كنت أقول وأكرر أن الإرهاب لا عقيدة له، ولا قيم له، ولا يحكمه دين بقدر ما تحكمه مصلحة الإرهابيين وتحقيق أهدافهم السياسية. فأساطين الإرهاب كانوا دائماً وأبداً على استعداد للتحالف مع إبليس من أجل تحقيق غاياتهم. الشباب البسطاء والسذج هم فقط (الصادقون) من هؤلاء؛ يزج بهم أساطين الإرهاب حطباً في نار المعركة فيقاتلون ويفجّرون أجسادهم وهم يعتقدون أنهم يدافعون ويذبون عن عقائدهم، امتثالاً لأمر دينهم، وما علموا أنهم في هذا (الجهاد) المفبرك ليسوا سوى جسر تمَّ تصميمه بعناية و(خبث) لتحقيق أجندة سياسية، ليس الإسلام فيها إلا مجرد (وسيلة) لتحقيق طموحاتهم السلطوية.
جاء في خبر نشرته صحيفة (صنداي تايمز) البريطانية: «إن عناصر من طالبان يتلقون تدريباً على استخدام السلاح في إيران بأيدي عناصر من أجهزة الأمن الإيرانية» مستندة في ذلك إلى شهادة اثنين من قادة الحركة طلبا عدم كشف اسميهما. وأفادت الصحيفة البريطانية نقلاً عن مصادر في حركة طالبان (إن الحركة أرسلت موفدين إلى إيران مطلع 2009 لوضع برنامج تدريب مع مسؤولين إيرانيين. وأوضحت أن هذا البرنامج بدأ في الشتاء في معسكرات تقع على الحدود بين البلدين حيث يقوم مدربون إيرانيون بتدريب عناصر طالبان على نصب كمائن وشن هجمات على مواقع عدوة وزرع عبوات ناسفة يدوية الصنع. وأكد اثنان من قادة طالبان للصحيفة طالبين عدم كشف اسميهما أنهما خضعا لبرنامج التدريب في جوار مدينة زهدان (جنوب شرق إيران) الواقعة عند المثلث الحدودي بين إيران وأفغانستان وباكستان).
وما زلت أتذكر فتوى قالها أحد مشايخنا عن طالبان تلك الأمارة الإسلامية الفتية، التي أحيت السنة، وأماتت البدعة، وجاهدت لنصرة الدين وإعلاء كلمته، حتى عَدّها - رحمه الله وتجاوز عنه - كما جاء في إجابته على سؤال لأحد مريديه: (الدولة الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها محاكم قانونية وإنما حكمها قائم على شرع الله ورسوله في المحاكم القضائية وفي الوزارات وفي الدوائر وفي المؤسسات. أما ما عداها من الدول الإسلامية فمنها من تحكم بالقوانين الوضعية الصرفة ومنها من تدعي تطبيق حكم الله ورسوله مع ما يوجد فيها من محاكم قانونية صرفة، وحتى المحاكم الشرعية في مثل هذه الدول يكون معظم أحكامها قائماً على التنظيمات والتعليمات التي من وضع البشر، فلا فرق بينها وبين القوانين الوضعية إلا بالاسم)!. ولا أدري لو أن هذا الشيخ عاش حتى يومنا هذا ورأى (معشوقته) في هذا الوضع المزري (عقدياً)، هل سيصر على دفاعه عنها، أم أنه (سيعترف) أنه كان مخدوعاً ومغرراً به، وأن هذه (الحركة) أو الدولة كانت (تتذرع) بالدين وتوظفه لخدمة أهداف محض سياسية، لا تمت للدين - حسب (ما يعتقده) هذا الشيخ - بأي صلة؟.. وأرجو ألا يخرج علينا أصحاب (دعوكم من التنقص)، محاولين التعمية على تاريخ بعض مشايخنا السيئ، ومواقفهم السياسية التي يندى لها الجبين؛ فالذي لا يتعلم من أخطائه، حريٌ بتكرارها.
ولعل (التطنيش) الذي يُبديه كثير من الشباب الصحوي حيال معركة طالبان مع الأمريكيين والغربيين وحكومة كابل الشرعية، والتي تدور رحاها في أفغانستان الآن، يشير إلى اعتراف ضمني بأن هذه الحركة التي ناصروها في السابق، كانت في الواقع أكبر (كذبة) عرفها التاريخ الحديث، فليسوا إلا مجموعة من عصابات المخدرات، والإرهابيين، جعلوا من الدين، ومفاهيمه، وسيلة لتحقيق أهدافهم.
أما ابن لادن، وقاعدته، فليسوا من القضية إلا مجرد (طحلب) يستمد قوته وبقاءه من تمويل (طالبان) وعصابات الأفيون؛ وهنا تنطبق المقولة: قلي من يُساندك أخبرك من أنت!
إلى اللقاء.