جاء في الحديث الشريف: (يعجب ربنا لشاب ليس له صبوه) كما جاء في الحديث أيضا: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم شاب نشأ في طاعة الله) بهذين الحديثين أتكلم عن ابني وابن أخي عبدالرحمن بن محمد المنيع الذي وافته المنية صباح يوم الاثنين 29-3-1431هـ بعد صراع مع المرض استمر قرابة ستة شهور، فأقول ولا أزكي على الله أحداً أحسب ابني عبدالرحمن بن محمد والله حسيبه يدخل في مضمون هذين الحديثين، فهو بحق شاب خلوق نشأ في طاعة الله ولا تعرف له صبوة، تفوق في دراسته, طُلب للقضاء فاعتذر ورعاً، ثم اشتغل في مجال التدريس، وتنقل حتى شغل منصباً مرموقاً في إدارة تعليم البنين بمحافظة الزلفي فسار بعمله على خير ما يرام، وتنقل من عمل إلى عمل ومن موقع إلى موقع كلها يبدع فيها كما عمل خارج البلاد في بعثة مدرسين بالخارج فحظي بأصدقاء ومعارف جراء أخلاقه العالية وتعامله الفذ، حيث جاء في الحديث: (إن أقربكم مني منزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا) والذي ترجمه الشاعر بقوله:
|
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت |
فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا |
أثناء الصلاة عليه امتلأ جامع الإمام فيصل بن تركي بالمصلين وكذا غصت المقبرة بالمصلين والمشيعين وهذه ولا شك من بشائر الخير.
|
تقاطر الناس من أماكن متفرقة فليس من المحافظة وحدها بل وحتى من خارجها أتونا إلى المنزل معزين حتى أن بعضهم يقول لا أعرفه شخصياً إلا من خلال ما أسمع عنه من سجايا حميدة رثاه الأستاذ عطالله سليمان العطالله بقصيدة تقطر أسى وتشير إلى بعض صفاته.
|
رحمه الله وطوبى لمن هذه صفاته وطوبى لمن خص بهذا الحب والتقدير، أما نحن أسرته ومحبوه فلا نقول إلا ما يرضي ربنا (إنا لله وإنا إليه راجعون) ولنا في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلوة.
|
فلو كتب الخلود لأي حي |
لكان الخلد للمبعوث هادي |
لقد فقدناه وفقدنا قبله أحبة فتجرعنا الحزن ولكننا تعاملنا بالصبر رجاء الثواب والأجر لقد فقدت الأسرة قبله خمسة شباب هم محمد بن عبدالله، عبداللطيف بن عبدالعزيز، مصعب بن عبدالله، وماجد بن عبدالله، وعاصم بن أحمد، شباب كلهم صالحون كان لفقدهم في نفوسنا أسى ولكن لا نقول إلا ما أمرنا به ربنا جل وعلا ?اللذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون? نرجو المغفرة لهم والأجر والسلوان لنا رجاء أن نحظى ببيت الحمد بالجنة.
|
أما نحن يا من ودعنا الأحبة وبقينا على قيد الحياة ننتظر أجلنا المحتوم المجهول أجله ومكانه، فالواجب علينا أن يذكرنا الموت بالآخرة (كفى بالموت واعظا) وأن نعمل لها جاهدين وأن نبتعد عن مفسدات الأعمال من الحقد والحسد والكراهية والتعاظم الأجوف الذي ليس له أساس إلا ضعف في نفس صاحبه وأن نقول كلمة الحق في السخط والرضا لمن نحب ونكره وأن نوجه سفهاءنا ونأطرهم على الحق أطرا ونعرف لأهل الفضل فضلهم صلاحا وعلما ومن إذا احلولكت الأمور لجأنا إليهم بعد الله فوجدناهم الناصر والمعين وهذا من الدين والخلق القويم أن نعرف لأهل الفضل فضلهم وحتى تستقيم أمور الأسرة وريثة المجد التليد لتسعة جدود كلهم علماء صالحون أناروا الطريق في مجتمعاتهم، حيث تركوا بصمات خير وهدى باقية على مر ثلاثة قرون، فنسأل الله أن يرحم موتانا وموتى المسلمين وأن يأخذ بأيدينا الخير ويجنبنا الزلل والشر وهو حسبنا ونعم الوكيل.
|
عبد الرحمن المنيع |
|