المنهاج الدراسي الجامعي بمفهومه الحديث هو نظام متكامل يتكون من أربعة عناصر أساسية هي: الأهداف والمحتوى والفعاليات والتقويم، وهذه العناصر ترتبط فيما بينها بعلاقات تبادلية، والإعداد الجيد للمنهج
يتطلب ضمان جودة هذه العناصر ومراعاة ما بينها من ارتباط بحيث يشمل أي تعديل أو تطوير جميع العناصر, ولا يقتصر على عنصر واحد فقط. فجودة الكتاب الجامعي تنبع من المواصفات التي تشبع حاجات الطلاب والطالبات, وتحوز على رضاهم, مع عدم احتوائها على العيوب, ويمكن أيضاً اعتماد التصنيف التالي للمستفيدين من الكتاب الجامعي:
1. المستفيد الداخلي من داخل الجامعة (طلاب، أساتذة).
2. المستفيد الخارجي, ويمثل المهتم الذي لا يكون ضمن نطاق الجامعة (جامعات أخرى مؤسسات تعليمية وغير تعليمية، خريجون هيئات اعتماد.......) (بتصرف: جودة الكتاب الجامعي وآفاق تطويره: دراسة مقدمة إلى الندوة الوطنية لتطوير المناهج والاختصاصات التي تنظمها وزارة التعليم العالي في جامعة حلب 30-31 أيار 2007 م للأستاذ الدكتور عبد الله سعيد).
وتكمن أهمية الكتاب الجامعي أيضاً باعتباره إحدى الوثائق التي تقدمه المؤسسات التعليمية لبعض جهات الاعتماد الأكاديمي فيما يسمى الدليل الوثائقي (Documentary evidence) يتضمن ذلك الدليل المحتوى العلمي الذي يقدم للطلاب والطالبات (توصيف المقررات وأسماء المراجع ومحتواها في تلك الجامعات).
أن معايير الجودة في التعليم الجامعي مختلفة أشكالها تؤكد على أهمية الكتاب الجامعي، ولذلك على كل جامعة مطالبة بوضع سياسات تفصيلية لتحديد أفضل المراجع الجامعية لاعتمادها وفق خطوات واضحة.
وعلى الجامعات أن تضع آليات للتنفيذ والتقييم والمتابعة تتضمن تطبيق هذه السياسات في جميع الأقسام العلمية في الكليات المختلفة.
بعد النظر بواقع بعض الجامعات السعودية اتضح لي وجود خلل كبير في مجال اختيار المراجع الجامعية (كتب المقررات المعتمدة) واعتمادها- وهذا لا يقلل من وجود بعض المقررات والمراجع التي تم تأليفها بمهنية ومنهجية علمية رائعة من قبل بعض أعضاء هيئة التدريس في تلك الجامعات - ، وهذا المقال سوف يسلط الضوء على بعض جوانب الخلل ومنها: « أن بعض الجامعات تعتمد في بعض كلياتها علىكتب تم تأليفها من قبل الأساتذة الذين يدرسون في الجامعة من دون أي إجراءات للتأكيد من جودة تلك المراجع بشكل محايد، أي أن الأهواء تدخل في تحديد تلك الكتب واعتمادها من أجل تحقيق مصالح مادية للمؤلفين.
وهذا يعني أن تلك الجامعات قد اعتمدت على التجارب السيئة في بعض الجامعات العربية، ونستثني من تلك الجامعات بعض الجامعات المرموقة مثل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن فلم تكتف باعتماد الكتب والمراجع العالمية بل تقوم بتوزيعها على الطلاب مجاناً.
* تكرر بعض دور النشر في تقديم مثل تلك الكتب الرديئة لطلابنا الجامعيين دون أن يكون لدى دور النشر تلك أي لجان علمية لفحص تلك الكتب بدليل الجودة العلمية المنخفضة.
وعند تفحصي لبعض تلك الكتب في مجال الرياضيات اتضح لي أن بعض تلك الكتب هي عبارة عن (مذكرات في شكل كتب) ناهيك عن وجود أخطاء علمية فيها مع ضعف واضح في المستوى اللغوي إضافة إلى وجود اختلاف المصطلحات, وتباين المسميات في تلك الكتب.
* يلاحظ في بعض الجامعات أن بعض الأساتذة - خصوصا غير السعوديين- يجبرون طلابهم بشكل مباشر وغير مباشر على شراء كتب معينة من تأليف أولئك الأساتذة مما يؤكد غياب الرقابة من قبل الأقسام العلمية والكليات، والسيرة الذاتية المختصرة في نهاية تلك الكتب للمؤلفين يتضح أنهم يعملون في الجامعات السعودية.
* لاحظت التسابق بين بعض دور النشر لنشر الكتب والمؤلفات لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية بغض النظر عن جودتها العلمية، وهذا له انعكاسات سلبية على العملية التعليمية.
وهنا نتساءل ما هو دور وزارة التعليم العالي لعلاج تلك المشكلة التي تهتك نسيج جودة التعليم الجامعي؟.
وفي نظري أنه ينبغي على الجامعات أولاً اعتماد أي كتاب من تأليف أعضاء هيئة التدريس عبر الطرق المتعارف عليها أكاديميا قبل عرضه كمقرر أو مرجع لطلابها وطالباتها لضمان الحيادية في اعتماد مثل تلك الكتب، كما أرى ضرورة تشكيل لجنة متخصصة من وزارة التعليم العالي للوقوف على حجم الكارثة المتمثلة في كيفية اعتماد المراجع الجامعية في بعض الجامعات السعودية وتحديد آثارها السلبية على جودة العملية التعليمية وبالتالي مخرجات وزارة التعليم العالي، كما أقترح تأسيس جائزة سنوية لأفضل كتاب جامعي تم تأليفه في مختلف التخصصات بما يعزز دعم الكفاءات من أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا السعودية في التأليف العلمي.
كاتب وأكاديمي سعودي