كل من تعمق في مشروع «جزر النخيل الصناعية في مياه الخليج» القائمة على طلب مصطنع (عرض يولد طلبا بالترويج المكثف) أدرك أنه مشروع عالي المخاطر وبلا جدوى اقتصادية ولو أن شركة نخيل العقارية ليست إحدى شركات مجموعة دبي العالمية التابعة لحكومة دبي لما حصلت على التمويل اللازم لتطوير المشروع فالممولون وضعوا ثقتهم في حكومة دبي أكثر من ثقتهم بالمشروع والشركة المطورة له وها هم يضغطون على حكومة دبي لاسترداد أموالهم وأرباحهم بما لديهم من أدوات لا يمكن مواجهتها بسهولة كما يتخيل البعض وذلك بعد أن ثبت عدم جدوى المشروع وعدم قدرة الشركة على جمع النقد اللازم لسداد التزاماتها تجاه الدائنين في الوقت المحدد.
كل من تعمق في مشاريع دار الأركان الإسكانية وهيكلتها الاستثمارية في القطاع العقاري السعودي والذي يشهد طلباً حقيقياً أدرك أن مشاريعها ذات جدوى اقتصادية فضلاً عن جدواها الاجتماعية الأمر الذي مكن الشركة من الحصول على التمويل اللازم لمشاريعها بثقة الممولين المحليين والعالميين بها وبالقطاع العقاري والاقتصاد السعودي وبجدوى مشاريعها دون أي ضمانات من أي جهة سوى أصول الشركة وسلامة هيكلها الاستثماري وقوة إدارتها، ولقد كانت الشركة على قدر الثقة الممنوحة لها حيث استطاعت تطوير مشاريعها في الأوقات المستهدفة وتسويق منتجاتها من مساكن وأراضي وتحقيق أرباح كبيرة في ظل ظروف الأزمة المالية الطاحنة الحالية وجمعت النقد اللازم لسداد الصكوك المستحقة في أوائل مارس لعام 2010م بقيمة 2.25 مليار سعودي وقامت بسدادها دون أي تأخير. وبالمختصر نحن أمام تجربة ناجحة بامتياز لمنشأة اقتصادية وطنية مملوكة بنسبة 100% للقطاع الخاص استطاعت أن تبتدع هيكلاً استثمارياً فاعلاً وناجحاً من كافة النواحي الإنتاجية والتسويقية والمالية في كل الظروف العادية والاستثنائية وأمام تجربة إقليمية غير موفقة لشركة مملوكة بالكامل لحكومة تلك الشركة الأمر الذي يجعلنا نقول: إن التجربة الوطنية بالمقارنة مع نظيرتها الإقليمية تستحق الدراسة والتأمل لاستنباط العبر والفوائد منها خصوصا في جانبها المالي الذي يستند إلى هيكل استثماري فعال عزز قدرة الشركة الوطنية (دار الأركان) للحصول على التمويل اللازم للتوسع في مشاريعها، كما عزز قدرتها على السداد وقت الاستحقاق دون تأخير لعل شركاتنا تستطيع أن تستثمر فوائد هذه التجربة في تعزيز قدراتها الائتمانية في حالات الانتعاش أو الاستقرار أو الانكماش الاقتصادي الذي نعيشه حاليا.
لا اقترح جهة معينة لدراسة هذه التجربة الوطنية الخالصة ومن ثم توثيقها وعرضها على المهتمين والمعنيين من المستثمرين السعوديين وقيادي الشركات الوطنية والعاملين في الحقلين العقاري والمالي فالجهات المحتملة كثر ومتعددة، ولكن يحدوني الأمل بتوثيق هذه التجربة من قبل القائمين على شركة دار الأركان والتعاون مع إحدى الجهات ذات الصلة بتعزيز كفاءة منشآتنا الاقتصادية لعرضها على إداراتها فنحن لسنا بأقل من الغرب الذي يوثق تجاربه الناجحة ويعمم فوائدها على كافة منشآته ويملأ العالم ضجيجاً لوضع روادها على قمة هرم الناجحين عالمياً.
***
alakil@hotmail.com