الجنادرية - أحمد حكمي
تتناغم الخطوات وتتزن مع بعضها، يتحكم بها إيقاع ينقلها من مكان إلى آخر، كما تتحكم الرياح بالريشة؛ فتمر بها على الاتجاهات، ينجذب الناس لها، تأسرهم باختلاف أشكالهم وانتمائهم؛ فجمهورها لا يمكن أن يكون مقتصرا على منطقة واحدة، بل كل المناطق تجدها حاضرة، هذا هو حال الرقصات الشعبية بقرية جازان.
فما إن يمر عام إلا وتحنّ كل زوايا القرية إلى الرقصات الشعبية التي تتميز بها المنطقة بحركاتها المتتالية، وبكل خطوة يخطوها الراقص تقف القلوب قبل العيون مدهوشة بذلك الجمال الآسر ولذلك التناسق العجيب.
وتشهد ساحة القرية هذا العام احتشاد أعداد كبيرة من الجماهير لمشاهدة الرقصات والفعاليات المنظمة هناك؛ فكل رقصة من تلك الرقصات تفرز التنوع الثقافي والجغرافي لأنماط متعددة في المنطقة كالمناطق الجبلية والساحلية، وكل منها تتمايز وتنفرد بلون خاص يعبر عن ثقافتها بلغتها الجسدية الخاصة.. وبإيقاعاتها المتميزة.. ولكنها تشترك وترتبط بخيط واحد ونغمة مشتركة بينها.. ومن بين هذه الرقصات الشعبية:
رقصة السيف
هي رقصة تؤدى في حركات سريعة، وتعتمد على إيقاعات الطبول، ولا تحتاج إلى مكان فسيح واسع للرقص، ويمكن أن تؤدى الرقصة في الساحة الموجودة داخل البيت؛ لأنها تؤدى بطريقة المقابلة بين شخصين لفترة قصيرة، ثم يتقابل غيرهما، وهكذا حتى تنتهي المدة المحددة لهذه الرقصة، وهي لا تتعدى الساعة إلا ربعا على الأكثر، ورقصة السيف تؤدى في حركات صامتة، أي بغير أناشيد.
رقصة العرضة
يجتمع الناس لمشاهدة هذه الرقصة في صفوف نصف دائرية، وفي منتصف الصف أو الصفوف يقف العازفون (المطبلون) يقرعون الطبول، ويقوم اللاعبون بتشكيل صف أو صفين وبأيديهم السيوف أو الجنابي ثم يبدؤون في الرقص مع مناقلة الأقدام وهم سائرون إلى الأمام في مسيرة منتظمة، ويتقدمهم أحد المهرة في اللعبة لتوجيههم بالحركات المطلوبة.
وهذه الرقصة عادة ما تقدم بعد صلاة العصر.
العزاوي
هي رقصة رشيقة، وحركاتها سريعة، ولا يؤديها إلا الشباب فيما دون الثلاثين سنة؛ لأنها تعتمد على مرونة عصب الشاب وقدرته على الرقص، ولأنها تؤدى على إيقاعات الطبول في صور مختلفة، فترى الشاب يرقص وهو قائم، ويرقص وهو منحني الظهر، ويرقص وهو جالس على قدميه، والأطفال فيما دون الخامسة عشرة يؤدونها في رشاقة فائقة.
أما الكبار الذين تجاوزوا مرحلة الشباب فقد يؤدونها بدون رشاقة!! وفي تكلف يظهر في حركاتهم. ورقصة العزاوي لا أناشيد فيها.
الزيفة
وهي رقصة تؤدى في مكان فسيح خارج المدينة أو القرية، ووقتها بعد صلاة العشاء إلى قبل الفجر، وتتكون من صفين متقابلين يتوسطهما أصحاب الطبول، ويقوم الشاعر الشعبي بالانتقال بين الصفين ليملي على اللاعبين شعره لينشدوه بصوت مرتفع، كل صف على حدة.
الطارق
هو نشيد يرفع به الرجل صوته بمصاحبة المزمار أو بدونه، ولكن ليس كل صوت يمكن أن يصلح لإنشاد الطارق.
والطارق كالغناء يحتاج إلى الصوت الجميل، الذي يشنف آذان السامع فيطرب له، والطارق ليس له مناسبة محددة أو مكان مخصص، فهو عبارة عن ترويح للنفس، ويستطيع الإنسان أن ينشده في بيته بصوت منخفض حتى لا يزعج جاره أو ينشده مع مجموعة من أصحابه بمصاحبة مزمار، ولكن خارج المدينة أو القرية.
وهذا الشعر فيه شيء من الجناس.
الدِّلع
بكسر الدال، هي رقصة سريعة الحركة، وهي لا تؤدى إلا في حالة الانتقال من مكان لآخر، وتتمثل في أن يتقدم الشاب الذي سيختن مثلاً (في حالة إن كانت الرقصة للختان) ومعه بعض الشبان ويحمل الشاب الجنبية في يده في كل الرقصات، أما الباقون فيتخلفون وراءه في شكل صف طويل، وإلا في صفين، ويسارعون للوصول إلى ميدان العرضة، ولا أناشيد لرقصة الدلع إلا في حالة واحدة وهي بعد الانتهاء من وليمة (الختان)، حيث تدق الطبول رقصة (الدِلع) ويؤدون الرقصة ثم يعود المدعوون إلى بيوتهم.
الدانة
رقصة جماعية تتميز بإيقاعها العنيف وسهولة أدائها لحناً ورقصاً، وألحانها قد تصل إلى ثمانية أنواع، والواحدة منها تتكون من مقطعين، كل مقطع ثلاثة أبيات، يغني الشاعر المقطع الأول لكي يحفظه المشاركون في الرقصة بعد سكوت المشاركين في الرقصة أثناء أدائها، أما المقطع الثاني فيردده الشاعر فقط بعد سكوت المشاركين في الرقصة.
الكاسر
لون غنائي بحري يؤدى من قبل مجموعة يستخدم فيه الملكد (هاوند) للطرق على صفائح معدنية، ويستخدم أثناء بناء مسرح العرس، ويكون الكاسر عصر يوم الزواج.