الأجهزة التي تقدم الخدمة للمواطنين تنال من النقد المصيب والمخطئ الشيء الكثير، وهذا يأتي في غالبه نتيجة جهل الناس بما يقوم به هذا الجهاز أو ذاك، وهذا ناتج عن تغييب المعلومة الصحيحة.

في البرنامج الناجح 99 ومع مقدمه المميز صلاح الغيدان، كنت ضيف حلقة من حلقاته المؤلمة المحزنة، والتي كانت تحت عنوان (الاغتيال المفاجئ)، والتي دارت حول السقوط المفاجئ في فتحات الصرف الصحي، وتركز بشكل مباشر حول قضية الطفلة نورة المالكي، التي قضت في فتحة للصرف الصحي أمام العمارة التي تسكنها، تلك الطفلة، والتي تخلى الجميع عن المسؤولية بل وزادوا (غير مسؤولين لا من قريب ولا من بعيد)..!! في موقف أقل ما يقال عنه أنه قلة ذوق وقلة وعي وقلة شعور بالمسؤولية، وهو أمر مستغرب غاية الاستغراب، فلا يمكن أن تكون جهة ما غير مسؤولة عن قضية لها صلة بها بشكل أو بآخر لا من قريب ولا من بعيد..!!

تحدثت في هذه الحلقة بما يمليه عليَّ ضميري، لا انتظر جزاءً ولا شكوراً من أحد، ولا أخشى في الحق لومة لائم. وكان تفاعل المشاهدين والقراء الكرام تفاعلاً أثلج الصدر، وكان للبعض ملاحظات على عدم نقدي للدفاع المدني وأني كنت معهم لطيفاً مداهناً..!!

وللحقيقة فإن الدفاع المدني له من الجهود الشيء الكثير وله -بلا شك- من الأخطاء والقصور بعض الشيء. ولكن الذي أريد إبانته هنا أن أي قصور يحدث من جهاز الدفاع المدني ليس بسبب تهاون وتقاعس عن أداء دوره، وإنما نتيجة لقلة الإمكانات الموفرة له. فعلى سبيل المثال عدم وجود أكثر من فرقة كاملة التجهيز في بعض مراكز الدفاع المدني يؤخرهم عن أداء مهمتهم على الوجه الأكمل، فلو حصل بلاغان عن حادثة غرق مثلاً في اللحظة نفسها فإن استجابة الدفاع المدني ستكون -بلا شك- مؤلمة، وهذا نتيجة -كما أسلفت- قلة الإمكانات في بعض المراكز، وهذا له تأثير بالغ على أداء هذا الجهاز، وهو بالطبع ينعكس بكل أسف على سلامة الإنسان.

لذا فإن من الأهمية بمكان دعم الدفاع المدني بالإمكانيات البشرية والتقنية الحديثة ليؤدي الدور المناط به على الوجه الأكمل، ولنخلص من المقارنة بينه وبين 911 المحزنة لكل مواطن غيور، فنحن في دولة -ولله الحمد- من أغنى دول العالم ولا ينقصنا إلا مزيد من الإخلاص، ومزيد من البذل للرقي بأجهزتنا كافة لتكون كما ينبغي أن تكون عليه تنظيماً وأداء وكذلك إخلاصاً.

ولعل الصورة اتضحت لدى القراء الكرام في عدم لومي الدفاع المدني على ما يحصل من حوادث مؤلمة لكل مواطن لديه ذرة من ضمير، ولعل المسؤولين في الدفاع المدني وعلى رأسهم معالي الفريق يسعون لتحسين الأداء بتوفير متطلبات التميز والنجاح.