريقاً من الزميلات المصححات على أعلى المستويات المهنية التي تتعامل مع المادة بحرفية متناهية وبسرعات تناسب العمل الصحفي، فالقسم النسائي يزخر بعدد من المصححات يعتبرن ركيزة مهمة من ركائز (الجزيرة)، والقسم النسائي بشكل خاص.
قسم الإخراج والتصميم
يكاد عالم الصحافة السعودية يخلو من وجود العنصر النسائي المؤهل للعمل في مجال تصميم الإعلانات وإخراج صفحات الجريدة اليومية التي تتطلب مهارات خاصة في التعامل مع برامج النشر والتصميم المختلفة، خصوصاً أن السوق السعودي يعاني ندرة في توفر الكوادر السعودية الرجالية القادرة على القيام بهذا النوع من الأعمال، ناهيك عن العنصر النسائي، لذا قامت «الجزيرة» وعبر «مركز مؤسسة الجزيرة الصحفية للتدريب» باستقطاب مجموعة من خريجات كليات الفنون الجميلة ليلتحقن بدورة في مجال الإخراج الصحفي والتصميم الإعلاني، وذلك لمدة تجاوزت الثمانية أشهر، وقد تم تدريبهن على أشهر برامج النشر الصحفي العالمية (أدوبي إنديزاين)، والبرامج الأخرى المساندة للإخراج مثل برنامجي (أدوبي فوتوشوب، وإليستريتور) وغيرهما.
وسبق هذه المرحلة فترة تدريب نظري على دراسة الأساليب الفنية اللازمة في عملية الإخراج والتنفيذ لصفحات الجريدة ورسم تخطيط مسبق للصفحة «ماكيت»، واستخدام الأساليب الفنية على تنوعها، والفهم العميق لماكيت الجريدة بكل تفاصيله وصفحاته وتبويباته ومكتباته ولوحات الأنماط فيه.
كما تم الأخذ بعين الاعتبار أن المهارات العلمية والفنية التي ستزود بها المتدربات ستشكل قاعدة متينة تمكنهن من توظيفها في خدمة مؤسسة «الجزيرة» وأقسامها الفنية والمساهمة في إظهار الصحيفة المطبوعة بشكلها الفني على أعلى المستويات.
وقد مرَّت الدورة بمراحل عدة لإكسابهن الخبرات اللازمة، بدءًا بالتعريف العام بصحيفة «الجزيرة» وأهم الأقسام فيها ودورة العمل اليومية وبخاصة في قسم الإخراج، ثم مسيرة الصفحة حتى تتم طباعتها، إضافة إلى التعريف بالصحيفة كمطبوعة وأقسامها وتبويباتها، وترويسات الصفحات، وأهم المجالات التي تغطيها.
وقد بدأت المرحلة الأولى من التدريب بشرح مفصل لبرنامج «الإنديزاين» وتناول العناصر والوحدات الطباعية والتعريف بها من صور وعناوين ونصوص وألوان وأرضيات وفواصل مع التطبيقات.
تلا ذلك المرحلة الثانية وهي دراسة موسعة لأهم الطرق والأساليب الفنية في الإخراج وأهم المدارس الفنية الشائعة، والتعرف على الطرق العلمية في حساب أحجام المواد والصور والفراغات تمهيداً لرسم وتخطيط صفحة أولى لصفحة الجريدة.
أما في المرحلة الثالثة فقد قامت المتدربات بتنفيذ صفحات فعليّة، ليتم الانتقال إلى المرحلة الرابعة وهي تقييم الصفحات المنجزة وتنفيذ صفحتين يومياً مع رسم التخطيط، وكانت المرحلة الخامسة لاستخدام أساليب الإخراج المتقدمة في برنامج الإنديزاين وبرنامج الفوتوشوب في معالجة الصور، ومتابعة دورة العمل لإصدار العدد اليومي من خلال النظام الآلي الذي تم تطويره داخلياً في «الجزيرة»، وختاماً جاءت المرحلة السادسة لتكون عاملاً مهماً في الاطلاع على التجارب الإخراجية المميزة في الصحافة المحلية والعربية والعالمية، وتكليف المتدربات بالتناوب على مهمة متابعة تنفيذ الصفحات والتقييم لعمل زميلاتهن بهدف تأهيلهن للأعمال التي سيكلفن بها في المستقبل.
تصميم الإعلانات
ولأن تصميم الإعلانات جزء لا يتجزأ من العمل الصحفي، فقد تم تدريب المخرجات الصحفيات على برامج التصميم المتعددة، لدعم قسم التسويق في المؤسسة من خلال تصميم إعلانات العملاء وإضافة اللمسات الجمالية والفنية المبتكرة، حيث خضعن لدورة خاصة في تصميم الإعلانات وابتكار الأفكار الجديدة والجريئة والتحليل الإعلاني، وإعطاء الرؤية الفنية للإعلان، والتنافس للوصول إلى الفكرة الجميلة والعمل الجماعي المبدع، وتقييم الإعلانات المقدمة ونقدها للاستفادة في تطوير العمل الإعلاني في المؤسسة.
قسم التسويق والعلاقات العامة
استكمالاً للخطة التدريبية تم تأهيل فريق من المسوقات، بعد خضوعهن لبرنامج تدريبي متكامل للعمل كأخصائيات في التسويق وفق أحدث الطرق والبرامج الحديثة، عبر مراحل متعددة تم فيها تعريف المتدربات بالتسويق الحديث ودراسات السوق وعملية بيع الإعلان بحرفية ومهارة عالية، وتحويل هذا الإعلان من مجرد فكرة إلى إعلان مبدع يرى النور على صفحات «الجزيرة» في دورة عمل متكاملة مع زميلاتهن المصممات والمخرجات، كما تم تأهيل المتدربات في الأسس الحديثة للعلاقات العامة، وكيفية تمثيل المؤسسة في المحافل والمعارض والمؤتمرات.