لم يتجاوز السابعة من عمره، ولكنه يحاكي ما شاهده، ويصف ما رأته عيناه، حينما دخل غرفة نوم أمه وأبيه، والسبب أنهما لم يعلماه الاستئذان، ولم يؤدبانه بآداب الدخول على الغير في أماكنهم الخاصة بهم، التي يمارسون فيها خصوصياتهم. فما نقل عنهما - ببراءة الطفولة - ما هو إلا نتيجة إهمالهما وعدم مبالاتهما بما أمر الله به، وبين أحكامه في كتابه الكريم، وما بعث به نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو الاستئذان الذي قال الله عنه: {لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ}، ففي هذه الأوقات يمنع الطفل الذي لم يبلغ الحلم من الدخول إلا بعد الاستئذان، وإذا بلغ الحلم فإنه يستأذن في جميع الأوقات، كما قال تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا استأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}.
إن بعض الناس يعتقد أن الأطفال الصغار لا يفقهون شيئا مما يدور حولهم، ولا يدركون بعض ما يفعل أمامهم، ولا سيما بعض الأمور الخاصة جدا، التي لا يصلح أن تفعل إلا بسرية تامة، وخصوصية كاملة، ولا شك أن ذلك من الأخطاء الكبيرة المخالفة لآداب الإسلام، والمنافية لتعاليم الشرع الحكيم، فالله جل وعلا حكيم خبير عليم، وهو الذي أمر بالاستئذان، وتعويد الأطفال عليه قبل مرحلة تكليفهم. فحري بالمسلم أن يعلم أبناءه هذا الأدب الإسلامي الرفيع، ويعودهم عليه، ويبين لهم أهميته، وخطورة تركه، روى البخاري في الأدب المفرد، أن موسى بن طلحة قال: دخلت مع أبي على أمي فدخل فاتبعته، فالتفت فدفع في صدري حتى أقعدني على إستي - أي دفعه حتى وقع على الأرض - ثم قال: أتدخل بغير إذن.
فهكذا كان سلفنا يعلمون أبناءهم، فلنحرص على تعليم أبنائنا الاستئذان، لكي لا نكون فاكهة لبعض الناس.
* حائل