ربح سوق الأسهم الأسبوع الماضي حوالي 108نقطة، وقد ظهرت بوادر موجة صاعدة جديدة بقيادة عدة محفزات، على رأسها التماسك والصعود المتدرج لأسعار النفط، ثم إبقاء البنك الفيدرالي الأمريكي على مستوى فائدته عند 0.25%، ثم التحركات الإيجابية للبورصات العالمية، وعلى رأسها مؤشر الداو جونز.. وفوق كل هذا ظهور ملامح لافتكاك التسهيلات البنكية بالمصارف المحلية للمتداولين من القيود والتشدد وظهور بوادر تسهيل إقراض أصحاب المحافظ الاستثمارية إضافة لبدء تحرك أسعار التسليح، والتي من المعروف عنها قدرتها على تحريك عجلة النشاط الاقتصادي، حتى رغم أخذها كعنصر سلبي ضاغط على ميزانيات المستهلكين الأفراد.. أيضا فقد أعلنت شركة تداول عن عزمها إطلاق صناديق للمؤشرات المتداولة تعمل من خلال صانع السوق، وتسبب هذا الإعلان في حالة من التفاؤل الذي أدى إلى قوة دفع جديدة لمؤشر السوق.
تحسن السيولة المتداولة
شهدت السيولة المتداولة هذا الأسبوع تحسنا نسبيا، حيث بلغت 16.4 مليار ريال، وهو مستوى يشكل تزايدا ملحوظا عن مستوى الأسبوع الماضي والذي بلغ 14 مليار ريال، وارتفاعا كبيرا عن مستوى الأسبوع قبل الماضي، والذي بلغ 12.2 مليار ريال وبدأت تظهر حالة تفاؤل متعددة المصادر بالسوق، يتوقع معها أن تتزايد السيولة المتداولة خلال الأسبوع المقبل ما لم تطرأ مستجدات.
محفز اقتراب موعد دخول الأجانب عبر صناديق المؤشرات
أعلنت تداول عن عزمها إطلاق صناديق للمؤشرات المتداولة، وهي البديل الفعلي لاتفاقيات المبادلة التي لم تنجح كثيرا في جذب المستثمرين الأجانب نتيجة قيود ومعوقات قانونية أو إدارية.. وعلى ما يبدو أن هيئة السوق تركز بقوة على هذا المنتج الجديد (الصناديق) لجذب رؤوس أموال أجنبية للسوق، على الأقل حتى تتمكن من السماح للأجانب غير المقيمين فعليا بالتداول المباشر بالسوق.. ونظام صناديق المؤشرات يتيح للمستثمرين العديد من المزايا والمحفزات التي قد تجذبهم للسوق المحلي، من أهمها الشفافية الكاملة (التي هي محل اهتمام الأجانب غير المقيمين)، وأنها ستسمح لمالكي وحداتها بالشراء والبيع عن طريق عروض البيع والشراء خلال فترات التداول، فضلا عن وجود صانع سوق يعمل على محاكاة أدائها لأداء المؤشرات التي تتبعها هذه الصناديق، وذلك عن طريق أوامر بيع وشراء الوحدات، أيضا تتسم هذه الصناديق بالمرونة التامة في التداول، وعدم وجود حد أدنى للاشتراك فيها، فضلا عن انطباق نفس تكاليف تداول الأسهم عليها، وباختصار أنها تتيح للمستثمرين كافة مزايا التداول المباشر بالسوق.. ورغم مزايا هذه الصناديق، ورغم توقع أن تجتذب رؤوس أموال محلية وأجنبية كثيفة، إلا إنها في نفس الوقت قد تشكل مخاطرة على سوق الأسهم ككل، إذا وجد فيها المستثمرون ضالتهم، ووجدوا أنها تعطيهم الربح الوفير في أوقات صعود المؤشر العام للسوق، ووجدوا أنها تحفظهم من الخسائر الكبيرة وقت نزول المؤشر.إلا إنه بأي حال من الأحوال يعتبر هذا الإعلان من أكثر المحفزات التي أثرت على السوق في نهاية هذا الأسبوع، لأن الجميع يعلم أن تفعيل هذه الصناديق سينعش السيولة المتداولة بالسوق لأن قوة طلب جديدة ستدخل السوق، بل ويتوقع أن تؤثر إيجابا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وبخاصة عندما يتدارك المستثمرون بالسوق المفهوم الحقيقي لها.
تلميحات إطلاق”صانع السوق الجزئي”
هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها شركة تداول عن نيتها إطلاق صناديق للمؤشرات المتداولة تعمل من خلال صانع سوق، وهذا التلميح يعد في حد ذاته أحد مصادر التفاؤل لكل المتعاملين للسوق، وحتى المتابعين له، لأن إطلاق صانع السوق (ولو كان جزئيا) أيا كان شكله إنما يعبر عن وصول السوق إلى حدود مقبولة يمكن عندها السعي للحفاظ على المستوى الحالي للمؤشرات القطاعية الجزئية، ومن ثم الحفاظ على مستوى المؤشر الرئيسي للسوق.. فعلى سبيل المثال، أثار كثير من المحللين من قبل تساؤلات كثيرة حول: لماذا لم تطلق هيئة السوق مثل هذا الصناديق مثلا عندما كان مؤشر السوق عند مستوى 14 ألف نقطة أو حتى عندما كان عند مستوى8000 نقطة؟
يرجع ذلك إلى سببين: أولا بالطبع فكرة صناديق المؤشرات عند هذه المستويات للمؤشر كانت تعتبر غير مقبولة، لأن عمل صناديق بصانع سوق كان سيحد ويقيد من القدرة التلقائية على تصحيح السوق، فكل صانع سوق (حتى لو كان قطاعيا أو جزئيا) إنما يعمل على تصحيح مسار المؤشر في النهاية.. وهذا ما يصنع التفاؤل للمتداولين، لأن إطلاق مثل هذه الصناديق التي تعمل من خلال صانع سوق إنما يدلل على أن المؤشر والأسهم المتداولة تعمل عند مستويات مقبولة فنيا وماليا.. وبالتالي، فهناك ما يضمن عدم حدوث سقطات أو تصحيحات قوية مستقبلا بإذن الله..
ثانيا: يأتي إطلاق هذه الصناديق خلال هذه الفترة نتيجة حاجة السوق الآن إلى سيولة متداولة جديدة.
محفز فائدة الفيدرالي الأمريكي
من المعروف أن فائدة الفيدرالي يعتبر قائدا لأسعار الفائدة العالمية في غالبية الدول، ومن ثم فإن إبقاء سعر الفائدة الأمريكي على الودائع عند 0.25% يعتبر محفزا جديدا لكافة البورصات العالمية، لأن إبقاء سعر الفائدة عند هذا المستوى المتدني إنما يدفع ويحفز المودعين لاستثمار أموالهم في البورصات المالية أو في جوانب النشاط الإنتاجي الأخرى، وكليهما يحركان عجلة النشاط الاقتصادي.. ومن ثم فالتوقعات تدور الآن حول احتمالات تأثير هذا الإبقاء على إنعاش مؤشرات البورصات الأمريكية، والتي يتوقع أن تقود البورصات الأوربية والآسيوية الأخرى.. ومن جانب آخر، فإن سعر الفائدة الفيدرالي يعتبر هو المحدد لأسعار الفائدة البنكية في غالبية دول العالم، ويتوقع أن تظل الأخيرة عند مستوياتها الحالية، والتي هي متدنية في الغالب، بما يساعد على زيادة توجه رؤوس الأموال إلى أسواق الأسهم، بما فيها السوق السعودي.
جدل حول فك القيود المشددة على تسهيلات البنوك للمتداولين
قديما وحديثا يعتبر التسهيل أو التشدد في القروض البنكية المقدمة للمتداولين في الأسهم أحد أهم العناصر التي يمكن أن ترفع أو تخفض قيمة مؤشر السوق.. فزيادة تسهيلات الإقراض للمتداولين تزيد من السيولة التي يتم ضخها إلى السوق، وكلنا نعلم أن هذه التسهيلات كانت تصل في الفترة (2005-2006) إلى حوالي 200% من قيمة محفظة المستثمر.. وبالطبع فإن حجم الطلبات على الأسهم كانت تزيد عن حجم المعروض كثيرا، بشكل أدى إلى اندفاع الأسعار السوقية لغالبية الأسهم في موجات صعود صاروخية.. ونحن لا نتطلع إلى أن يتكرر هذا الأمر، ولكن كل الأمل أن يتم تسهيل الإقراض البنكي للمستثمرين بالمعدلات المعتدلة، والتي تساهم في إنعاش السوق، وليس تضخمه.
د. حسن الشقطي / محلل اقتصادي