Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/03/2010 G Issue 13687
السبت 04 ربيع الثاني 1431   العدد  13687
 
وزارة التجارة تلبس القفاز الحديدي
محمد سليمان العنقري

 

عادت أسعار الحديد للواجهة مجدداً لكن بارتفاع تعالت معه صيحات المستهلكين، مشتكين من حال السوق الذي تسوده التقلبات بشكل حاد ترغمهم على إعادة النظر في مشاريعهم أو خططهم للدخول للمنافسة على المشروعات التي تعرض عليهم، ولكن هذه المرة حملت بُعداً من نوع آخر؛ حيث أعلن وزير التجارة أن العقوبات الصارمة هي ما ينتظر أي متلاعب بالسوق، لكن لماذا يحدث هذا اللغط في كل مرة ترتفع فيها أسعار السلع الأساسية للمستهلك؛ فدائماً ما يرى الجميع أن الارتفاعات تأتي نتيجة غياب الرقابة وطمع التجار، ويسود الاعتقاد أن الفوضى أو العشوائية هي ما يعم السوق، ولكن يجب أن نكون منصفين بهذا الجانب؛ فلا يمكن اعتبار أن الدور الرقابي غير موجود، والدليل أن وزارة التجارة تتحرك فوراً للتصدي لأية محاولات للتأثير على الأسعار ارتفاعاً، خصوصاً أن هذه المرة حملت معها تحذيرات من نوع مختلف كإحالة قضايا المتلاعبين إلى مقام النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ليوجه من هي الجهة التي تتولى التحقيق وتطبيق العقوبات بحق المخالفين، وهذا يؤكد أن الاتجاه في هذه المرة يختلف عن سابقاته؛ كون أن الوزارة ترى جانباً غير منطقي لهذه الارتفاعات يرتكز على جوانب استغلال ارتفاع الأسعار عالمياً لتمرير نسب كبيرة من رفع الأسعار لا تتطابق مع المتغير الدولي لأسعار مواد الخام وتكاليف الإنتاج على المصنعين. وهنا لا بد من إبراز قضية تطوير العقوبات لكي تكون بمستوى يردع كل مَنْ يحاول التلاعب بالسوق لأي سلعة تمس الفرد؛ فالحديد مثلا، وفي ظل إنفاق حكومي كبير يرفع حجم الطلب، من السهل أن يُسيِّل لعاب طمع التجار أياً كانت فئاتهم أو أدوارهم للتأثير على السوق؛ حيث يكون المستهلك الفرد مقصدهم الرئيسي؛ ما يعني تعطيلاً لمشاريعهم الخاصة، خصوصا البناء السكني والتجاري ورفع التكلفة عليه والتأثير بالمحصلة على نسبة التضخم وتكاليف المعيشة وأسعار الأصول وتكاليف الإنشاء وما إلى ذلك من تضخم بالأسعار ينعكس على الكثير من الجوانب التي تمس المستهلك؛ فارتفاع الإيجارات سيمس أسعار المنتجات التي تُباع؛ لأن التكاليف تصبح أكبر؛ فالقضية ليست تغيرا بأسعار الحديد وإنما تأثير على نمط الاستهلاك وجدوى المشاريع وقدرة الفرد على الادخار؛ ولذلك فإن الدور المناط بوزارة التجارة يزداد بشكل مختلف عن أية مرحلة سابقة كان حجم المشاريع فيها أقل أو نسب التضخم منخفضة؛ فالمتغيرات العالمية يجب أن تكون مرصودة لديها بالجوانب التي تتعلق بسلع مستوردة أو تتأثر بالأسواق الدولية، وهي بالمناسبة عديدة؛ كوننا نستورد جزءا كبيرا من احتياجاتنا، كما يبرز الدور الآخر للوزارة في إيجاد الحلول التي تتناسب مع كل مرحلة؛ ففي وقت رفعت فيه الوزارة حظر التصدير عن الحديد بمعزل عن الضوابط التي حددتها أُعيد الرسم الجمركي على السلعة بعد فترة إعفاء في الفترة الماضية رغم أن كل المؤشرات كانت توضح بشكل جلي أن هناك زيادة كبيرة متوقعة على الحديد نظير خطط الإنفاق الحكومي الاستثماري بمشاريع البنى التحتية مع محدودية قدرة الإنتاج المحلي على تلبية الطلب؛ كون 30 % منه يتأثر باستيراد الكتل الحديدية من الخارج، مع العلم أن الاستهلاك قد يلامس 7 ملايين طن هذا العام، أي أن الحاجة للاستيراد محسوم أمرها، ومع إنفاق العالم الكبير من خلال خطط التحفيز فإن الطلب العالمي أيضاً سيتأثر صعوداً؛ ما يعني أن الأسعار ستتغير للأعلى؛ فلماذا غاب التقدير المناسب لحاجة السوق عن ذهن الوزارة أو مَنْ يشاركها المسؤولية لتستمر بإعفاء الحديد المستورد من الجمارك والرسوم، بل وتفتح الباب لزيادة المنافسين بالسوق المحلي عبر العديد من الطرق المباشرة وغير المباشرة.

إنَّ قضية التنسيق بين أطراف المعادلة بتوفير السلع المناسبة من حيث الكم للسوق تطرح سؤالاً جوهرياً حول غيابها على الأقل ظاهرياً، خصوصاً ونحن نعيش مرحلة تنموية كبيرة ترتكز على احتياجات كبيرة تطمح خطط الإنفاق إلى تحقيقها لتطوير البنى التحتية وتهيئتها لاستقطاب استثمارات كبيرة نتيجة الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها المملكة خلاف احتياجات المواطن الشخصية؛ فلا بد من وضع الدراسات التي تستطيع من خلالها وزارة التجارة والصناعة وغيرها من الجهات تقدير مستقبل تطورات السوق وتفنيد العوامل المؤثرة أو التي قد تؤثر فيه؛ حتى يتم تداركها مسبقاً بما فيها تقديرات المشاريع الكبيرة وإمكانية التعاطي معها بشكل خاص في احتياجاتها من السلع الأساسية بما لا يؤثر على المعروض بالسوق المحلي، مع وضع الأنظمة واللوائح كافة التي تمنع التلاعب أو وقوع مخالفات أو تطويرها ورفع سقفها لأي مستوى يتناسب مع تغير نوع هذه المخالفات، والضرب بيد من حديد على المتلاعبين بسوق الحديد.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد