الالتزام بأمن إسرائيل عروة وثقى في السياسة الأمريكية، لا يمكن أن تنفصم حتى ولو اعتقد البعض أن الهوة بين الطرفين تتسع على خلفية قضية أو موقف، لكن حساب الأمن المشرع بين الجانبين دائماً في التحليل السياسي لا ينفي سخونة تجاذبات هذه العلاقة وتشعب دهاليزها في التأثير على صناعة القرار السياسي في البلدين، هذه العلاقة الراسخة باتت تواجه في الداخل الأمريكي مؤخراً حسابات جرد الأرباح والخسائر اكثر من أي وقت مضى، مدعومة بالحراك العالمي المستند إلى القناعة بأهمية السلام العالمي والمناخ الداعم له بقوة؛ لإنهاء تسربات الوقود المغذية للصراع في أحد أسخن مناطق العالم.
هذه الرغبة في تأطير العلاقة التاريخية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل باتت واضحة على الرغم من خجلها وحذرها الشديد في ظل استمرار شد حبل المناورة الإسرائيلية باستغلالها دون مراعاة لأبسط قواعد النظام الدولي، فالصحافة الأمريكية اليوم تزخر باللوم المباشر للسياسة الأمريكية ودعوتها إلى الضغط على الحكومة الإسرائيلية المتعجرفة لتقديم تنازلات حقيقية من أجل تحقيق السلام مع الفلسطينيين، فالخطوة التي أعلنتها إسرائيل مؤخراً ببناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية تعني ضمنيا أن ثمة أولويات اكثر رسوخا في إسرائيل من الاتجاه إلى العملية السلمية ودعمها، واللغة التي يتحدث بها نتنياهو اليوم لا تضع في اعتبارها اكثر من دعم ميزان الرضا لتحالف المتشددين اليمينيين داخل حكومته على حساب أي طرف مهما كان، فالواقع لا يزال يبرهن أن الراكب الإسرائيلي في قاطرة السلام لا يزال رافضا لشراء تذكرة الركوب ودفع الثمن لها، مفضلا الالتفاف على الجميع وإمضاء اجندة خاصة لا مكان للسلام سوى في ذيلها.
* * *