يمثل التهديد الإسرائيلي الذي أطلقه نتنياهو في واشنطن أمام الصحفيين قبيل لقائه الرئيس باراك أوباما والمتعلق بالمفاوضات ومصير القدس تحدياً واضحاً وصريحاً للعرب في قمتهم اليوم الـ22 في (سرت) بليبيا، وذلك بعد أن أطلق متبجحاً بأنه (إذا أيد الأمريكيون المطالب غير المنطقية التي يطالب بها الفلسطينيون بشأن تجميد البناء في القدس، يمكن أن تشهد العملية السياسية جموداً لمدة عام).. وبعد ذلك مباشرة ما كان من بلدية القدس إلا أن أعطت الضوء الأخضر لبناء عشرين وحدة سكنية لعائلات يهودية على أنقاض فندق فلسطيني في حي الشيخ جراح العربي في القدس الشرقية المحتلة.
لقاء أوباما ونتنياهو بعد ذلك لم ينته بشيء رغم التهديد الإسرائيلي باستهداف المفاوضات مباشرة وإيقافها غير أن أوباما طالب جليسه بموقف أكثر إيجابية من خلال خطوات تبني الثقة لدى الفلسطينيين خصوصاً والعرب عموماً.
بمعنى أن على نتنياهو تخفيف وطأة التصريحات التي قد تعيق سير عملية المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أو على الأقل التخفيف من آثار الأزمة التي يقال إنها عالقة الآن بين إسرائيل وأمريكا ليس إلا... بسبب تصريحات نتياهو ببناء المزيد من المستوطنات غير القانونية وغير الشرعية خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكي الأخيرة لإسرائيل، والعكس صحيح، أي أن أمريكا أكدت بعد ذلك أن أمن إسرائيل فوق كل اعتبار كما تحدثت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي أمام نتنياهو شخصياً.
ومن أمام المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأمريكية - الإسرائيلية (ايباك)، أبرز مجموعة ضغط موالية لإسرائيل في الولايات المتحدة يعلن نتنياهو ويقرر مصير القدس قائلاً (الشعب اليهودي بنى القدس قبل ثلاثة آلاف عام والشعب اليهودي يبني القدس اليوم. القدس ليست مستوطنة. إنها عاصمتنا).
هذا التحدي الواضح والصريح والموقف المتذبذب من قبل الإدارة الأمريكية يمثل عبئاً كبيراً على القمة العربية في ليبيا ليس بالنسبة للقدس فقط؛ فسياسة القتل والمجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني والتنكيل به لا يجب أن يسكت عنها من جديد بسبب قضية افتعلتها لكي تشغل العرب والعالم عن مخططاتها الإستراتيجية في المنطقة؛ فإسرائيل نفسها لم تحتل القدس قبل شهر أو شهرين ولكنها من منذ احتلالها للقدس الشرقية في 1967 اقامت فيها نحو 12 حياً استيطانيا يهوديا يقيم فيها اليوم نحو مئتي ألف إسرائيلي إلى جانب سكانها العرب.
فليس ما يهدد إسرائيل العرب وتهويد القدس فقط؛ فهناك الملف النووي الإيراني واحتلالها للجولان السوري والملف الأمني الداخلي كلها أجندات واضحة وصعبة في نفس الوقت على طاولة القمة العربية في ليبيا والتي تحتم على العرب الخروج بموقف واضح وقوي يدعم الحق العربي ويفتح الباب لمفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تضمن القدس عاصمة لفلسطين وعودة اللاجئين وتحقيق تسوية نهائية عادلة وشاملة للصراع العربي الإسرائيلي.
بل وعلى الأقل الظهور أمام الشارع العربي بموقف عربي صريح وبعيد عن المهاترات العربية - العربية والاستفزازات المباشرة وغير المباشرة.. فكلها حقيقة نشاهدها في كل قمة عربية، ولن تخدم الدول العربية ولا شعوبها التي تحسب كل حساب لكل قمة عربية مقبلة وهي على أمل.