Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/03/2010 G Issue 13687
السبت 04 ربيع الثاني 1431   العدد  13687
 
في الرابعة والثمانين رحل شيخ الصحفيين
حامد مطاوع في ذمة الله (1347 - 1431)

 

جدة - صالح الخزمري

شكَّل رحيل الإعلامي المخضرم حامد حسن مطاوع، أحد رموز الحركة الصحافية في المملكة مدير مؤسسة مكة للطباعة والإعلام السابق رئيس تحرير صحيفة الندوة أحد الرواد في الصحافة وصاحب الإسهامات الثقافية والاجتماعية والخيرية، فاجعة لكل المثقفين والصحفيين.. فكل مَنْ عرف أشاد بما قدمه للصحافة السعودية وبقدرته الفائقة في كتابة العمود السياسي والتحليلات السياسية، إضافة إلى خلقه الجمّ الذي كان يتمتع به.

بداية يعبر د. هاشم عبده هاشم، رئيس تحرير جريدة عكاظ السابق، عن حزنه، ويقول: ليس هناك من شك أن أبا أنمار - رحمه الله - له باع في العمل الصحفي بحكم الفترة الطويلة التي امتهن فيها العمل قبل أن يكون رئيس تحرير (وذلك في البلاد السعودية)، ثم عندما أصبح رئيس تحرير الندوة استطاع أن يحافظ على الأداء بالرغم من الإمكانات المحدودة. يتميز الراحل - رحمه الله - بالاتزان والموضوعية والعمق في التناول سواء ما كان يكتبه بقلمه أو ما كانت تنتجه طروحات الصحيفة، وقد كان يضفي على تناولاته الشيء الكثير، يهتم بالمعلومة بشكل أساسي، ولاسيما التحليل السياسي، ويمزج فيه بين التاريخ والمصطلح السياسي والصياغة الأدبية الرشيقة. أيضا الراحل معروف بأعماله الخيرية الواسعة والمساهمة في الجمعيات الخيرية كواجهة مكية واضحة بما كان يسهم به لمكة والاستعدادات لضيوف الرحمن باعتباره من أبناء مكة وأكثر معرفة باحتياجاتها.

نترحم عليه ونفتقد فيه رجلا أصيلا ومتميزا يحترم الكلمة والرأي الآخر ويجيد الإنصات ولا تكاد تسمع له صوتا إلا إذا سُئل بالتناول الموضوعي الجيد. لقد خلَّف الراحل رجالا مؤهلين (د. أنمار وإخوانه)، وترك أبناء يحفظون اسمه وتاريخه.. رحمه الله وصبَّر أهله.

- ويعبر د. أنمار حامد مطاوع، ابن الراحل، عن حزنه الشديد لفَقْد والده، وقال: كان الوالد - رحمه الله - متواصلا مع الكلمة، وكان آخر كتاب قرأه عن الحوثيين؛ فكان متابعا للقضايا المطروحة، وكانت صلته بنادي مكة الأدبي وثيقة، إلا أنه لم يحضر الاجتماع الأخير نظرا إلى ظروفه الصحية.

- في حين يصف الكاتب فاروق با سلامة الراحل - رحمه الله - بأنه كان رئيس تحرير قديرا جديرا بما حققه للندوة من نقلة وتقدم وتطور، خاصة إذا اعتبرناه كاتبا ومفكرا وليس صحفيا فقط، وكان باحثا ومؤلفا في الشؤون العامة والاجتماعية والاقتصادية، وله أسلوب أدبي في كتابته وتعبيره، وقد ألَّف عددا من الكتب، منها ما هو مطبوع. وقال با سلامة إن الراحل يعدُّ أبانا في جريدة الندوة، وقد كان يستقبل الكُتاب والمحررين ويرحب بهم، وكان له سمة خاصة، ويتسم أسلوبه بالجمال في الكتابة الصحفية.

أبو أنمار - رحمه الله - إنسان ودود محب للمعرفة، يميل للقراءات الثقافية، وله بصمته الخاصة فيما أصدرته الندوة من ملاحق أدبية وثقافية واقتصادية وسياسية.

كان محبا لتطوير جريدة الندوة، وقد ساهم في ذلك مع كثير من الكُتاب، وكان ينشر لهم المواضيع الجديرة بالنشر وليس للأسماء، وقد تسلم - رحمه الله - منصب المدير العام لمؤسسة مكة للإعلام، وهي التي تصدر جريدة الندوة أيام عبدالرحمن العرابي رئيس تحريرها، وكان في المكان المناسب. هكذا مضى حامد مطاوع بوصفه صحفيا وإعلاميا وأديبا وكاتبا مأسوفا عليه، فبفقده فقدنا جزءا من عطائنا الصحفي والإعلامي.

- ويعبر د. عبدالله با شراحيل الشاعر المعرف عن حزنه العميق عندما قال: كان لي اتصال بالراحل - رحمه الله - قبل خمسة أيام، وكان يطلب مني أن أجاهد في مقالي عن الحداثة والأصالة، وكان يقول لي «أرجوك استمر»، وكان لي موعد معه أن يزورني هذا الأسبوع. ويذكر أن ابنه د. أنمار كان يقول «يا دكتور عبدالله إن والدي كان يحبك». ويضيف أن هناك تواصلا أسريا، وهذا الرجل فاضل وكأنه والدي، رجل محترم أديب مضيء من كل الجوانب، وقدم أبناءه وأحسن تربيتهم، وكلهم يحملون شهادات عليا وعلى مستوى عال.

أما كفاحه الصحفي فإنه بعد خروجه من الندوة تراجعت تراجعا مذهلا، وقد كانت من أوائل الجرائد السعودية، وكانت تستكتب كبار الأقلام والمفكرين، وكان لها ملاحق منها الملحق الذي عني بما بين الحداثة والأصالة.

حقيقة فَقْدُه خسارة على الوطن وعلى الأدب وعلى العلماء؛ لأنه متعدد المواهب والقدرات، وكان موته فاجعة لنا {كل نفس ذائقة الموت}، ولا شك أن العين لتدمع والقلب ليحزن.

هذا الرجل شخصية أدبية رائدة

- ويقف الأستاذ عبدالله الشريف، الكاتب المعروف، على تاريخه -رحمه الله -، ويقول: الأستاذ حامد حسن مطاوع كان من الرعيل الذي عمل بالصحافة يوم أن كانت إمكانات العمل الصحفي في بلادنا قليلة، ولكنهم واجهوا الصعوبات بمواهب استطاعت أن تتغلب على ضعف الإمكانات وتنتج صحافة كان لها التأثير في مجتمعنا عبر المقالة الصحفية، علمية كانت أو أدبية أو اجتماعية، ولم تخلُ صحافتهم من خبر وتحقيق وتعليق رغم قلة العاملين في الصحيفة الواحدة التي كانت أحيانا تختصر على صاحب الجريدة ورئيس تحريرها وموظف أو موظفين، وهو - رحمه الله - من رعيل ثقفوا ثقافة عربية خالصة عبر الدراسة في مدارس دينية تعنى باللغة العربية والعلوم الشرعية، وتلقى الدروس في حلقات المسجد الحرام، وعندما التحق بالأعمال الإدارية نوّع اختصاصاته؛ فدرس علم الاقتصاد والشؤون المحاسبية؛ فعُيِّن في وقت من الأوقات أمينا لصندوق جريدة البلاد السعودية، وعمل موظفا في صحيفة صوت الحجاز في وقت مبكر سنة 1374هـ، وتقلب في مناصب الصحافة حتى أصبح رئيس تحرير الندوة، ولعله آخر رؤساء تحرير الندوة الذين كانت في عهدهم صحيفة تُقرأ. وكان - رحمه الله - عضوا في جمعيات كثيرة، خاصة جمعية البر والمجلس البلدي، وكان دمث الخلق قريبا من المتعاملين معه، يحترمهم ويحترمونه.

إنه رائد من رواد هذا الوطن، وبفقده نفقد أحد مؤسسي الصحافة في بلادنا. رحمه الله رحمة واسعة، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

- الأستاذ حسين بافقيه، رئيس تحرير جريدة أم القرى، قال: يعتبر حامد مطاوع أبرز رئيس تحرير مر على جريدة الندوة، والفترة التي كان فيها رئيسا لتحريرها كانت في أفضل أوضاعها، كما أن له مكانته في المجتمع المكي، وهو شخصية مؤثرة، وأعتقد أن الملاحق كانت في آخر عهده، وكان عزها في عهد يوسف دمنهوري، وكانت هذه الملاحق لها طعم ومذاق خاص.

- ذكريات جميلة مع الراحل يسردها الأستاذ عبدالرحمن المعمر، الصحفي المخضرم، ويقول: يعتبر الأستاذ حامد مطاوع نموذجا للإعلامي الشريف في مسلكه والنظيف في تعامله المترفع عن السفاسف والدنايا؛ لأنه من جيل الرواد الذين بنوا أنفسهم ولم يتبناهم أحد، وهكذا العصامي:

وإنما رجل الدنيا وواحدها

من لا يعول في الدنيا على رجل

لقد عرفت الفقيد الكبير وزاملته يوم كنت رئيسا لتحرير جريدة الجزيرة، وكان - رحمه الله - رئيسا لتحرير الندوة. صحبته في رحلات داخلية وخارجية أنا والمرحوم السيد عثمان حافظ رئيس تحرير المدينة، ولن أنسى رحلتنا إلى لبنان قبل أكثر من أربعين عاما، يوم قصدنا لبنان بدعوة من وزير الإعلام اللبناني السيد رامز الخازن، ولقد كنا وفدا كبيرا فيه المرحومون: عبدالمجيد شبكشي عن البلاد والسيد عثمان حافظ عن المدينة وحامد مطاوع عن الندوة وأنا عن الجزيرة. لقد كانت رحلة لبنان قطعة من الذكريات التي لا تنسى لما لقينا فيها من أعلام الإعلام ورجال الصحافة والفكر والنشر الذين قابلناهم وتحدثنا معهم واستفدنا من الاحتكاك بهم يوم كانت بيروت حاضنة للنور والتنوير والنهضة والنهوض والإشعاع الذي يؤثر في محيطنا العربي.

لقد كان حامد مطاوع - رحمه الله - واسطة العقد، يدخل السرور على قلوب إخوانه، ويحتفي بزواره، وكان في عمله بالندوة أستاذا لأجيال من الإعلاميين الذين تخرجوا من مدرسة الندوة وأصبح منهم عدد يشار إليهم بالبنان أينما اتجهنا في كل مكان.

الأستاذ حامد مطاوع هو ابن جريدة الصحافة منذ أيام البلاد السعودية قبل أكثر من سبعين عاما؛ حيث كان يعمل فيها ويسهم في تحريرها مع الأعلام الكبار من أمثال الأستاذة: أحمد محمد جمال وعبدالعزيز ساب وعبدالعزيز الرفاعي، تحت إشراف الأستاذ عبدالله عريف رئيس تحريرها في ذلك الزمان.

ماذا أقول وماذا أتحدث عن المرحوم؟ لقد كان موته وغيابه حادثا جللا أثّر في أصدقائه وعارفيه وتلامذته ومحبيه. نسأل الله أن يدخله مدخلا كريما، ويجعل البركة في عقبه وذريته د. أنمار مطاوع وإخوانه وسائر أهل بيته.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

- الأستاذ أحمد المهندس، رئيس تحرير مجلة العقارية، وصف الراحل بأنه من رواد الصحافة السعودية، وقال: لقد تعلمنا على كتاباته الرائعة واستمراره في المجال، وتزاملنا مع ابنه د. أنمار، وقد قدم الراحل ملاحق من خلال الندوة كانت من الملاحق الرائعة والناجحة، وقد لقيت الدعم الكبير منه.

الأستاذ حامد - رحمه الله - يقدم النصح الطيب ويقول الصواب والخطأ، وكان يتعامل معنا كأب. الحزن كبير بفقد الأستاذ مطاوع؛ فقد فقدت الصحافة السعودية رائدا من روادها.

- ويقف الأستاذ هشام كعكي، رئيس تحرير الندوة السابق، على أبرز محطات الراحل، ويقول: رجل عظيم، كان من الأعضاء المؤسسين لمؤسسة مكة للصحافة، وقد عمل في الصحافة في عصر الأفراد عندما كانت تهتم بالأدب أكثر من أي شيء.

ظل رحمه الله رئيسا لتحرير الندوة في الفترة من 1386 إلى 1406هـ، وكانت تسمى ندوة حامد مطاوع، وكانت مركزا كبيرا لالتقاء الأطياف كافة، وكانت بداية صحافة المواطن والإنسان البسيط التي تهدف إلى الارتقاء بالمواطن عبر ما يريد أن يأخذ. عمل معه عدد كبير من الصحفيين اللامعين، وهو صاحب مدرسة عظيمة.

لقد كانت الندوة الصحيفة الأولى توزيعا ومهنيا، وكان يوزَّع منها سبعون ألف نسخة، وهو رقم كبير لنا الآن، فما بالك في ذلك اليوم.

إذا تحدثنا عنه ككاتب فهو صاحب قلم سياسي يحرص عليه المسؤول والمواطن في آن واحد، وكان لديه عمق وفكر سلس ومتميز، وأعطى زخما مميزا؛ فهو كاتب سياسي لا يشق له غبار، وله تحليلات سياسية رائعة. أما عن الإداري فهو إداري ناجح، ولديه تنظيم إداري مميز وناجح، وفي مؤسسة مكة عندما تسلم الإدارة العامة أحدث نقلة ونجاحات تسويقية.

حامد مطاوع الإنسان الخيّر له أياد بيضاء في جمعية البر والمؤسسات الخيرية كافة، وكان رجلا أياديه بيضاء على كثير من الفقراء، وله تجربة في الجمعيات، وقد كان الراحل في آخر مرحلة من حياته عضو مجلس إدارة نادي مكة الأدبي، وكانت له علاقة بنادي الوحدة. وقد كنا نتمنى أن يجد تكريما في حياته من الندوة والجمعيات التي أشرف عليها، رحمه الله رحمة واسعة.

- د. زهير كتبي، الكاتب المعروف، قال: إنَّ المرحوم يعدُّ من أعمدة الصحافة في بلادنا، ومن الرعيل الأول في بناء أسس الصحافة السعودية، وقد كتبتُ كتابا عبارة عن دراسة علمية عنه، وهو صاحب منهج صحفي اتسم بالنزاهة والموضوعية، رجل تميز بالاستقامة وعدم التزلف، ولا يميل إلى النفاق في الصحافة؛ فهو من الكبار، ورجل له وزنه ومكانته وقيمته، ولكنه لم يأخذ حقه من العناية اللازمة والتقدير.

- ويعبر عن حزنه العميق د. بهاء عزي، الشاعر المعروف، ولاسيما أن بينهما روابط، وقال: أذكر أنني لما بدأت في مشروع التقنية بعد أن عدت من بريطانيا بعد أخذ درجة الدكتوراه أُعجب بموضوع الرسالة إعجابا شديدا، وقال سأذهب معك لكبار القوم، فذهبنا لأناس كثر منهم أحمد عبدالغفور عطار وعدد من المفكرين، حتى أن نادي مكة طلب مني إلقاء محاضرة عن التقنية والتصنيع، وأُعجب بها الكثير، وأذكر له دعمه لي كإنسان محب للإبداع ولكل مفيد، وقد كتب عني.

وقد شرفني بحضوره جميع أمسيات الحولية التي أقيمها كل عام، وكان آخرها قبل ثلاثة أشهر، وأي مناسبة كنت أحضرها، ومنه تكريمي في منتدى الشيخ محمد صالح با شراحيل، ولدي قصيدة عنه عنوانها شيخ الصحافة سأنشرها إن شاء الله.

- فيما يعبر د. محمد خضر عريف، عضو هيئة التدريس بجامع الملك عبدالعزيز والكاتب المعروف، عن ألمه وحزنه العميق، وقال: هذا الحزن آلم كل المحبين لهذه القامة الصحفية والأدبية الكبيرة، وقد تخرج على يديه - رحمه الله - أجيال وأجيال من الصحفيين المشتغلين بالإعلام بشكل عام، ويمكن لي القول إننا فقدنا آخر عمالقة الصحافة من الرعيل الأول إن لم يكن من الرعيل الذي تلاه مباشرة، وقد عملت مع الفقيد الكبير منذ سنوات حين كنت طالبا صغيرا في جامعة أم القرى في مطلع التسعينيات الهجرية (السبعينيات الميلادية)، وقد أتاح لي - رحمه الله - العمل في جريدتنا المحبوبة جريدة مكة المكرمة (الندوة) التي كانت لأسرتي بشكل عام مساهمات فيها، يتقدمهم الأستاذ عبدالله عريف - رحمه الله - وقد عملت بين يديه محررا ومصححا للجريدة، ولم يبخل بالنصيحة والتوجيه.. ومن عجب أنه غادر بعد عودتي من البعثة، وقد كانت الندوة أولى الجرائد التي كتبت فيها لسنوات، ومن عجب أيضا أنني قبل أيام قليلة تحدثت مع نجل الفقيد الزميل الكريم د. أنمار مطاوع حول المقابلات التي أجرتها إذاعة جدة في رمضان الماضي مع الأستاذ حامد - رحمه الله - على مدى أيام عدة، تحدث فيها بإسهاب وإفاضة عن كل ما يتعلق بتاريخ الصحافة السعودية عموما والصحافة المكية خصوصا، وذكر أسماء ومعلومات قد لا يعلمها كثير من الناس بمن فيهم أنا نفسي، وطلبت من د. أنمار أن يسأل أباه أن يجمع هذه المعلومات لإخراجها في كتاب أو كتيب، ولعله فعل. رحم الله عميد الصحفيين السعوديين عموما والمكيين خصوصا، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.

- الروائي د. عصام خوقير قال: كانت تربطني بالأخ حامد - رحمه الله - علاقة القلم، وكانت قديمة من أيام المرحوم عبدالله عريف رئيس التحرير؛ فكان له مواقف جميلة معي، وكان يتعاون معي في النشر على أساس أنه صاحب تجربة أكبر.

كان شخصية يفرض احترامه على من حوله، وصلتنا كانت قوية، حتى عندما كنت أعمل في المدينة كان يشد على يدي ويطلب المشاركة سريعا. إن علاقة القلم أقوى من الزمن، وإن شاء الله ينتقل إلى دار خير من داره وأهل خير من أهله. أما جهوده في الندوة فمعروفة ومشكورة، وقد ضعفت من بعده وأُصيبت بانهيار وتراكمت عليها الديون، وهذا راجع إلى سوء الإدارة، فالندوة كأنها لم تعد ندوة؛ فقد كانت ملء السمع والبصر، وهذا شيء محزن، أتمنى أن تعود الندوة لوهجها، ورحم الله رائدها حامد مطاوع رحمة واسعة.

- محمد إسماعيل جوهرجي، الشاعر واللغوي المعروف، قال: كان الراحل قبل التحرير في الشؤون المالية، ثم انتقل إلى التحرير إلى أن أصبح رئيسا للتحرير، وقد كانت إمكانيات الندوة بسيطة، وقد كان له - رحمه الله - دور في الملاحق رغم ضعف الإمكانات، وكان يمتاز بانضباطه في العمل وإخلاصه لمكة والوطن.

- ويصف د. عاصم حمدان، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز، الأستاذ حامد مطاوع بأنه أدرك الجيل الأول من الصحفيين من أمثال: أحمد عبيد وأحمد وصالح جمال وعبدالله عريف وحسن عبدالحي قزاز.. أدرك هذا الجيل وأفاد منه في مهنة الصحافة، وتدرج في العمل الصحفي إلى أن وصل إلى رئاسة التحرير.

كانت فترته من الفترات الهادئة في جريدة الندوة؛ فلا مشاكل في الجريدة، وكان بجانب مهارته الصحفية كاتبا مقتدرا على كتابة العمود الصحفي، وهذا من إفادته ممن سبقه. وشيء مهم حدث في فترته؛ حيث كان الملحق الأدبي في جريدة الندوة أحسن ملحق في الصحافة السعودية، وأنا أدركته وكتبت فيه، وكان مقروءا ويعكس اهتمامه، وهناك بُعد آخر وهو معرفته بالصحافة العربية وخصوصا صحافة لبنان ومصر في شجونها وشؤونها كافة، وقد اختُير عضوا في نادي مكة الأدبي؛ لأن فيه مسحة أدبية في كتاباته، وهذا قليل فيمن يكتب العمود الصحفي، كما أنه إداري متمكن.

والحقيقة أن الندوة لم تفق من كبونها منذ أن تركها، وكانت فترة العرابي جيدة، ولكن المشاكل كانت أكبر من القدرات.

الصحافة السعودية فقدت واحدا من الجيل الثاني بعد جيل الرواد، وارتبط اسمه بصحيفة الندوة التي لعبت دورا في الشأن الاجتماعي، وسوف يذكره تاريخ الصحافة بما ذكر به من سبقه.

- د. محمود زيني، عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى، تضرع إلى الله أن يسكنه فسيح جناته، وقال: مصابنا فيه كبير، ولا نقول إلا {إنا لله وإنا إليه راجعون}، هذا الفقيد المؤسس للصحافة المكية الأستاذ حامد الذي سعى لجريدة الندوة لتتصدر الصحف بما فيها من جهود طيبة ومباركة؛ فسعدت الندوة في حياته بتلك الاهتمامات التي فقدتها فيما بعد، وسعدتُ أنا حينما كان مسؤولا عنها؛ فكتبت مقالات فيها، خاصة برعاية الأستاذ صالح جمال، وكان إلى جانبها الندوة الأسبوعية، وهي أول مجلة ثقافية أدبية تصدر من مكة، وهي تضارع مثيلاتها التي سبقتها، وكان يكتب فيها عدد من المثقفين والمفكرين.

إن فقدنا لهذا الرمز يعتبر بمثابة ألم كبير، رحمه الله رحمة واسعة.

- ويعرج الأستاذ عبدالله خياط، الكاتب المعروف، على تاريخ الراحل، وقال إنه كان منذ السبعينيات في جريدة البلاد السعودية كأمين صندوق، وقد ساير البلاد وأصبح المدير العام للإدارة، وتولى رئاسة تحرير الندوة نحو 22 سنة بعد الزيدان، وكانت الندوة في عهده في المقدمة بين الصحف السعودية، وهو معتدل وصاحب أخلاق، وهو من خيرة الصحفيين الذين عرفتهم، وقد كنت أخشى منافسته عندما توليت رئاسة تحرير عكاظ، ولكنا سايرنا بعضنا واستفدت من خبرته؛ فهو رجل حبيب إلى النفس.

- رئيس مجلس إدارة نادي مكة الثقافي الأدبي الدكتور سهيل بن حسن قاضي اعتبر أن وفاة مطاوع خسارة على الثقافة والإعلام في المملكة، موضحا أنه أحد الرواد الأوائل في الصحافة السعودية، وصنع نجاحا تميزت به صحيفة الندوة المكية، التي اشتهرت بما تقدمه من صحافة رزينة مستنيرة ومميزة في ذلك الزمن.

وأضاف قاضي: شرفت بزمالة الراحل في آخر تشكيل لمجلس إدارة نادي مكة الثقافي الأدبي؛ حيث كان يحرص على حضور الاجتماعات رغم ظروفه الصحية بحكم السن، إلا أنه كان يحاضر ويشارك بآرائه السديدة التي كنا نستفيد منها كثيرا، وقد تألمت كما تألم غيرنا بوفاته، بعد أن غاب عن الجلسة الأخيرة، ولم أكن أعلم أن جلستنا قبل ثلاثة أسابيع تقريبا ستكون اللقاء الأخير لأعضاء مجلس إدارة النادي بالراحل.

- د. محمد باجودة، مدير مكتبة الحرم المكي الشريف، يقول عن الراحل: يعتبر الأستاذ حامد مطاوع أحد أعلام الصحافة بالعاصمة المقدسة وعَلَم من أعلام الرعيل السابق الذي خط بيراعه هموم وآمال أبناء مكة المكرمة؛ فكتاباته السياسية كانت تنطلق من خلفية علمية وثقافية، تمتاز بسعة الاطلاع، وكان - رحمه الله - أحد الذين كرمتهم وزارة الثقافة والإعلام السعودية في حفلها في 27-3-2009م عرفاناً بإرساء دعائم الصحافة السعودية ومضمون العمل الصحفي، وتم تكريمه إلى جانب أعلام كبار أيضاً مثل: أحمد بن محمد السباعي، أحمد بن عبدالغفور عطار، تركي السديري، الشيخ حمد الجاسر، خالد المالك، عبدالفتاح أبو مدين، وغيرهم. كما حصل - رحمه الله رحمة واسعة - على وسام بدرجة قائد من الملك الحسن الثاني من المغرب في 22 جمادى الآخرة عام 1399هـ ببراءة رقم 69-603-1271، وكرمته اثنينية الأستاذ عبدالمقصود خوجة في رجب 1415هـ.. نسأل الله الكريم أن يغفر له ويرحمه ويغسله بالماء والثلج والبرد، وأن يجعل قبره روضه من رياض الجنة، وأن يجعل القرآن الكريم شفيعا له، وأن يبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله.

***

السيرة الذاتية:

حامد بن حسن بن علي مطاوع

المدير العام لمؤسسة مكة للطباعة والإعلام (سابقاً)

كاتب - عضو مجلس منطقة مكة المكرمة

ولد بمكة المكرمة عام 1347هـ.

حصل على الثانوية من مدرسة تحضير البعثات عام 1935م.

وحصل أيضاً على دبلوم إدارة أعمال واقتصاد من المؤسسة السعودية للثقافة الشعبية.

تولى وظائف ومناصب حكومية عدة، منها:

- مساعد رئيس شعبة المواصلات بالمديرية العامة للحج بوزارة المالية عام 1367هـ (سابقاً).

- أمين صندوق صحيفة البلاد عام 1374هـ.

- محاسب بصحيفة البلاد السعودية عام 1376هـ.

- مدير إدارة صحيفة البلاد (بعد الدمج) عام 1380هـ.

- مدير الإدارة والمسؤول عن التحرير بصحيفة الندوة (1383 - 1384هـ).

- رئيس تحرير صحيفة الندوة (1384 - 1406هـ).

- عضو مؤسسة مكة للطباعة والإعلام منذ عام 1383هـ (سابقا).

- عضو المجلس البلدي بمكة المكرمة من عام 1380 - 1413هـ.

- عضو مجلس إدارة الشركة السعودية للكهرباء - مكة - والطائف

لأربع دورات حتى قيام الشركة الموحدة (1382 - 1402هـ).

عُيِّن في 3-4-1414هـ عضوا بمجلس منطقة مكة المكرمة.

يشغل منذ شوال 1414هـ منصب نائب رئيس جمعية البر الخيرية بمكة المكرمة.

عضو مؤسسة مكة للطباعة والإعلام منذ عام 1383هـ (1963م).

عُيِّن نائبا لمدير مؤسسة مكة للطباعة والإعلام وشركة مكة للطباعة والنشر في 20-7-1416هـ.

عُيِّن مديرا عاما لمؤسسة مكة للطباعة والإعلام في 20 شوال 1416هـ.

يكتب في الصحف والمجلات المحلية.

قدَّم العديد من البرامج الاجتماعية والأدبية للإذاعة والتلفزيون.

حضر مؤتمرات قمة عربية عدة، كما شارك في تغطية مؤتمر مكافحة الشيوعية بطوكيو عام 1382هـ، ومؤتمر القمة العربية بالأردن والدار البيضاء، ومؤتمر فاس.

له مؤلفات عدة منها:

- فيصل أمانة وتاريخ - مترجم إلى الإنجليزية والأوردية - مكة النادي الأدبي 1397هـ-1977م.

- المقال والمرحلة: 1399هـ-1979م - مكة النادي الأدبي.

- شيء من الحصاد: جدة - تهامة 1402هـ-1982م.

تكريمه:

- حصل على وسام بدرجة قائد من الملك الحسن الثاني من المغرب في 22 جمادى الآخرة عام 1399هـ ببراءة رقم 69-603-1271.

- كرمته إثنينية الأستاذ - عبدالمقصود خوجة في رجب 1415هـ.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد