سمعت عن المجاملة كثيراً وتفكّرت فيها ملياً وقطع تفكيري فجأة!!؟؟ لقد جاءني ما يشغلني عن التفكير بها؟ مرّت الأيام وبينما أنا جالس في مجلس سمعت ذلك المنشد الذي يردِّد:
(أجامل وابتسم واضحك وأنا في داخلي مقهور!!) فرجع بي تفكيري إلى المجاملة وموضوعها، وقلت لماذا يبتسم الواحد منا ويضحك وفي داخله مقهور!! لماذا لا يكون واضحاً لا يجامل على حساب نفسه، وفجأة!! قطع تفكيري عن المجاملة مرة أخرى ! وقيل لي تفضّل لتناول وجبة العشاء!! لقد مررت للسلام فقط حسب الموعد المحدد مسبقاً وأنا مرتبط بموعد آخر ؟؟ قلت لصاحبي:
أعتذر عن العشاء !!
ردّ عليّ صاحبي:
والله لن تذهب ثم قال،, يا أخي جاملني وأرجوك أن تتعشى,, يا أخي مجرّد مجاملة وهل أنا لا أستحق المجاملة منك؟؟ رجع بي تفكيري إلى المجاملة التي أصبحت هنا واقعاً أعيشه وليس مجرّد (تفكير) قلت لصاحبي: يا أخي أنا مشغول؟
ردّ صاحبي سريعاً وقال يا أخي: أنا حلفت هل تريد أن يكون عليّ (تكفير) بسبب هذا اليمين؟؟ بعد ذلك سلّمت الأمر ودخلت لكي أتناول وجبة المجاملة !! قصدي وجبة العشاء! بعد أن تعذّرت عن موعدي المهم؟؟ بمكالمة هاتفية!! بدأت هذه المكالمة بالسلام وانتهت بضحكات فيها من (الأسى الضحكي) إذا صحّ التعبير!؟؟ لقد تفاجأت بمن اعتذرت له عن الموعد بسماع ضحكاته وكأنه فرح باعتذاري!! يا إلهي ما الذي يضحكه؟؟ قال لي سوف أخبرك إذا تقابلنا؟ مرّت الأيام وتقابلنا وأول سؤال سألته ؟
س؟ لماذا لمّا اعتذرت لك عن الموعد ضحكت؟
ابتسم وقال: يا أخي لقد فرحت باعتذارك لأني كنت أنوي الاعتذار منك قبل أن تتصل أنت وضحكت فقد كفيتني همّ الاعتذار!!!
قلت له وعسى المانع خيراً، قال إنها المجاملة، فقد أمسك بي جاري عند خروجنا من المسجد وحلف عليّ وأقسم إلاّ أن أحضر عقد نكاح ابنته وأكون من الشهود فجاملته!! انفجرت من الضحك وقلت له وأنا لست بعيداً عن عذرك؟؟ فلما علم صاحبي سبب عذري ضحكنا جميعاً!! إننا ثنائي مجامل وغيرنا ملايين!! ذهبت إلى عملي وكعادتي أجامل وأتحمل عمل غيري (المتلاعب) إنه يخرج لحاجة غير ضرورية ويحمّلني عناء عمله! فإذا رفضت غضب عليّ فلابد أن أجامل!! مرّت الأيام وأصبح الكثير يرمي عليّ عمله ويخرج مرتاحاً وأنا أشقى بعملي وعمل غيري حتى راتبي ذهب في المجاملات آهـ ... آهـ، والغريب أني أعلم سبب همّي وغمّي أني مجامل ولكن لا أستطيع علاج نفسي!! جلست مع نفسي جلسة مصارحة فعقلي يقول لا تجااامل! وعاطفتي تقول جااامل فخلصنا أنا وعقلي وعاطفتي بأنّ عقلي جامل عاطفتي فلم يتغيّر في شيء!!! رجعت وتركت عقلي وعاطفتي وقررت أن أذهب إلى طبيب علّه أن يكتشف ورماً حميداً ثم يجري عملية استئصال لورم المجاملة!! دخلت عليه بعد اختياري لطبيب الأمراض (الصدرية)، قد تضحكون ولكني حتى في اختياري للطبيب مجامل، لقد قال لي موظف الاستقبال هذا طبيب ماهر فجاملته!! دخلت عليه ولم أفصح عن شيء!! فقط قلت له اكشف عليّ فأنا أحس بضيق ؟؟ أجريت لي فحوصات كثيرة، أخيراً قال لي الطبيب أنت تعاني من ضغوطات كثيرة جداً وهذا ما تبيّن لي نتيجة الفحوصات، ثم جاءت النصيحة التي قصمت ظهري!!؟؟ أتدرون ماذا قال لي؟؟
قال: لماذا أنت جاد في حياتك إلى درجة الانفجار!!! فالحياة تحتاج لمرونة ومجاملات لا إلى رفع ضغط وارتفاع سكر نصيحتي لك جاااامل ... جااامل. جاملت الطبيب وخرجت وتركت الطب والطبيب، وقررت أن ألتفت إلى شكل جسمي فقررت أن أغيّر شكله ومبناه بتمارين وحمل أثقال على جسمي إذا اشتد يأتي لي بالجد، عندها ستهرب المجاملة خوفاً من قوّة جسمي!! التحقت بمركز رياضي وجلست أتمرّن الساعات الطوال حتى خرجت عضلاتي عن (مسارها الروتيني المعتاد)، وأصبحت كبطل كمال الأجسام، فبينما أنا أحمل 100 كيلو من الحديد عالياً، ناداني في آخر الصالة أحد المتدرِّبين فالوضع لا يسمح بالالتفات، عند ذلك جاء الطبع فغلب التطبّع!!
لقد حضرت المجاملة (بقوة العضلات وحجم بروزها!!) فالتفت مجاملاً زميلي فسقطتُ أرضاً وسقط الحديد على رجلي وأصبحت متأثراً برياح المجاملة الموسمية، فخرجت من عالم كمال الأجسام وعدت إلى عالم المجاملات بخفّي حنين!!! وليس لي الآن إلاّ أن أبدأ بنظام (الريجيم) علّني أن أعود إلى ما كنت عليه!!! وقبل أن أختم أقولها جاداً ما أجمل المجاملة إذا كانت موزونة بميزان (لا إفراط ولا تفريط).