كانت الجنادرية أرضاً بيضاء، اختطتها عصا الحلم بين كثبان خشم العان شرق العاصمة السعودية. تزاحمت حولها أحلام متعب بن عبدالله ورؤيته المتفائلة أبداً بهذا الجهاز الوطني العريق الذي تبنى هذا المهرجان المميز.
حين تحدثت الفتيات في جناح وزارة التربية والتعليم، وقدمن أنفسهن بكل ثقة، والواحدة منهن تقول: طال عمرك أنا بنتك فلانة الفلاني.. ثم تتحدث عن جامعة الملك عبدالله، الذي من فرط سعادته وفخره بمنجزه العلمي الذي أهداه للمجتمع يؤكد أن تعرّف الجامعة وتقول جامعة الملك عبدالله ولا تقول جامعة كاوست!
ربع قرن من العمل المدروس والموجه لهندسة المجتمع وتحديثه بعد أن كان الحرس الوطني ينظر له على أنه جهاز بدوي بدائي ينخرط فيه أبناء القبائل الذين لم تتح لهم فرص التعليم -وبالعمل التخطيطي المتقن الذي أجاد رسم الخريطة المعرفية لأهدافه القصيرة المدى والبعيدة - فقد تحول هذا الجهاز العتيد إلى قبلة تقصدها المئات من الشخصيات الثقافية، وأصبح منبراً يتفاخر المثقفون بالحديث من خلاله إلى الجماهير الحاشدة التي تتابع أحداثه.
أصبحت قرية التراث مزاراً هاما للعائلة السعودية، واستكملت الرياض بهجتها السنوية بتعدد مناشطها.
حضور المرأة ظاهر في قرية التراث لكنه يسجل غيابا بائنا في النشاط الثقافي وندواته الهامة التي حرمت منها المرأة!
ومطلبي، ومطلب مثقفات عدة، أن يتم إشراك المرأة في تقديم أوراق عمل في الندوة الكبرى، وأن تنضم للجنة المشورة الرجالية لتشارك في إقرار الموضوعات بدلا من هذا الإقصاء والعزلة التي تمارس عليها في لجان خاصة وبسيطة تتكون من أغلبية أكاديمية من الأسماء النسائية غير المهمومة بالثقافة.
شعار المهرجان (عالم واحد وثقافات متعددة) يدفع بحضور المرأة واشتراكها في الندوة الكبرى ومناقشة الهم الثقافي الإنساني.
لدينا ناقدات وباحثات في الأدب كان بإمكانهن إضافة الكثير عن أدب شخصية العام المحتفى بها الشيخ عبد الله بن إدريس، وقراءة المرأة للنصوص والتجارب الأدبية هي قراءة مختلفة.
وهذا ينسحب على كافة الموضوعات التي تناقشها الندوة الكبرى؛ فالمرأة تشارك في المؤتمرات الثقافية والعلمية وطرحها دائما متميز.
والغريب أن تتأخر الجنادرية في إشراك المرأة وهي المهرجان الذي صاغ تحولات المجتمع المهمة وأحدث الحراك الحقيقي في الثقافة السعودية.
كما أن عزلة المرأة في لجان خاصة جلها من الأكاديميات المنعزلات عن الشأن العام والهم الثقافي تفرضهن الجامعات على اللجنة فيخترن موضوعات وأسماء تدور في أفق ضيق بينما ينطلق المثقفون الحقيقيون من الرجال بالندوة الرجالية إلى مصاف النجوم بالإمكانات والأفكار والأسماء التي تتزاحم من الداخل والخارج؛ مما يجعل المقارنة تبخس حق النساء وتكرس صورتهن التقليدية الواهنة.
أثق بأن صاحب السمو الملكي الأمير متعب المتبني لخطاب خادم الحرمين الملك عبد الله الإصلاحي الذي ينصف المرأة وينظر لها كشريك أساسي في الوطن -أثق - بأنه سينظر- حفظه الله - بأمر دمج اللجان النسائية (المشورة والثقافية) بالرجالية التي تناظرها لتتوحد اللجان التي تعنى بالثقافة في الجنادرية وتعمل وتشارك المرأة فيها مناصفة مع أشقائها الرجال، تطرح رأيها وتقدم أوراق عمل عبر الاستفادة من التقنية التي يسرت اشراك المرأة في كافة مناحي الحياة، كي تنطلق في رحاب التميز أسوة بأخوتها من أبناء هذا الوطن البهي.
fatemh2007@hotmail.com