الجزيرة- علي محسن مجرشي
ضمن النشاط الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية 25» أقيمت صباح أمس في مبنى المؤتمرات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الندوة العلمية التي نظمتها الجامعة بالتعاون مع اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة تحت عنوان (القدس في ضمير العالم - الحق - التاريخ - السلام) والتي حضرها السفير الفلسطيني الأستاذ جمال عبد اللطيف الشوبكي والذي ألقى كلمة نقل فيها شكر القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والشعب السعودي على مشاعرهم الصادقة ومواقفهم وجهودهم التاريخية اتجاه القضايا العربية عامة والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص.
وشهدت الندوة التي ترأس فعالياتها فضيلة وكيل الجامعة لشؤون المعاهد العلمية الأستاذ الدكتور أحمد بن يوسف الدريويش حضوراً كبيراً تمثل في السفير الفرنسي لدى المملكة السيد برتران بزانسنو وسفراء عدد من الدول الصديقة والدول العربية ووكلاء الجامعة وعمداء الكليات وعدد كبير من المهتمين ومن طلاب الجامعة.
وعبر الدكتور الدريويش في الكلمة التي ألقاها في افتتاح الجلسة بالقول: إن الجامعة تتشرف بالرعاية الكريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه - وبدعم صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية - وفقه الله.
مضيفاً إن رعاية خادم الحرمين الشريفين لندوة القدس تضاف لمواقفه الأصيلة واهتمامه بالحوار ومد الجسور لنصرة الحق وأهله، وتؤكد اهتمام الدولة المباركة حكومة وشعباً بقضية فلسطين منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- مروراً بعهد أبنائه الكرام البررة، حيث أيدوا حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، وهبوا لمساندته في كل نازلة أو كارثة أو جائحة تقع عليه، وإننا إذا استعرضنا مواقف الملك عبد العزيز - رحمه الله - من قضية فلسطين نجد أنها مواقف رجولية ثابتة نابعة من حسه الديني والعربي تجاه فلسطين وأهلها، فهو الذي رفض رفضاً قاطعاً آنذاك الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وهو الذي دعم القضية بكل الوسائل، ولقد سار أبناؤه من بعده على هذا النهج فلم يمر موقف أو حدث ما يخص هذه القضية إلا وكانت المملكة خير داعم ومؤيد للفلسطينيين وقضيتهم وللقدس بخاصة، وما تعانيه فلسطين وشعبها العربي المسلم من عدوان وظلم وفقدان للأمن يأتي في طليعة اهتمامات القيادة الرشيدة -حفظهم الله- منذ عهد الملك عبد العزيز -رحمه الله- حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله -حفظه الله.
واستطرد فضيلته بالقول: رغم الصعوبات والمحن والعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني واستباحة أراضيه، فإن المملكة ما فتئت صخرة ثابتة تدافع عن الشعب والأرض، وكلنا يذكر تلك المواقف المشهودة والنبيلة والسامية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - في جمع الفرقاء من الإخوة الفلسطينيين في بيت الله الحرام في مكة المكرمة بجوار بيته العتيق لتوحيد كلمتهم، ولم الشمل بين كافة فصائلهم، ثم توجيهه - حفظه الله وأيده - بتخصيص حملة لإغاثة الشعب الفلسطيني بأكمله وهي حملة عمَّ نفعها وكثر خيرها ولهجت الألسن بالدعاء لله بأن يحفظه وإخوانه وكل داعم ومشارك ومساهم وراع لمثل هذه الأعمال الخيرية.
مشيراً إلى أن كل ذلك وغيره صور مشرقة مضيئة من مواقف المملكة تجاه فلسطين وشعبها وأهلها، وما ذاك إلا لمكانتها في العالم الإسلامي، كيف لا؟ والقدس الشريف تضمه جنباتها، وتحويه أرضها وفيها المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال.
ومؤكداً أن الحديث عن دور المملكة هو حديث إحصاءات وأرقام وحقائق ماثلة لا حديث دعاية وإعلام فما قدمته المملكة للقضية الفلسطينية يفوق ما قُدم إليها من الدول الأخرى، وما قدمه الشعب السعودي أفراداً وهيئات يفوق ما قدمه غيره من الشعوب، وليس في ذلك منة وإنما هو واجب إسلامي وإنساني وحقائق يعرفها العالم.
وبين فضيلته إن الإعلام السعودي تفاعل مع القضية الفلسطينية وبخاصة قضية القدس من خلال الاهتمام بها في كافة الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة، وفي هذا السياق يمكن الاستشهاد بما أشار إليه مستشار وزير الثقافة والإعلام د. عبد الرحمن الهزاع في إحدى الندوات عن القدس بأن الإعلام السعودي ومن خلال الدراسات رصد 240 مادة إعلامية متنوعة عن القضية الفلسطينية في الصحف السعودية خلال أسبوع واحد إضافة إلى المراسلين من الأراضي المحتلة للإذاعة والتلفزيون في المملكة.
من جانبه ثمن مفتي القدس الشيخ محمد بن أحمد حسين دور المملكة تجاه فلسطين بقوله: من واجبنا نحن أبناء فلسطين بل وكل مسلم أن نشكر كثيراً المملكة العربية السعودية الشقيقة ممثلة بالأسرة الحاكمة الكريمة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني، وكذلك الشعب السعودي الكريم الذين عودونا على مواقفهم النبيلة تجاه أبناء فلسطين، كما نتقدم بالشكر والعرفان لجامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلة بمديرها معالي الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل ووكلائها الكرام.
واستعرض سماحته في مشاركته تاريخ القدس منذ نشأتها ومكانتها في الدين الإسلامي وما جاء في قداستها في القرآن الكريم مبيناً أحقية العرب والمسلمين المطلقة فيها خلافاً لما يدعيه اليهود.
وحذر مفتي القدس من خطورة الموقف في أكناف القدس خلال هذه الفترة حيث يعمل اليهود ليل نهار لتحقيق حلمهم المتمثل في هدم المسجد الأقصى، فإسرائيل تسعى لإقامة الهيكل المزعوم الذي يرتبط بأحلام وخيالات بعض الفئات والجماعات المتشددة التي تطمع في هدم المسجد لتقيم الهيكل على أنقاضه، كما استعرض سماحته العديد من أوجه الاحتلال والممارسات الإسرائيلية الغاشمة بحق المقدسيين وسعي الدولة الإسرائيلية لتهويد المدينة الإسلامية.
من جانبه أكد الباحث الدكتور سلمان أبو ستة من فلسطين أن القدس تتعرض وعلى مدى عقود من الزمن لأطول وأبشع عملية تصفية عرقية تمثلت في سلب الأراضي والتخلص من أهلها الأصليين بالقتل أو بالترهيب إضافة إلى السعي الحثيث من قبل دولة الاحتلال لطمس الهوية الفلسطينية والعربية في القدس وإحلال اليهود بدلاً عنهم.
وتناول الدكتور أبو ستة المراحل التاريخية التي مرت بها فلسطين عامة والقدس على وجه الخصوص، التي وصفها بالمراحل الشريرة التي بدأت بوعد بلفور في عام 1917م حتى قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي التي لديها قوة غاشمة لا تخضع لأي قانون.
مضيفاً أن حاجة الشعب الفلسطيني المقاوم على أرضه للدعم والمساندة مستمرة ما دام الاحتلال، فدولة الاحتلال تتلقى الدعم لتطرد الفلسطينيين.
ودعا أبو ستة العرب لدعم وتفعيل المعركة القانونية على المستوى الدولي، التي تلقى قبولاً عالمياً فإسرائيل لم تعد برأيه بتلك الحصانة التي كانت لها في السابق، حيث كان الحديث عن جرائم واحتلال إسرائيل أمراً شبه محرم، فيما الأمر مختلف حالياً وبالإمكان تصعيد القضية والحق الفلسطيني في المحاكم وأمام القانون الدولي.
كما دعا الشباب العربي لاستثمار الإنترنت والفضائيات في تنوير شعوب العالم عن همجية الاحتلال والحق العربي المسلوب في فلسطين، إضافة إلى ضرورة العمل لمقاطعة دولة الاحتلال التي باتت مقاطعتها حدثاً يومياً حيث بادرت أخيراً (48) جامعة في أوربا وأمريكا لمقاطعتها لما اقترفته من جرائم ضد الشعب الفلسطيني.
وشارك في الندوة أستاذ التاريخ في جامعة جازان الدكتور علي بن محمد عواجي الذي قدم سرداً تاريخياً عن فلسطين عامة والقدس خاصة تناول فيه أبرز المحطات التاريخية، حيث بين سماحة الدين الإسلامي والقادة المسلمين تجاه النصارى واليهود، مؤكداً أن ما يروى عن مظلومية النصارى تحت الحكم الإسلامي ليست سوى أكاذيب ساقها البطاركة بهدف تحريك الغزوات الصليبية ضد المسلمين.مضيفاً أن إسرائيل أقامت مركزاً لدراسة الحروب الصليبية لتعرف كيف أدار الصليبيون حروبهم ضد المسلمين.