Al Jazirah NewsPaper Wednesday  24/03/2010 G Issue 13691
الاربعاء 08 ربيع الثاني 1431   العدد  13691
 
التهجم على منظمة الدول الأمريكية
خورخي كاستانيدا

 

كانت الأسابيع القليلة الماضية حافلة بالأحداث المؤسفة في أميركا اللاتينية. فبالإضافة إلى الزلزالين القويين اللذين ضربا هايتي وشيلي، تعرضت المنطقة لهزة شديدة بسبب الوفاة التي حدثت نتيجة للإضراب عن الطعام في كوبا والحملة الشعواء المتزايدة الحِدة التي شنتها فنزويلا ضد حقوق الإنسان والمعارضة.

ولكي يزداد الطين بلة فقد شهدت المنطقة أيضاً محاولة سطحية إلى حد السخف، رغم خطورتها البالغة، من جانب بلدان ألبا - كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا والإكوادور وبوليفيا وباراجواي - وبإذعان مع المكسيك والبرازيل والأرجنتين، لإنشاء منظمة إقليمية تستبعد الولايات المتحدة وكندا، على أمل أن تحل هذه المجموعة في محل منظمة الدول الأميركية في نهاية المطاف.

وسوف يكون لزاماً على منظمة الدول الأميركية في الرابع والعشرين من مارس/آذار أن تقرر ما إذا كانت سوف تعيد انتخاب الدبلوماسي الشيلي ورجل السياسة خوسيه ميجيل انسولزا أميناً عاماً لها. وهو أمر على قدر عظيم من الأهمية لأن انسولزا قد يكون الشخص الوحيد القادر على التعلم من أخطاء منظمة الدول الأميركية التي ارتكبتها طيلة الأعوام الخمسة الماضية، وبالتالي تصحيحها وإنقاذ المنظمة من الانزلاق إلى صفحات النسيان.

إن الإجراءات الصارمة المفروضة على حرية الصحافة، وحكم القانون، والعملية الانتخابية في فنزويلا - طبقاً لتقارير منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس واتش، ثم مؤخراً التقرير الدامغ الذي أعدته لجنة حقوق الإنسان بين الأميركيتين في ثلاثمائة صفحة - تشهد تصاعداً مطرداً. وطبقاً لميثاق منظمة الدول الأميركية فإن المنظمة لا تستطيع إقحام نفسها في القضايا الداخلية الانتخابية أو السياسية أو المتعلقة بحقوق الإنسان إلا بتفويض من غالبية أعضائها، ويبدو أن دولاً مثل المكسيك والبرازيل تخشى الدخول في مشاحنات مع فنزويلا. ورغم كل ذلك فمن حق هوجو شافيز أن يشعر بالقلق والانزعاج.

إن الانتخابات التشريعية المنتظرة في سبتمبر/أيلول المقبل سوف تكون أكثر صعوبة بالنسبة للرئيس شافيز مقارنة بأي انتخابات سابقة. ذلك أن انقطاع التيار الكهربي، والجفاف الذي طال أمده، والتضخم، وعجز المواد الأساسية، كل ذلك يجعل الحياة متزايدة الصعوبة بالنسبة للمواطن العادي في فنزويلا، ولقد شهد موقف شافيز في استطلاعات الرأي هبوطاً واضحاً. ويصدق نفس القول على مكانته الدولية وشعبيته، وخاصة بعد اتهامه من قِبَل أحد القضاة الإسبان بالتآمر والتخطيط لاغتيال الرئيس الكولومبي السابق أندريس باسترانا في مدريد في عام 2002م.

إن شافيز يعلم أن سلامته الشخصية تعتمد على الحماية الدائمة التي يوفرها له جهاز الاستخبارات الكوبي. وأي تغيير في الحكومة في هافانا من شأنه أن يجعله في موقف بالغ الحرج.

ولكن المشكلة هي أن منظمة الدول الأميركية سوف تعقد اجتماعها السنوي في يونيو/حزيران من هذا العام في بيرو، ومن المؤكد أن العديد من الدول - كندا، وكوستاريكا، والولايات المتحدة، وكولومبيا، وبنما، وبيرو ذاتها، بل وربما شيلي - سوف تمارس ضغوطها من أجل إعادة هندوراس إلى عضوية المنظمة، وبطبيعة الحال سوف تجد هذه المحاولات مقاومة من جانب فنزويلا، ونيكاراجوا، وبوليفيا، والإكوادور، وباراجواي، بل وربما الأرجنتين.

وقد ينتهي الحال بهذه البلدان إلى ترك منظمة الدول الأميركية، والبحث عن الملجأ في المنظمة الجديدة التي أسستها للتو. وقد لا تحذو دول مثل المكسيك والبرازيل حذو هذه البلدان، ولكنها لن تعارض الخطوة أيضاً. أما حقيقة أن اجتماع كانكون لم يخصص للمنظمة الجديدة الموارد المالية، ولم يحدد موقعها، ولم يضع لها ميثاقاً، فلن تشكل أي أهمية: فقد تعود زعماء أميركا اللاتينية على بناء القلاع في الهواء.

ولكن حتى هذه البنية الخطابية البحتة قد تكون بمثابة المسمار الأخير في نعش منظمة الدول الأميركية، وقد تضعف آلياتها الخاصة بحماية حقوق الإنسا، التي أثبتت قيمتها وفعاليتها على نحو متزايد. والتحدي الرئيسي الذي يواجه منظمة الدول الأميركية الآن - إذا تمكنت من البقاء بعد رحيل اليسار الراديكالي - يتلخص في سد الثغرات في وثائقها الأساسية فيما يتصل بالدفاع الجماعي عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وتتمثل هذه الثغرات في غياب التعريف الدقيق لمعنى تعطيل الحكم الدستوري - أهو مجرد الإطاحة برئيس منتخب، أم أنه يعني أيضاً إغلاق جهاز تشريعي أو محطة تلفزيونية؟ - ومنح منظمة الدول الأميركية صلاحيات تتجاوز تعليق عضوية البلدان الأعضاء التي تنتهك مبادئها. ومن الأهمية بمكان أن تشكل عملية مراجعة هذه الأمور المهمة الأساسية للأمين العام للمنظمة الذي أعيد انتخابه، هذا إلى جانب الحفاظ على وحدة منظمة الدول الأميركية والدفاع عن الديمقراطية في أميركا اللاتينية ضد هجوم بلدان ألبا.

خاص الجزيرة
خورخي كاستانيدا وزير خارجية المكسيك سابقاً (2000-2003)، وأستاذ بارز على مستوى العالم للعلوم السياسية ودراسات أميركا اللاتينية في جامعة نيويورك.
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2010 .
www.project-syndicate.org



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد