تشير بيانات رسمية أصدرتها مؤسسة النقد العربي السعودي قبل يومين إلى ارتفاع حجم القروض الاستهلاكية، وبطاقات الائتمان التي تقدمها البنوك السعودية بنهاية 2009، لتصل إلى 188.5 مليار ريال، مقارنة بـ 183.4 مليار ريال في 2008م، بنسبة ارتفاع تبلغ 2.8%.
وتضمن التقرير إشارة إلى ارتفاع قروض شراء السيارات بنسبة 2.3% وصولاً إلى 38.1 مليار ريال، إضافة إلى قروض غير مصنفة وضعت تحت اسم «مجالات أخرى» وارتفعت بنسبة 1.7%، وصولا إلى 123.9 مليار ريال.
وبالطبع فإن المواطن أصبح يتكلف أعباء كبيرة (باختياره طبعا) من حيث نسبة الفوائد العالية والمركبة، وباتت جهات الإقراض هي المستفيد الأكبر، بينما المجتمع هو الخاسر دائماً في هذه المعادلة.
مثل هذه الأرقام الكبيرة التي تنفق على الجانب الاستهلاكي تحمل مؤشرات إلى النسق والسلوك الذي يعيشه المجتمع، والاهتمامات الاستهلاكية وتصنيفاتها من حيث الأهمية والأولوية.
وبالتأكيد فإن غياب الثقافة الادخارية والاستهلاكية ينتج فوضى تؤثر على مستقبل الأسرة وبالتالي ستكون نتائجها السلبية ممتدة لسنوات وتتجاوز الفرد المقترض بذاته إلى أسرته من حيث المستوى المعيشي والنفسي والاجتماعي وبالتالي الأمني بشكل عام.
الدكتور خالد المقرن في محاضرة نظمتها غرفة الرياض بالتعاون مع الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل قال إن المستهلك السعودي أصبح يفتقد لحسن تقدير عواقب السلوك الاستهلاكي، فبات يشتري ويقترض بدون تقدير لتلك العواقب أو المعرفة الحقيقية لاحتياجاته، وإن مجموع القروض التي ضختها البنوك للأفراد والمؤسسات في 2007م بلغ نحو 187 مليار ريال وذهبت نحو 91% منها لأغراض استهلاكية (أكثر من 169 مليار ريال) أثقلت كاهل المواطنين بأعباء ضخمة، كما شكلت ظاهرة الاقتراض بهدف الدخول لسوق الأسهم واحدة من أهم علامات عدم تقدير العواقب والخضوع لمؤثرات السلوك الاستهلاكي الاجتماعي والاقتصادي.
أعتقد أننا نفتقد كثيرا ثقافة الاستهلاك على مستوى الفرد والمجتمع، لا من حيث التخطيط السليم للاستفادة من الدخل، ولا من حيث التوجيه الصحيح حين الاقتراض.
إن مواجهة سياسة القطيع تجاه حمى الإقراض، يحتاج إلى عمل مؤسسى، فالقضية ليست فقط أن توعي المواطن بمخاطر الاقتراض غير الضروري، إنما تحتاج إلى سياسة أكبر وأشمل لتحويل المجتمع من مستهلك إلى منتج، الواقع الآن يشير إلى أنه لا مقارنة بين مستوى الاستهلاك والإنتاج، وهنا تكمن خطورة المعادلة.
Hme2020@gmail.com